باديس..شبه جزيرة ريفية يفصلها حبل الاستعمار عن جذورها المغربية

محمد كويمن الخميس 03 أغسطس 2023

Ahdath.info

يقف الزائر مستغربا لوجود حبل يفصل بين يابستين، جمعت بينهما الجغرافية وفرق التاريخ بينهما، وهو يعاين جزء من شاطئ شبه جزيرة باديس تحت نفوذ الاستعمار الاسباني، بعدما ظلت هذه الصخرة الضخمة شاهدة لحد الآن على حقبة تاريخية جعلت منها قاعدة عسكرية اسبانية.

جزيرة باديس، التي تبعد عن مدينة الحسيمة بحوالي 50 كلم، تعد من بين أجمل المواقع السياحية بالمنطقة، والكثير من المصطافين يقصدونها للاستمتاع بجمال ساحلها المحيط بالجبال الصخرية، وأول ما يثير انتباههم العلم الاسباني الذي يرفرف فوق صخرة باديس، وكيف صار الشاطئ الصغير لشبه الجزيرة يضم خطا حدوديا يمنع تجاوزه من الطرفين ولا تفارقه أعين المراقبة العسكرية المغربية والاسبانية.

هذا الوضع في حد ذاته صار من بين مؤهلات المنقطة، التي تستقطب الزوار، باعتبار أن العديد من الوافدين على باديس يأتون لمعاينة أحد المخلفات الاستعمارية القائمة فوق التراب الوطني بالعين المجدرة، ويلتقطون صورا تذكارية مع الحبل الذي يحدد النفوذ الاسباني فوق الساحل المغربي، وكأن خطوة صغيرة فقط قد تجعلك تحت سلطة دولة أخرى وأنت لم تغادر بلدك.

والأمر أضحى مألوفا بالنسبة لأهل المنطقة، لدرجة أنهم صاروا يتعرفون حتى على مجموعة من الجنود الإسبان المتواجدين بقلعة الجزيرة، بحكم أنهم يلتقون بهم في اليابسة عند نقطة الشريط الحدودي المفتوح بين الطرفين، كما أنهم تعودوا على صوت الطائرة المروحية العسكرية الاسبانية، التي تحلق فوق رؤوسهم أكثر من مرة في الأسبوع، قادمة من مليلية المحتلة محملة بالمواد الغذائية لفائدة حوالي 30 جندي يقيمون في هذه القاعدة المخصصة كمركز استراتيجي تعتمده السلطات العسكرية الاسبانية للمراقبة البحرية في المتوسط.

وسميت هذه الجزيرة، التي صارت تستقطب في موسم الصيف زوارا من مختلف مدن المملكة للاستمتاع بشاطئها الطبيعي الجميل، نسبة إلى مدينة بادس القديمة التاريخية الواقعة في مصب وادي بادس المقابل للجزيرة تحت ضريح الوالي الصالح أبي يعقوب البادسي، ويعود الإسم الحقيقي لبادس إلى اسم مؤسس مدينة بادس الأمير "بادس لواته" سنة 90 هجرية الموافق 1709م، وتحكي بعض المؤلفات حول بادس أن آخر محاولة لاسترجاعها كانت عام 1342ه 1923م من طرف المجاهدين الريفيين بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي، وأن الجزيرة أصبحت متصلة بالبر عام 1934م.

تاريخ باديس

جزيرة قميرة أو جزيرة باديس بالإسبانية : Peñón de Vélez de la Gomera)‏ جزيرة تحت الاحتلال الاسباني، تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط لشمال المغرب. كانت مرفأ تجارياً مهماً لمدينة فاس خلال فترة الحكم الموحدي، تابعة لإسبانيا منذ عام 1564 م وهي الآن قاعدة عسكرية إسبانية تتم إدارتها من قبل مدينة مليلة.

أبرمت كلٌّ من البرتغال وإسبانيا اتفاقاً عام 1496 لتحديد مناطق تأثيرهما على ساحل شمال أفريقيا. وبحسب الاتفاق كان مسموحاً لإسبانيا بضم الأراضي شرق القميرة فقط، لكن هذا التقييد على إسبانيا انتهى بعد معركة وادي المخازن (القصر الكبير) عام 1578 عندما ضعفت البرتغال وسنحت الفرصة أمام إسبانيا فاحتلت مدينة العرائش.

في عام 1508 أطلقت إسبانيا رحلة استكشافية بقيادة بيدرو نافارو لمكافحة القراصنة الذين كانوا ينهبون ويهاجمون باستمرار سواحل إسبانيا الجنوبية، وعندها ضمت إسبانيا جزيرة قميرة.

في عام 1522 شن المغاربة هجومًا ناجحًا قضوا فيه على الحامية الإسبانية واستردوا القميرة. وفي عام 1554 أعطى الملك أبو حسون، الحاكم الجديد لمملكة فاس، القميرة للقوات العثمانية التي ساعدته في الحصول على العرش.

في عام 1563 قام الإسبان بمحاولة فاشلة لضم القميرة، لكنهم نجحوا عام 1564 تحت قيادة غارسيا الفاريز دي توليدو الذي هزم الحامية العثمانية المكونة من 150 جنديا. ومنذ ذلك الحين أصبحت تحت السيطرة الإسبانية رغم الحصار المتكرر الذي تعرضت له أعوام 1680، 1701، 1755، 1781، 1790.

وفي عام 1871 ناقش الكونغرس الإسباني التخلي عن جزيرة قميرة لأنها فقدت أهميتها العسكرية، لكن تم إسقاط المقترح في النهاية.

موسوعة ويكيبيديا