أنور مالك لـ"أحداث أنفو": إذا حدثت أي مغامرة عسكرية بين الجزائر والمغرب فمعناها أن نظام العسكر أدرك أن نهايته محتومة (الجزء2)

حكيمة أحاجو / تصوير: ليلى لكريم الاثنين 22 ديسمبر 2025
أنور2
أنور2

يرى أنور مالك، الضابط الجزائري السابق، ورئيس المرصد الدولي لتوثيق وملاحقة جرائم إيران، أن الجزائر فشلت حتى في سياسة الكراهية التي نهجتها تجاه المغرب، مؤكدا أن المغرب وملوكه، وعلى مدار سنوات، كانت أياديهم ممدودة للجزائر، في الوقت الذي كانت فيه يد الأخيرة مغلولة.

وأوضح في حواره مع موقع "أحداث أنفو"، أن النظام الجزائري على يقين بأنه لا يمكن أن تكون دولة سادسة في المنطقة المغاربية، وأن ذلك صار في عداد المستحيلات، لأن النظام الدولي لا يقبل التغيير في الخرائط الجيوسياسية والجيواستراتيجية والجغرافية للدول.

وأضاف أن المنتظم الدولي لن يقبل كياناً جديداً يفصل المغرب عن موريتانيا وعمقه الإفريقي. ومبرراً أن القرار الأخير لمجلس الأمن لم يفاجئه، لأن القضية انتهت بالنسبة إليه منذ زار الأقاليم الجنوبية وشاهد التنمية التي تعرفها على أرض الواقع، وكذا إجماع الصحراويين على الوحدة الترابية وتجندهم وراء ملكهم.

نص الحوار:

 + هل يمكن للجزائر أن تشن الحرب على المغرب، وما الفائدة المتوقعة من التصعيد العسكري؟

++ في البداية، لما تم قطع العلاقات، أمر سعيد شنقريحة القوات المسلحة بالتحرك إلى الحدود، وتم نصب حتى قواعد صواريخ. غير أنه تحركت السفيرة الأمريكية آنذاك، وجلست معه، و"جذبت له وذنو على ما نقولوا نحن باللهجة الجزائرية". وبعد اللقاء مع السفيرة الأمريكية، في الغد تم سحب الفيالق العسكرية التي كانت على الحدود من التلاغمة وباتنا ومناطق أخرى؛ تم إرجاعها، مما يوحي بأن أمريكا تدخلت لمنع اندلاع الحرب.

أنا أستبعد المواجهة العسكرية، لكن في حالة واحدة: إذا حدثت أي مغامرة عسكرية، معناها أن النظام أدرك أن نهايته محتومة، ولم يعد لديه أي شيء لإنقاذ نفسه إلا بخلط أوراق المنطقة من خلال مغامرة فاشلة.

لكن النظام، إذا فكر في مستقبله هو نفسه، فمن المستحيل أن يغامر؛ لأنه حتى داخل المؤسسة العسكرية، ولأعطيك معلومة: من داخل المؤسسة العسكرية الجزائرية نفسها، الكراهية تجاه المغرب مرفوضة. وإذا فاز المغرب في كرة القدم، تجد العسكريين في نوادي الجيش يشطحون، يفرحون، ويساندون المغرب. وفي كأس العالم المنصرمة، تم سجن عسكريين لخمس سنوات لأنهم صوروا فيديو وهم يرقصون فرحاً لفوز المغرب في التأهل لدور الربع النهائي في قطر.

وأيضاً يجب ألا ننسى أن الشعب لن يساندهم في أي حرب ضد المغرب. وعلى المستوى العسكري، المغرب قوة عسكرية قوية ويضرب لها ألف حساب؛ وأي مواجهة مع المغرب ستكبد الطرفين خسائر، لكن الجزائر لن تفوز في هذه الحرب.

الأمر الآخر هو النظام الدولي؛ فالقرار بشأن السلم والحرب لا يملكه الجنرالات في الجزائر، بل تملكه قوى كبرى، منها الإليزيه رغم الأزمة مع فرنسا، ومنها القوى الكبرى الأخرى مثل أمريكا وغيرها.

لذلك، أنا أستبعد أي مغامرة عسكرية، وكل المعطيات تقول بأن نظام العسكر يحبون الجدل الإعلامي فقط، من أجل تخدير الجزائريين بوهم العدو المغربي طبعاً.

