على الرغم من الضجيج الذي أثارته شبكات التواصل الاجتماعي، امتنع المغاربة، أو أغلبهم على الأقل، عن ذبح أضحية العيد.
كان المشهد قبل يوم العيد صاخبا حيث تهافت الناس على شراء بعض لوازم الاحتفال بالعيد "الكبير" بما في ذلك اللحوم. وقد أدى الأمر في بعض الأحيان إلى رفع الأثمنة، وهذا أمر لا يتعلق بالناس بقدر ما يرتبط بفوضى السوق الذي يخضع لسلوكات الجشع وغياب قواعد تنظم العملية وتتحكم فيها.
ومهما يكون الأمر فإن أمر شراء لوازم الاحتفال بالعيد لا تضر في شيء ولا تكسر هدف الحفاظ على القطيع وتجنب المضاربة والغلاء وغيرها مما يرتبط بأسواق الأغنام في هذه المناسبة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
لقد مر يوم العيد، واختفت فيه كل السلوكات التي كانت تخدش شعيرة الأضحية بدلالاتها الدينية والدنوية. وعاشت المدن الكبرى، بالخصوص، دون أزبال ودون ضجيج ودون سلوكات لا تمت للمدنية بشئ.
هو أمر يستحق الانتباه. فالمغاربة شعب يعرف قيمة التقيد بالصرامة المطلوبة في الأزمات وفي الوقت المطلوب للتضامن والامتثال للواجب الوطني. وقد جاءت الإهابة الملكية للمغاربة بعدم ذبح الأضحية لهذا العام بأهداف اجتماعية واقتصادية.
لقد كان من المحتمل أن يذبح المغاربة حوالي ستة ملايين رأس من الأغنام والأبقار والماعز. هذا الرقم ليس بالشئ الهين وهو ما يعني السقوط في مرحلة الخصاص شبه المطلق في القطيع. وهذا بالتالي سيكون له تأثير كبير على وضعية قطيع الماشية، وأيضا على سوق اللحوم في القادم من الأيام. وبما أن الفعل الديني يقبل المرونة ويعطي الحلول، فإن اللجوء إلى إمكانية أن ينوب الإمام عن الأمة في ذبح الأضحية، له من الأفضال على الناس الشيء الكثير.
إلى جانب الحفاظ على قطيع الماشية، فإن عدم ذبح الأضحية قد وفر على العديد من الأسر الإحراج، خصوصا وأن كل المؤشرات كانت تفيد بأن الأسعار لهذه السنة ستكون جد مرتفعة..
طبعا لكل قرار جوانبه الإيجابية وأخرى سلبية. وقد تضررت فئات من المجتمع من إعفاء المغاربة من الأضحية. وهذه الفئات هي التي تنتعش دوما في هذه المناسبة، سواء كفلاحين أو كحرفيين ومهنيين. غير أن المصلحة العامة للبلاد تتطلب التضحية، لكنها أيضا تتطلب تدخل الحكومة لدعم المتضررين المباشرين.
لا شك أن دواعي عدم ذبح الأضاحي متوفرة وشروط ذلك ملزمة وصارمة، غير أن الأمر يتطلب عملا آخر أكبر تتحمل فيه الحكومة الجزء الأكبر. فالحفاظ على القطيع من المواشي وتنميته يبقى تحديا قائما، ويتطلب من الحكومة تسطير برامج وتفعيلها على أرض الواقع.
لقد مرت على المغرب سنوات جفاف أثرت على الفلاحة وعلى الماشية، وتزامن ذلك مع سنوات جائحة كورونا ومخلفاتها. وفاقمت بعض السياسات الفلاحية والتجارية من الوضع، وكل هذا أدى إلى ما وصلنا إليه. ولكي يكون لعدم ذبح الأضحية معنى، فمن الواجب أن تكون السنة الفاصلة مع العيد القادم، سنة فعل حكومي عقلاني وفعال لإرجاع الأمور إلى ما يجب أن تكون عليه. وهذا هو السلوك الذي يمكنه تقييم وتثمين الفعل الديني والمدني في نفس الوقت...