مزور: تكشف جديد ملف الأسواق وتؤكد أن البيضاء تبنى كل يوم لتكون في مستوى طموحات المغاربة

نائبة رئيسة مجلس البيضاء المكلفة بالشؤون الاقتصادية قالت ترحيل أسواق الخضر والفواكه والمجازر خارج المجال الحضري خطوة استراتيجية مهمة
حاورتها : حكيمة أحاجو الجمعة 11 يوليو 2025
مليكة مزور نائبة عندة الدار البيضاء
مليكة مزور نائبة عندة الدار البيضاء

أكدت مليكة مزور، نائبة رئيسة مجلس جماعة الدار البيضاء، المكلفة بالشؤون الاقتصادية، أن مشروع ترحيل أسواق الجملة للخضر والفواكه والمجازر إلى منطقة حد السوالم في الدار البيضاء يمثل خطوة استراتيجية غير مسبوقة تهدف إلى إعادة هيكلة قطاع الأسواق الكبرى بطريقة حديثة وفعالة.

وأضاف أن هذا المشروع الطموح يرتكز على رؤية مستقبلية تواكب المعايير الدولية في البنيات التحتية والتنظيم والخدمات، ليضع الدار البيضاء في مصاف المدن المتقدمة اقتصادياً وتنمويا.

وأبرزت أن الاستثمار في هذا المشروع يتجاوز 2 مليار درهم، دون احتساب تكلفة اقتناء العقار، ويعكس التزام جماعة الدار البيضاء ومختلف الشركاء الحكوميين والمحليين بتنمية الاقتصاد المحلي وتحسين ظروف العمل للمهنيين. وشددت على أن المشروع لا يهدف فقط إلى نقل الأسواق، بل إلى خلق بنية تحتية جديدة تعيد التوازن للنسيج الحضري، تحسن جودة حياة السكان، وتضبط تنظيم التوزيع والأسعار، ما يعزز من جاذبية الدار البيضاء الاقتصادية.

وأفادت مزور في حوارها مع "أحداث أنفو"، أن هذا المشروع يعكس إرادة جماعة الدار البيضاء في بناء مدينة منظمة ومستدامة، تواكب تطلعات ساكنتها وتلبي تحديات التنمية المستقبلية بخطى ثابتة وواضحة.

نص الحوار:

كان مجلس الدار البيضاء وضع خطة طريق لترحيل أسواق الجملة للخضر والفواكه وكذا المجازر إلى منطقة حد السوالم، أين وصل هذا المشروع؟ حديثنا عن مميزاته ومعاييره؟

بكل وضوح، نحن أمام مشروع استراتيجي غير مسبوق، يهدف إلى إعادة هيكلة قطاع أسواق الجملة والمجازر في الدار البيضاء بطريقة حديثة وفعالة هذا المشروع الجديد يتميز برؤية مستقبلية قائمة على معايير دولية فيما يخص البنيات، التنظيم، والخدمات.

مشروع ترحيل أسواق الجملة نحو منصة تسويق المنتجات الفلاحية والغدائية لم يعد مجرد فكرة، بل هو اليوم مشروع مؤطر باتفاقية شراكة استراتيجية، تجمع بين جماعة الدار البيضاء صاحبة المشروع وأكثر من عشرة شركاء مؤسساتيين طرفاً أعلى مستوى، من شركاء حكوميين وشركاء محليين.

نحن الآن في المرحلة النهائية للمصادقة على هذه الاتفاقية، وسنعرضها قريباً على مجلس جماعة الدار البيضاء قصد المصادقة النهائية.

المشروع يمثل استثماراً استراتيجياً ضخمًا، بكلفة تتجاوز 2 مليار درهم، دون احتساب اقتناء العقار، ويشمل إحداث منصة متكاملة لتسويق المنتجات الفلاحية والبحرية والغذائية، بفضاءات مهنية حديثة تضم أسواقاً مخصصة للفواكه والخضر، الأسماك، اللحوم، ومرافق لوجستية متقدمة تشمل التخزين والتوزيع والتبريد، إلى جانب خدمات مالية وصحية وتجارية.

المشروع يستجيب لأعلى المعايير البيئية والصحية، ويأتي تنفيذاً لتوجيهات ملكية سامية، ويتناغم مع الاستراتيجيات الوطنية الكبرى.

الهدف الرئيسي هو إحداث جيل جديد من البنيات التحتية للأسواق بالجملة، تُعيد التوازن للنسيج الحضري، وتُحسّن شروط اشتغال المهنيين، وتُسهم في ضبط وتنظيم التوزيع والأسعار، والرفع من الجاذبية الاقتصادية للجهة، وخصوصاً العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء.

