دار الشعر .. تجربة مراكشية تنقل الإبداع للفضاءات التاريخية

سكينة بنزين الخميس 15 فبراير 2024

أحداث أنفو

في محاولة لكسر الصور النمطية عن الشعر الذي ينظر له كممارسة نخبوية على مستوى الفضاء والمتلقي، تمكنت دار الشعر بمراكش من تقديم نموذج مختلف، حيث « استطاعت الدارأن تصل إلى أمكنة وفضاءات نائية بعيدة، في الجبال والصحاري والسهول وفي المداشر والبوادي، في ترسيخ لعمق المؤسسة الثقافية المواطنة، وتأكيد لثقافة القرب» يقول عبدالحق ميفراني، مدير دار الشعر في تصريح لموقع "أحداث أنفو".

No Image


وبعيدا عن الاحتفاء بالكلمة الذي رسخت له صور قادمة من مكتبات ومسارح، تمكنت الدار من إيصال الشعر إلى دواوير بإمسوزارت وثلاث نيعقوب بإجوكاك، وفضاء المعتمد بأغمات، والحديقة النموذجية البيئية بأوريكا، ودوار تاركا أولاد زياد، وهي استراتيجية يرى فيها ميفراني « انفتاحا بليغا على التنوع الثقافي المغربي والتعدد اللساني لشجرة الشعر المغربي الوارفة»، مع العمل على فتح مشتل لتنمية مهارات الكتابة الإبداعية، وترسيخ قيم الشعر والتشجيع على الفعل القرائي..، من خلال ورشات الكتابة الشعرية (للأطفال واليافعين والشباب والمهتمين).

No Image


القرى تحتفي بالشعر

ومنذ تأسيس الدار سنة 2017، في إطار بروتوكول تعاون بين وزارة الثقافة المغربية ودائرة الثقافة بالشارقة، نجحت الدار في مراكمة تجربة شعرية مميزة بعيدا عن الموسمية، حيث تحرص الدار على تقديم برنامج ثقافي حافل على مدار السنة، مع ترسيخ مواعيد ثقافية يتبارى حولها عشاق الحرف، وهو ما أكدته جائزتي أحسن قصيدة والنقد الشعري، في دورتهما الخامسة، التي كشفت حسب تصريح ميفراني بموقع "أحداث أنفو"، « على الحس الاستشرافي الإبداعي والنقدي في استراتيجية الدار، عبر اكتشاف أصوات نقدية وإبداعية جديدة من مختلف مناطق المغرب، بما فيها المناطق النائية البعيدة، وهو ما كان سببا مباشرا في ظهور أصوات شعرية ونقدية قادمة الى المستقبل، والتي أكدت حضورها في المشهد الثقافي المغربي.»

No Image


وأكد مدير الدار، أن هذه المؤسسة حريصة على استحضار« رهان انفتاح الشعر على الفضاءات العمومية ومجالات الفنون، في حوارية خلاقة بين الشعر وأنماط القول الإبداعي، أسلوبا متفردا في التدبير الثقافي للعديد من البرامج الثقافية والشعرية لدار الشعر بمراكش»، حيث نجحت في تنظيم تظاهرات شعرية بالشواطئ وضمن ملتقيات جهوية، مع التأكيد على حضور الشعر إلى جانب مختلف أنماط الإبداع، وهو ما يترجمه البرنامج السنوي للدار الذي رسم عناوين عريضة همت شعراء تشكيليين، شعراء وحكواتيون، مسرحة القصيدة، الشعر والسينما، أبجديات وموسيقى، أبجديات وكوريغرافيا

إشعاع جهوي

وعن انفتاح الدار الجهوي، أوضح ميفراني أن الأنشطة شكلت حراكا ثقافيا وحركية للمجتمع المدني بالجهات الست الجنوبية، حيث تم تنظيم خيمة الشعر الحساني بالداخلة،و شواطئ الشعر بكل من سيدي إفني، أكادير، الصويرة، الوطية/طانطان، و ملتقيات الشعر الجهوية بجهة مراكش أسفي، العيون الساقية الحمراء، سوس ماسة درعة، وأنظام بقلعة مكونة، الشعر والسينما بورزازات،و ضفاف شعرية بزاكورة، حديقة التواغيل كلميم، دوار تاركة، حدائق الشعربعين أسردون/ بني ملال ... إلى جانب البرامج الثقافية والشعرية الشهرية في مدينة مراكش، في كل من مقرها بالمركز الثقافي الداوديات، أو في فضاءات مفتوحة تزاوج بين التجربة الشعرية والانفتاح على التاريخ، كما هو الحال للأنشطة التي نظمت بقصر الباهية، قصر البديع، المنارة، عرصة مولاي عبد السلام ، وفي أحواز مراكش.

وفي محطتها الأخيرة التي احتفت بالشعر في لحظة استثنائية ليلة السبت العاشر من فبراير الجاري، تمكنت الدار من إشراك ساكنة الدواوير بتاركة أولاد زياد بجماعة يتدلي مسفيوة والنواحي، في لحظات شعرية وفق تقاليد مغربية جعلت من الحدث الثقافي لحظة فرجة تجمع بين الشعر والموسيقى المحلية بأدائها الفرجوي، ما يرسخ حسب مدير الدار لـقواعد حديثة للتداول الجمالي للقصيدة، من خلال الانفتاح على القصيدة الأمازيغية ضمن سياق إبداعي هوياتي متعدد للسان الشعر المغربي، إلا أن ميزة هذا الحدث هو الانفتاح على العالم القروي المغيب عن الساحة الثقافية.