قال خالد عليوة، خلال ندوة فكرية نظمتها اللجنة التحضرية للمؤتمر الوطني الـ12 للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في موضوع الدولة الاجتماعية، إن هذا المفهوم لا يتعلق بمجرد إجراءات ظرفية أو تدابير تقنية، بل يشكل رؤية شاملة تعيد رسم العلاقة بين الدولة والمجتمع، مشددا على أن الدولة الاجتماعية تؤسس لانتماء جماعي وتعيد الاعتبار لمكانة المواطن.
وأوضح عليوة أن العودة إلى النقاش حول هذا المفهوم تأتي في سياق عالمي متحول، يعرف اهتزاز المرجعيات التقليدية لليسار وتراجع الرؤى الفكرية الكبرى، داعيا الاتحاد الاشتراكي للقوات السعبية إلى استعادة موقعه في بلورة تصور متكامل للدولة الاجتماعية، يستجيب للتحولات الجارية.
واعتبر أن الدولة الاجتماعية لا يمكن أن تبنى إلا عبر تصور سياسي يقوم على المواطنة والعدالة، وليس منطق الإحسان أو الامتياز، داعيا إلى القطع مع المقاربات التي تحصر المفهوم في سياسات محدودة أو برامج موسمية لا تلامس جوهر التفاوتات.
كما أشار المتحدث إلى أن النموذج المغربي عرف في تاريخه إشارات أولى للدولة الاجتماعية، حتى قبل مرحلة الاستعمار، حين كانت الدولة تفرض الضرائب لتأمين الحاجيات العامة، لكنه شدد على أن هذا الإرث لا يكفي اليوم لبناء نموذج حديث منصف ومستدام.
وفي حديثه عن الجباية، أبرز عليوة أهمية النظام الضريبي كوسيلة لإشراك المواطن في تمويل السياسات العمومية، وضمان عدالة توزيع الثروة، منتقدا احتكار أقلية للامتيازات مقابل ضعف حضور الفئات الواسعة في عملية اتخاذ القرار.
كما نبه إلى الخلل القائم في توزيع الموارد العمومية، حيث تستحوذ النفقات غير المنتجة على الجزء الأكبر من الميزانية، بينما تظل القطاعات الاجتماعية في موقع الهامش، مما يعيق التأسيس الحقيقي للدولة الاجتماعية.
وختم عليوة مداخلته بالتشديد على أن المشروع يتطلب إرادة سياسية فعلية، وتحولا في العقليات وأساليب تدبير المال العام، مع ضرورة فتح النقاش العمومي وتوسيع دائرة المشاركة، حتى تصبح الدولة فعلا ملكا لجميع المواطنين وتُدار باسمهم ولصالحهم.