وأود أن أؤكد، من موقعي كنائبة أولى لعمدة مدينة الدار البيضاء، أن هذا المشروع يشكل رافعة أساسية لتنظيم الاقتصاد المحلي، وتحقيق العدالة المجالية، وضمان شروط الكرامة والنجاعة والمردودية لكل الفاعلين، من منتجين وموزعين ومهنيين ومستهلكين على حد سواء.

أحداث أنفو: هل عقدتم لقاءات مع التجار والمهنيين الذين سبقوا وعبروا عن تخوفهم من الترحيل؟

طبعاً. نحن نشتغل بمنهجية تشاركية، وقبل بلورة الصيغة النهائية للمشروع، تم الإنصات لعدد مهم من المهنيين والتجار في إطار الدراسة الخاصة.

نحن واعون تماماً بأن أي عملية انتقال كبرى قد تثير تخوفات مشروعة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالاستقرار المهني والمعيشي. ولهذا، نحرص على الشفافية من أجل تبديد تلك المخاوف، وتوضيح الفوائد الحقيقية التي سيجنيها المهنيون أنفسهم.

 أحداث أنفو: البعض يقول إن الترحيل مضر بالتجار والمستهلكين لأن منطقة لخيايطة التي سترحل لها الأسواق بعيدة وبالتالي ستؤثر على الأسعار؟

أطمئن الجميع أن المشروع تم تصميمه ليضمن استمرارية نفس الحقوق والامتيازات التي يتمتع بها التجار حالياً، بل وأكثر من ذلك. الموقع الجديد في حد السوالم - وتحديداً بلدية لخيايطة - تم اختياره بعناية لاعتبارات لوجستيكية وجغرافية، وبنية استقبال مؤهلة، مما سيساهم في تحسين السلسلة التجارية وتوسيع قاعدة الزبناء، وليس العكس.

ونوكد أن المشروع سيترافق مع تدابير لحماية القدرة الشرائية للمستهلكين

أحداث أنفو: لماذا فشلت تجربة الأسواق النموذجية في عدة مقاطعات بالدار البيضاء كالحي الحسني والحي المحمدي وسيدي مومن وغيرها؟

أولاً، من المهم أن نوضح أن أغلب الأسواق النموذجية التي أُحدثت في السنوات الماضية لا تندرج ضمن اختصاص التسيير المباشر لجماعة الدار البيضاء.

ومع ذلك، لا يمكننا الحديث عن "فشل" لهذه التجربة، لأنها حققت في العديد من الحالات انعكاسات إيجابية على المستوى الاجتماعي، وساهمت في محاربة الفوضى وتحسين شروط العمل الخاصة بالتجار

لكن نعم، نعترف أنه بالإمكان تحقيق نتائج أفضل بكثير في مختلف الأسواق في مدينة الدار البيضاء لو توفرت شروط الاستدامة والاندماج التجاري والتدبيري. الإشكال ليس في النموذج نفسه، بل في غياب بعض الشروط وكذلك ضعف التغيير في سلوكيات الاستهلاك لدى المواطنين والممارسات التجارية التقليدية لدى المهنيين.

اليوم، في الأسواق التي نديرها بشكل مباشر كمجلس جماعي، نشتغل على مقاربة جديدة في تدبير الأسواق الجماعية. نعمل على إرساء جيل جديد من الأسواق، تكون في مستوى تطلعات التجار والمواطنين، من حيث الجودة، النظافة، التنظيم، السلامة، والجاذبية الاقتصادية.

الدار البيضاء تستحق فضاءات تجارية حديثة، تُحفّز الاقتصاد المحلي، وتُوفر بيئة كريمة وآمنة للتجار والمواطنين وهذا هو الرهان الذي نرفعه اليوم بكل مسؤولية.

 أحداث أنفو: أثار هدم محلات سوق دلاس والمسيرة احتجاجات التجار، ما الحلول المقدم لهؤلاء وهل توصلتم لاتفاق مع المعنيين؟

نحن نشتغل بمنطق العدالة والوضوح. كل عملية هدم تسبقها عملية جرد دقيقة للمستفيدين الحقيقيين. الهدف ليس إقصاء أحد، بل إعادة تنظيم الأسواق وتحسين ظروف العمل والسلامة. والأولوية دائماً تعطى للذين كانوا يستغلون المحلات بطريقة قانونية، ونفتح المجال دائماً للحوار والتفاهم لأن سوق درب غلف اليوم ليس ملكا فقط للبيضاويين بل هو مركز تجاري حيوي ذو بعد وطني استراتيجي يساهم بشكل كبير في خلق الثروة وفرص الشغل؛ لذلك من الضروري تثمين وتطوير سوق درب غلف ليكون في مستوى تطلعات الجميع.

أحداث أنفو: بعض المهنيين يقولون إن بعض المنتخبين ومجلس المدينة هم من يستفيدون من ترحيل الأسواق بما تردون؟:

هذا خطاب شعبوي مرفوض وغير مسؤول، ولا يستند لأي دليل.