+ ما مستقبل الاتحاد المغاربي مع استمرار سياسة الجزائر العدائية، وكذا اختيار المغرب التوجه لعمقه الإفريقي؟

++ للأسف، أنا أحمل المسؤولية كاملة - مائة بالمائة - لفشل الاتحاد المغاربي لنظام العسكر في الجزائر. مؤخراً، كنت مع الدكتور منصف المرزوقي، الرئيس التونسي السابق، كنا في هذا المكان بالضبط وجلسنا نتحدث. وقال لي إنه حاول شخصياً أن يحيي الاتحاد المغاربي، فاصطدم بجنرالات الجزائر.

قال إن المملكة المغربية رحبت، وليبيا - رغم الظروف التي تعيشها - رحبت، تونس هو يمثلها، وموريتانيا رحبت، إلا الجزائر.

أنا أقول: الاتحاد المغاربي فجره نظام العسكر في الجزائر، بماذا فجره؟ بهذا العداء غير المبرر للمغرب، بسياسة دعم منظمة تتمثل في ميليشيا "البوليساريو"، التي ليس لديها أي حضور داخل المغرب. في مرحلة معينة، كانت لـ"البوليساريو" بعض الأنصار في الأقاليم الجنوبية المغربية، ولكن الآن صفر؛ الناس تخلوا عنها، السكان خلاص. ومؤخراً التقيت مع الناس في الأقاليم الجنوبية، وقالوا لي إنهم صاروا يتذكرون "البوليساريو" كما يستحضرون فيروس كورونا عندما أصيبوا به من قبل وانتهى. وبالتالي، النزعة الانفصالية في المغرب انتهت. وأعتقد بأن النظام الجزائري لا يمكنه أن ينجح في أي اتحاد مغاربي في وجوده.

حتى مؤخراً، حاولوا يصنعوا اتحاداً آخر عن طريق تونس وموريتانيا وليبيا، وكان الهدف - وأنا كشفته إعلامياً - أنه يعملوا اتحاداً مغاربياً على المقاس، وأن يضيفوا له من بعد إبراهيم غالي و"جمهوريته" الوهمية ومقرها خيم في تندوف؛ لأنه لا يوجد شيء اسمه "جمهورية صحراوية"، وإنما وهم حقيقي لا في الواقع ولا في المواقف. لكن للأسف فشلوا؛ لأن ليبيا رفضت، موريتانيا رفضت، حتى تونس والدولة العميقة فيها رفضت الفكرة.

وفيما يتعلق بعودة المغرب إلى عمقه الإفريقي، فالمغرب - وقبل الاتحاد المغاربي - كان عنده دبلوماسية ناعمة في العمق الأفريقي ناجحة ومتطورة بطريقة مذهلة في الفقه الدبلوماسي. لكن حقيقةً، ورغم عمقه الأفريقي القوي، إلا أن المغرب - وشهدنا ذلك من خلال التصريحات الرسمية في الخطابات الملكية وتصريحات الساسة - رهانهم دائماً على الاتحاد المغاربي؛ لأن العالم الآن يتجه إلى صراعات بين الكيانات وليس بين الدول الفردية. والدولة، كما يأكل الذئب الشاة القاسية، تتمثل في الكيانات. أنا أعتقد بأنه لا يمكن تحقيق أي اتحاد في ظل نظام عسكري لا يفقه في الدبلوماسية ولا في السياسة، ولا شيء؛ يفقه فقط نهب الأموال والفساد وتحويل الجزائر إلى ثكنة وسجن، واضطهاد الجزائريين والاستبداد بهم، وكرههم أصلاً للجزائريين؛ لأن الجزائر عبارة عن سجن كبير، والشعب الجزائري عبارة عن ما بين مساجين وعسكريين في ثكنة كبيرة اسمها الجزائر.

من يتحمل مسؤولية الإضرار بالاتحاد المغاربي - وهو قوة استراتيجية جنوب المتوسط - هو نظام العسكر في الجزائر. ومن يعمل بصدق وإخلاص وبكل ما في وسعه هو الملك المغربي محمد السادس؛ هذه حقيقة لله ثم للتاريخ.

