الإعلام.. إصلاح بعيدا عن الشعبوية

الرباط - فطومة نعيمي/ تصوير- محمد وراق الثلاثاء 30 مايو 2023

AHDATH.INFO

حذر وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، من تبعات التأخر في إصلاح قطاع الإعلام. ودعا الوزير إلى " الإسراع في تبني توجهات إصلاحية جريئة".

وأبرز بنسعيد أن الإصلاح لابد وأن يتحقق في "إطار من التوافق بين مختلف مكونات هذا المشهد، دون تردد، لأن كل تأخر في الإصلاح قد تكون كلفته صعبة ليس فقط على المهنيين والمنتسبين للقطاع بل على المجتمع ككل من خلال حرمانه من اعلام مهني يعكس طموحاته ويثير قضاياه ويساهم في إشعاع نيافته و هويته" على حد تعبير الوزير .

وقال المشاركون في الندوة الوطنية التي نظمها فرع الرباط للنقابة الوطنية للصحافة المغربية عشية الإثنين بالمعهد العالي للإعلام والاتصال حول موضوع "أية آفاق لمهنة الصحافة في ظل المستجدات التي يعرفها القطاع؟"، وحضرها حشد من الصحافيين قدره المنظمون بحوالي 300 صحافي وصحافية، إن المهنة في حاجة إلى تفكير عميق لبلورة منظور جديد للنهوض بالمقاولة الصحفية ودعمها في مواجهة الصعوبات التي يعرفها مجال الإعلام، ليس فقط في بلادنا بل كذلك مختلف بلدان العالم، وأن يشكل ذلك مدخلا للاهتمام بالعنصر البشري الذي يعد رافعة أساسية في كل إصلاح بعيدا عن المقاربات الشعبوية.

واعتبرت الندوة أن التحديات التي يعرفها القطاع تتطلب الإسراع في بلورة حلول معقولة وناجعة، لتمكين بلادنا من منظومة إعلامية متكاملة يشعر فيها الصحفيون بالاستقرار ويمارسون في بيئة مهنية نظيفة، وتستحضر سياق السباق الرقمي الحالي» ليكون إعلامنا في مستوى التحديات المتعددة العناوين.

وقال محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل في كلمة ألقاها نيابة عنه مصطفى أمدجار الكاتب العام للقطاع، إن "الوزارة تعمل بمعية مختلف شركائها المهنيين على التفكير العميق في بلورة منظور جديد للنهوض بالمقاولة الصحفية ودعمها في مواجهة الصعوبات التي يعرفها مجال الإعلام، ليس فقط في بلادنا بل كذلك مختلف بلدان العالم".

وأضاف بنسعيد أن "هذا التوجه يرتكز على التحفيز على وضع الأسس لمنظومة جديدة تجعل من الدعم العمومي الموجه للقطاع أداة من أدوات تعزيز صموده، تنطلق من تقييم تجربتنا في هذا المجال وتوفير فرص النهوض بالمقاولة الصحفية الوطنية على أسس أكثر صلابة، من خلال التفكير في نموذج اقتصادي ومالي متجدد وتنافسي، يعزز من قدرتها على التطور في محيط صعب يتسم بمنافسة كبيرة من طرف وسائل الإعلام والتواصل الجديدة وخاصة الشبكات الاجتماعية".

ولفت إلى أنه "إذا كانت الثورة الرقمية قد أتاحت بروز جيل جديد من وسائل الإعلام، فإن رهان تطور المشهد الإعلامي ببلادنا وصموده يبقى مرتبطا بمدى قدرته على بلورة نماذج لصحافة وإعلام قائمين على مفهوم القرب، كما هو متعارف عليه في المجال الإعلامي وتوفر التجربة الجهوية اليوم في بلادنا مجالا خصبا لهذا التطور، وذلك بما تسمح به المؤهلات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، والتي تستدعي مواكبة إعلامية واسعة وكذا جمهور متعطش للمنتوج الإعلامي الذي يعتمد على الجودة والمهنية".
يونس مجاهد، عضو المجلس الوطني الفيدرالي للنقابة، تطرق لسياقات المطالبة بإصلاح المشهد الإعلامي معتبرا أن اختيار مسلك إصلاح القوانين المشكلة لمدونة الصحافة والنشر، يعكس حقيقة تاريخية تهم عدد المرات التي عدلت فيها قوانين الصحافة في بلادنا، لأن الأمر يتعلق بقطاع حيوي، وأن الدعوة لمراجعة قانون المجلس الوطني للصحافة، ليس بدعة، بل أفرزته خلاصات ممارسة المجلس لعمله منذ تنصيبه في 5 أكتوبر 2018، والتي أبانت عن عدد من الثغرات القانونية، كما واجه العديد من الإكراهات والتحديات في ممارسة اختصاصاته، وهو ما يجعل من وضع إطار قانوني جديد أمرا ملحا قصد تجاوز العقبات التي اعترضت عمل المجلس، وذلك لترصيد مكتسبات التنظيم الذاتي للمهنة.
واعتبر مجاهد أن جوهر النقاش اليوم يدور حول ضرورة الاستجابة لمطلب مجتمعي في تغيير صورة ووضع الإعلام ببلادنا، بما يسمح بتجاوز أوضاع الهشاشة وضعف المهنية، وتخليصه من الفوضى والارتجال ليقوم بأدواره الحيوية المعهودة والمنصوص على كثير منها دستوريا وقانونيا.