نحن نشتغل في إطار القانون، وبمؤسسات منتخبة تخضع للمساءلة والمراقبة.

الترحيل لا يتم لأسباب خفية، بل لأهداف واضحة وعلنية تتعلق بالتنمية، التنظيم، وتحسين ظروف العيش والعمل.

أحداث أنفو: ما حقيقة ترحيل أسواق كراج علال والقريعة وبخصوص سوق درب غلف هل نجحت الجماعة في اقتناء السوق من مالكه؟

فيما يخص درب غلف، فقد تم الشروع فعلياً في إعداد تصور جديد لتأهيل السوق، وهو مشروع كبير ينتظر المصادقة النهائية على وثائق التهيئة من أجل نزع الملكية واعتماد الهيكلة الجديدة.

أما الأسواق الأخرى، فكل مشروع يخضع لمسار خاص، وفق أولويات مدروسة وظروف ميدانية، مع مراعاة الوضعية العقارية والاجتماعية.

وسوق درب غلف ليس مجرد سوق محلي، بل هو مركز تجاري وطني استراتيجي، يُسهم بشكل كبير في الدورة الاقتصادية، ويخلق آلاف فرص الشغل المباشرة والغير مباشرة، ويستقطب الزبناء من جميع أنحاء المغرب. ومن هنا، نعتبر أن تثمينه وتحديثه أصبح ضرورة ملحة.

نعمل اليوم على تصور هيكلي جديد لهذا السوق العريق، يراعي حاجيات التجار، يحافظ على دينامية النشاط الاقتصادي، ويُحسن ظروف الاستغلال، في انسجام مع التحولات العمرانية والاقتصادية التي تعرفها المدينة.

نحن نؤمن بأن الحفاظ على التوازن بين الحق في التنظيم، والحق في العيش الكريم هو مسؤولية جماعية، وهو ما نحرص عليه اليوم بكل وضوح وشجاعة.

أحداث أنفو: أين وصلت هيكلة درب عمر، لأن الشاحنات لازالت تدخل للسوق وبالتالي تساهم في بلوكاج المدينة؟

مشروع إعادة هيكلة درب عمر يدخل ضمن رؤية شاملة لحل مشكل الاكتظاظ والاختناق المروري، وقد بدأنا بالفعل في تنزيل الحل البديل من خلال منصة لوجيستيكية جديدة في درب مديونة.

الهدف هو تنظيم الشحن والتوزيع خارج مركز المدينة، والتقليل من الضغط على الشوارع المحيطة.

نحن واعون بأهمية هذا الملف، ونعمل بتدرج وواقعية من أجل نتائج ملموسة.

لقد بدأنا بالفعل بتنزيل حل بديل يتمثل في إحداث منصة لوجيستيكية متكاملة بمنطقة درب مديونة، وذلك من أجل نقل جزء من عمليات الشحن والتفريغ والتوزيع إلى خارج مركز المدينة.

التجار والباعة بالتقسيط سيواصلون عملهم من داخل محلاتهم، في حين سيتم توجيه تجار الجملة تدريجيا نحو الفضاءات الجديدة، المخصصة لهذا الغرض

نعرف جيداً أهمية هذا الملف وأبعاده الاقتصادية والاجتماعية، ولهذا نشتغل عليه بتدرج، إنصات وواقعية، حتى نحقق نتائج ملموسة تخدم الجميع: التجار، الساكنة، ومصالح المدينة الكبرى.

درب عمر يظل قلباً اقتصادياً نابضاً للدار البيضاء، وواجبنا اليوم أن نحافظ على نبضه، ولكن بتنظيم حديث واستراتيجيات مستدامة.

أحداث أنفو: ما هو تصورك لمدينة الدار البيضاء في المستقبل القريب خصوصا في ظل الاستحقاقات الكبيرة التي تنتظر المدينة؟

أشكركم على هذا الحوار الهادف، وأود أن أؤكد في الختام أن الدار البيضاء ليست فقط مدينة كبيرة بحجمها ومكانتها، بل بمستوى تطلعات ساكنتها وتحدياتها المتعددة.

 نحن نعمل اليوم بمقاربة جديدة، تقوم على الشفافية، التواصل، والتشارك، من أجل بناء مدينة منظمة، عادلة، ومستدامة.

 الإصلاحات التي نقوم بها ليست سهلة، لكنها ضرورية، ونتقدم فيها بخطى ثابتة، بإرادة قوية، وبتعاون الجميع: مؤسسات الدولة، المنتخبين، المهنيين، والمواطنين. أؤمن أن مستقبل الدار البيضاء يُبنى كل يوم، خطوة بخطوة، بثقة، وبالإنصات، وبالعمل الميداني الحقيقي. البيضاء تتحرك، البيضاء تتغير، والرهان اليوم هو أن ننجح جماعياً في جعلها مدينة في مستوى طموحات المغاربة وكرامة كل ساكنيها.