مهمة ثقيلة وتحد جديد يواجهه المغرب، بعد اشتراط وزير العدل توفير "لاكارط ناسيونال" الخاصة بالشيطان، من أجل تسهيل مهمة الوصول إليه كطرف شاهد/ محرض على علاقة آثمة في ميزان البعض، ورضائية بالنسبة لآخرين، و ذلك في تعليق ساخر على وجود الشيطان كطرف ثالث في علاقة الرجل بالمرأة.
ولأن المغرب بلد لا يعرف المستحيل، سيكون من الممتع حقا ضم صوتنا لصوت السيد الوزير، لفتح معركة نوعية تمكن هذا الـمخلوق "الهلامي" من أوراق ثبوتية يشهرها عند الحاجة !! وما أكثر حاجات هذا الغائب/ الحاضر الذي يسعفنا على التملص من كل ورطاتنا وكبواتنا وخطايانا ونزواتنا ... إذ يكفي أن تخبر الناس بأنه الجهة التي وسوست لك في الخفاء، حتى تحصد تعاطفهم.
لكن يبدو أن ميزة التعاطف هذه أصبحت اليوم في مهب الريح، بعد مطلب توفير وثيقة رسمية للشيطان من أجل استدعائه للشهادة في قضايانا الأخلاقية .. وأي ورطة سنقع فيها جميعا لو نفى عنه تهمة الوسوسة وقلب علينا الطاولة ليطالبنا بأدلة حول هذه الوسوسة، أو رفض من الأصل الحضور لخوفه التحول من شاهد إلى شريك في الجريمة، ما دمنا لم نحسم بعد نقاشنا المجتمعي حول الحريات والعلاقات الرضائية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
ومهما كانت المكاسب التي يمكن أن نخسرها كمغاربة في حال تمكين الشيطان من بطاقة، يجب علينا الإسراع في استصدار هذه النسخة الفريدة من نوعها في العالم، قبل أن يسبقنا لها البنك الدولي عبر مبادرة الهوية من أجل التنمية، التي أشارت أن هناك نحو 850 مليون شخص في العالم بدون بطاقات هوية، ما يؤثر حسب البنك الدولي سلبا على إمكانية حصولهم على عدد من الخدمات والحقوق، كالحيلولة دون استخدام الخدمات المالية، أو الحصول على الدعم المالي من الحكومة، أو التقدم بطلب للحصول على وظيفة، أو التصويت في الانتخابات، أو الحصول على خط الهاتف المحمول، إلى جانب صعوبة الحصول على الرعاية الصحية.
ولنا أن نتساءل، ما ذا لو أشهر الشيطان في وجهنا بطاقته وقدم شهادته في قضايانا الأخلاقية، هل سينسحب بعدها من بيننا، أم أنه سيزاحمنا في كل الحقوق التي توفرها البطاقة؟ هل نسق السيد وزير العدل مع باقي زملائه في الحكومة لمناقشة مدى جهوزيتهم لتمكين الشيطان في حال إشهار بطاقته من الحصول على وظيفة، وهل تتوفر مستشفياتنا على ملاءات مقاومة للنار لاستقبال ذلك المخلوق الناري، فمن المعلوم أنه لن يغامر كباقي المهمشين في طلب العلاج بالرقية عندما يتعذر توفير ميزانية للعلاج.
وهل سيكون الولوج نحو خدمات البنوك التشاركية سالكا أمام شيطان انتزع حق الحصول على بطاقة رغم كل ماضيه الربوي، أم أنه سيفتح معركة لنقد كل المرويات حوله؟ وماذا لو طالب بحقه في التصويت كخطوة ممهدة لرفع تحدي تأسيس حزب يجمع فيه شتات العفاريت؟ وماذا لو رفع قضية إثبات نسب مستحضرا إحدى تصريحات وزير العدل، حين قال أن طالبا بإحدى الجامعات قال له أن النساء أخوات الشيطان، قبل أن "يفحمه" برد " لو كانت أنت أمك أخت الشيطان ذاك شأنك، ولو كانت لكم قرابة مع الشيطان "سير عندو".
مشكلة السيد الوزير، أنه ينجرف خلف قفشاته دون اعتبار لوقعها بالنظر إلى منصبه ، مغذيا توجس البعض من كون الإصلاح المستجيب لتغيرات المجتمع مرادف لمحاربة الدين والاستهزاء منه، كما أن أدبيات النقاش تقتضي عدم تسفيه قناعات المخالف إن كانت النية توفير أرضية مشتركة ممهدة لتغيير هادئ يجد فيه كل المغاربة موطئ قدم دون تمييز أو وصاية.