من جانبه اعتبر عبد الله البقالي، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، أن اللجنة المؤقتة لتسيير المجلس الوطني للصحافة دستورية، قد راعت الحكومة في إحداثها مسطرة التشريع، وطالب بعدم منح الدعم العمومي للمقاولات الصحافية التي لا تلتزم بالزيادة في أجور صحافييها والعاملين بها.
وقال البقالي إن إحداث اللجنة المؤقتة مرتبط بنهاية ولاية المجلس، وسط فراغات قانونية حول إجراء انتخاباته، وإلى جانب الفراغ في موضوع الانتخابات، لفت البقالي إلى عدة اختلالات يتضمنها القانون المحدث للمجلس، والذي جاء على عجل وتم تجاوز مجموعة من الاختلالات التي يتضمنها في سبيل التأسيس للتنظيم الذاتي للمهنة، لكن وجب اليوم الوقوف عليها ومعالجتها.

إدريس شحتان رئيس الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين، قال إن جائحة كورونا عرت عن حقيقة الوضع الهش للقطاع، مذكرا بأن ميلاد الجمعية كان لهدف إنقاذ هذا القطاع الذي لا زال يتلقى جرعات الإنعاش إلى اليوم من الحكومة، وهاجم عددا من الشائعات التي تقودها فئة تعارض هذا التوجه الإصلاحي للقطاع، ومنها تخويف المقاولات الصغرى والمتوسطة من الإقصاء، وهو أمر غير صحيح، لأن طموح الإصلاح يتسع لإشراك الجميع عبر سلة مقترحات يكون المشترك بينها هو بناء مقاولات قادرة على تلبية مصالح المهنيين والمنتسبين لها.

واعتبر شحتان أن قطاع الإعلام ببلادنا والذي يحظى بدعم قوي ببلدنا مدعو لتجاوز النقاشات العقيمة، وأن يتقدم كل طرف يعتبر نفسه معنيا بالنيابة عن المهنيين بتصور واضح لمطلب الإصلاح، لا الاختفاء خلف شعارات وهمية لا ترى من هذا الإصلاح غير مناصب لن يكون لها أي تأثير في ظل القوانين الحالية.
الأستاذ الجامعي حميد بلغيث، قدم قراءة لمشروع قانون إحداث لجنة مؤقتة لتسيير قطاع الإعلام، معتبرا أنه بالرغم من وجود بعض أوجه الوجاهة في إحداثها وكذا العديد ممن الصعوبات التي اعترضت بداية هذه التجربة في التنظيم الذاتي ، إلا أنه يصعب، في نظره، في حالة المجلس الوطني للصحافة، قبول تبريرات تأجيل الانتخابات لتجديد هيكلة المجلس.

وأشار في هذا الصدد إلى أن المغرب استطاع أن ينظم عدة استحقاقات انتخابية في ظرفية صعبة، حرصا على انتظامها واحترام آجالها، غير أن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة للمجلس الوطني للصحافة، الذي عجز عن تنظيم انتخابات في آجالها.

في السياق نفسه، أبرز الأستاذ بلغيث أن التجارب الأولى للتنظيم الذاتي تعترضها عدة صعوبات، إذ ينصرف الاهتمام إلى البناء المؤسساتي أكثر مما ينصب الانشغال حول تأهيل القطاع.