+ بما تفسر تزايد عدد الأصوات الجزائرية المدافعة عن الوحدة الترابية للمملكة؟

++ أولاً، هؤلاء وصلوا إلى يقين بأن سياسة العداء للمغرب تضرب الجزائر. المغرب عنده كفاءات وعنده رجال وعنده نخب يدافعون عنه، ونحن كجزائريين عندنا كفاءاتنا ونخبنا ندافع عن الجزائر. ولكن وصلنا إلى قناعة بأنه لا أمن للمغرب إلا بأمن الجزائر، ولا أمن للجزائر إلا بأمن المغرب، وأنه لا يمكن أن نصبح قوة مؤثرة إلا بالاتحاد؛ وهذا الأمر يتجلى من خلال السياسة المغربية وسياسة اليد الممدودة التي دائماً يقدمها ملك المغرب محمد السادس.

هذه الحقيقة، ولذلك عندما وصلنا إلى قناعة بأن سياسة العداء تسببت في نزيف مالي أفسد وأضاع سمعة الجزائر - التي تحولت صورتها اليوم، وأنا أجول في دول عربية وإسلامية، إلى دولة تعادي الجيران، دولة تعتدي على الوحدة الترابية للجيران - بل وصلوا إلى أنهم حاولوا أن يصنعوا حركة انفصالية في الريف المغربي؛ وأنا زرت الريف المغربي ولم أجد قوماً وطنيتهم بلغت منتهى الوطنية كمغاربة مثل أهل الريف، وزرت كثيراً من المدن وجلست في بني نصر والناظور وغيرهما.

حقيقةً، أنا أعتقد بأن الجزائريين الآن أصبحوا على يقين بأنهم عاشوا نزيفاً اقتصادياً، والعسكر ضيع ثرواتهم وسرقها من أجل "البوليساريو"، لدرجة أن عناصر الجبهة الانفصالية يستفيدون من خيرات الجزائر أكثر من الجزائريين أنفسهم. وأنا لا أتكلم عن الغلابة الذين هم رهائن، وأنا أؤكد من خلال منبركم الكريم أن الناس الموجودين في المخيمات ليسوا محتجزين بل رهائن؛ لأن "البوليساريو" تحاصرهم في "دويلة وهمية"، ثم "البوليساريو" كلهم محاصرون بالجيش الجزائري، ولا يمكنهم أن يتحركوا، ومرهونون بإيجاد حل لهذه القضية وفق المقاربة الجزائرية المعادية للوحدة الترابية المغربية.

أنا أعتقد بأن هذا هو الأمر الخطير القائم، ولذلك الآن - ورغم تركيز الذباب الإلكتروني المكون من الجنود والضباط وضباط الصف إلى ذباب إلكتروني لشتم وسب المغرب، حتى يحاولوا أن يظهروا الجزائريين وكأنهم يعادون المغرب - صحيح عندهم بعض الأبواق الإعلامية التي تظهر بالصوت والصورة وهي تتلقى الأوامر، وهناك من لا يتلقى أمراً؛ لأن في ثقافتنا نحن، وأدركنا على مدار عقود، أقرب طريق إلى قلوب وجيوب الجنرالات أنك تسب المغرب وتقدس "البوليساريو".

لكن هؤلاء لو قال النظام العسكري الجزائري غداً: المغاربة إخواننا، لقالوا عاش الملك. من الأخير، هؤلاء عبارة عن أبواق، وأعتقد أن الشعب الجزائري عنده من المصائب في بلده والمعاناة وقلة المستشفيات وغلاء المعيشة والفقر والجوع والكثير من "البلاوي" التي تدعوه للاهتمام بأمره وليس بأمر المغرب.

والمغاربة أشقاؤنا، وأكبر دليل على أن النظام فشل في كل شيء - حتى الكراهية التي أنفق عليها المليارات من أجل أن تكون كراهية بين الجزائريين والمغاربة - فشل فيها أيضاً. ويكفي أن المصاهرة بين المغاربة والجزائريين في المهجر مذهلة؛ أكثر الجزائريين في المهجر متزوجون من مغربيات، وأكثر المغاربة في المهجر متزوجون من جزائريات. هذا دليل، وهذا أكبر إثبات على أن النظام فشل في كل شيء، حتى في زرع الكراهية.