في تطور جديد يهم آلاف المواطنين من الفئات الهشة بمدينة الدار البيضاء، وجهت نبيلة ارميلي، رئيسة مجلس جماعة الدار البيضاء، مراسلة لرؤساء المقاطعات تدعوهم من خلالها إلى وقف صرف الأدوية، خاصة أدوية الأمراض المزمنة كالسكري. وجاء في مراسلة العمدة أن قرار وقف صرف الأدوية لم يكن قراراً اعتباطياً، بل جاء استجابة لتوصيات تقرير المجلس الجهوي للحسابات الخاص بالجماعة. وأكدت أن التقرير أشار إلى وجود اختلالات في طريقة تدبير صرف الأدوية، أبرزها غياب صيدلي مختص يشرف على العملية، وكذا عدم توفر أماكن تخزين ملائمة للأدوية داخل المرافق الجماعية.
وفي تصريح لموقع "أحداث أنفو"، أكد يوسف الرخيص، رئيس مقاطعة الحي المحمدي، أن سبب توقف توزيع الأدوية يعود إلى ملاحظات المجلس الجهوي للحسابات الذي أشار إلى مخالفتين أساسيتين وهما: "غياب صيدلي مختص لشراء الأدوية، وعدم توفر أماكن مناسبة لتخزينها"، مما أدى إلى تعليق العملية مؤقتاً.
وأضاف أن هناك أدوية تشتريها المقاطعات بحوالي 150 مليون سنتيم لكل مقاطعة، وأخرى يقتنيها مجلس جماعة الدار البيضاء ويتم توزيعها على المقاطعات، ويقدر ثمنها بحوالي 12 مليار سنتيم، مبرزا أن "الدور الحقيقي لمصلحة حفظ الصحة هو مراقبة المحلات والنظافة ومتابعة الوفيات والأوبئة، لكننا ورثنا هذا الاختصاص الإضافي المتمثل في توزيع الأدوية على المحتاجين". يوضح الرخيص.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
وطمأن المتحدث ذاته المواطنين قائلاً: "العمدة وجدت حلاً بديلاً يتمثل في توقيع اتفاقية مع المندوبية الجهوية للصحة، حيث ستتولى هي عملية شراء الأدوية وتزويد مقاطعاتنا بها، وبالتالي المواطن لن يتضرر".
وكشف أن عدد المستفيدين من الأدوية في الحي المحمدي وحده يصل إلى 3000 شخص شهرياً، معظمهم من مرضى السكري الذين يحتاجون إلى أدوية باهظة الثمن مثل الأنسولين الذي يصل سعر العلبة الواحدة منه إلى 150 درهماً.
وفي سياق متصل، كشف رئيس المقاطعة عن مشروع طموح لإنشاء منظومة رقمية موحدة بين المقاطعات والمستشفيات العمومية، قائلاً: "نريد تطبيقاً إلكترونياً يمنع استفادة الشخص نفسه من الدواء مرتين، لأننا نلاحظ أن بعض المواطنين يأخذون الأدوية منا ومن المستشفيات، مما يحرم آخرين من حقهم".
وأضاف: "عندما نزور منازل بعض المتوفين، نجد كميات هائلة من الأدوية مكدسة لديهم، أخذوها من عندنا ومن المستشفيات العمومية".
وفي خطوة لتحسين الخدمات الصحية، أعلن المسؤول عن تعزيز الطاقم الطبي في المقاطعات: "زودتنا الرئيسة بأطباء جدد، وتم توظيف 16 طبيباً و9 ممرضين موزعين على المقاطعات الـ16، بالإضافة إلى تقنيين متخصصين في حفظ الصحة".
و أكدت المراسلة أنه، في إطار سياسة الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، تم وضع نسخة إلكترونية من تقرير المجلس الجهوي للحسابات رهن إشارة المسؤولين المعنيين، قصد الاطلاع عليه واتخاذ ما يلزم من إجراءات تصحيحية.
وأوضحت الجماعة في مراسلتها أن مكتب حفظ الصحة بالجماعة لا يمكنه الاستمرار في صرف الأدوية إلى حين تسوية الوضعية القانونية وتنفيذ توصيات المجلس الجهوي للحسابات، مشددة على ضرورة احترام الضوابط القانونية في تدبير الأدوية، حماية لصحة المواطنين وضماناً للشفافية في صرفها.
في ظل هذا الوضع، تتجه الأنظار إلى إمكانية توقيع اتفاقيات شراكة مع مندوبية الصحة الجهوية، لتولي مهمة شراء وتوزيع الأدوية على الفئات الهشة، في انتظار تسوية الوضعية القانونية داخل الجماعة.
ويأتي هذا القرار في وقت يعتمد فيه آلاف المواطنين، خاصة مرضى السكري وأصحاب الأمراض المزمنة، على الأدوية التي تصرفها الجماعة بشكل دوري. وهو ما يطرح تحديات اجتماعية وصحية كبيرة، ويستدعي تسريع وتيرة الإصلاحات لضمان عدم حرمان هذه الفئات من حقها في العلاج.