GEN Z!

بقلم: المختار لغزيوي الاثنين 29 سبتمبر 2025
b0c9a127-8e1e-45c2-ab44-29ad026f7927
b0c9a127-8e1e-45c2-ab44-29ad026f7927

هذه "الجينيراسيون" بالتحديد لا يحق لنا الحديث باسمها، ولا يجوز لنا أن ننوب عنها في شيء، وليس بإمكاننا أن نتعامل بالكلمات الفضفاضة والمصطلحات الرنانة عنها وعن صوتها، ومطالبها، وطموحها وبقية أشيائها. 

وطبعا، وهذا هو أهم الأهم: هذه "الجينيراسيون" تمتلك ترياقا مضادا للركمجة، أو الركوب عليها، عكس الأجيال السابقة، لذلك يستحيل على هواة الركوب على كل شيء، الذين راكموا لدى كل الأجيال السابقة كل الإحباطات، وأصابوا كل الحقب المتعاقبة بكل الأمراض والأدواء، أن يعيدوا نفس المقلب فيها ومعها. 

كل الذي نستطيعه مع هذه "الجينيراسيون"، وأغلبنا لديه أبناء فيها ومنها، هو أن نحاول القيام معها بما لم نقم به أبدا من قبل: الاستماع إليها، والإنصات لما تقوله، والانتباه لما تفعله، وانتظار انعكاس هذا الصوت الجديد على مجتمعاتنا. 

يجب أن نفعلها هذه المرة، لأننا لم نفعلها في كل المرات السابقة، وتسلحنا دوما بغباء الحديث باسم كل الوافدين الجدد دون أن يطلبوا منا ذلك، وتحايلنا عليهم وعلى أصواتهم حتى فقدت مميزاتها، وصارت تشبه السائد العادي. 

هذه المرة... لا. 

نعرف جيدا أننا نعيش في مجتمع يخشى الجديد، ويخاف من الفرد والتفرد والفرادة، ويريد كائنات تتشابه، بلا طعم، ولا لون، ولا رائحة، تصدر نفس الغثاء حين تفتح فمها، وتتحدث بنفس طريقة القدماء البائدة، وتتعارك بنفس وسائلهم الغبية، وتمثل دور التنوع وهي واحدة متشابهة متكلسة، لكن هذا الأمر غير ممكن الدوام إلى ما لا نهاية. 

المجتمعات الحية تجدد نفسها بقوة الفعل وضرورة الأشياء، وتخترع، عندما يتأكد قدماؤها من أنهم قد حنطوا الجميع، أشكال تعبير جديد لا يفهم "كودها" من صنعوا "الأكواد" القديمة، واعتبروها نهاية كل شيء.

من الموسيقى وتعبيراتها المختلفة التي لم يفهمها المزمنون يوما، إلى طريقة اللباس، وشكل الحديث، بل وحتى شكل قصة الشعر، أو شكل ارتداء السروال، ثم إلى بقية البقية؛ غرف الدردشة المغلقة بين هذه "الجينيراسيون" المفتوحة على كل احتمالات الحرية، وشكل تعاملها مع ما نعتبره نحن أمورا كبيرة للغاية، وكيف يضحكون وهم يطرقونها بخفة ويعبرون إلى ما هو أكبر منها وهم يقولون "راك قديم آلعميم" عندما تستغرب ما تعتبره أنت نزقهم، ويعتبرونه هم العادي الطبيعي من الأشياء الذي لا يتطلب كل هذا الهلع الهارب من عينيك... هذه كلها أمور لم نلتقطها في السابق، لكي يأتي متكلسونا الآن ويمثلوا على الجميع دور من يفهم، ويشرعوا مجددا في الحديث باسم هؤلاء الجدد "حتى هوما".

أيها المحنطون العاجزون عن فهم وقبول الاختلاف منذ القديم: تراجعوا الآن إلى الوراء، واستمعوا، أو حاولوا على الأقل، لأننا نعرف جيدا عجزكم عن الاستماع للأصوات التي لا تروقكم، أن تنصتوا لهذه "الجينيراسيون" التي نقول لكم منذ القديم ــ أيها القدامى ــ وترفضون موافقتنا عليها إنها "هربانة عليكم بزاف"، لكنكم ــ كالعادة ــ لا تعلمون، ومع ذلك... تتكلمون.