عرفت الحركة الشعبية، مؤخرا، سلسلة من الانسحابات الجماعية شملت أسماء وازنة من بين المنتخبين والقيادات المحلية ونواب سابقين، التي عكست تراكما طويل الأمد من الخلافات الداخلية والتذمر من غياب آليات التسيير الديمقراطي داخل الحزب، خاصة بعد وصول محمد أوزين إلى الأمانة العامة، وهو ما اعتبره عدد من الأعضاء لحظة فاصلة اتسمت بتركز القرار في يد واحدة، وتهميش ممنهج للكفاءات، ومحاولات لإقصاء كل صوت مخالف.
ومن بين الوجوه البارزة التي غادرت سفينة الحزب، يبرز اسم محمد الفاضيلي، الذي لم يكتف بالانسحاب بل يستعد، بمعية عدد من رفاقه، لإطلاق مشروع سياسي جديد، تحت مسمى "الحركة الديمقراطية الشعبية".
الحزب الجديد لم يكتفي أصحابه باستلهام اسمه من حزب السنبلة، بل قام ايضا استقطاب عدد من المترددين داخل الحركة الشعبية، متعهدا بإرساء تجربة حزبية تختلف من حيث المنهج والمقاربة، وقائمة على احترام الكفاءة وربط المسؤولية بالمحاسبة، وهو ما لقي صدى إيجابيا في عدد من الأقاليم، خاصة في مناطق مثل الشرق والريف، التي طالما شكلت خزانا انتخابيا مهما للحركة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
وأمام هذه التطورات المتلاحقة، اختارت القيادة الحالية للحركة الشعبية التقليل من وقع ما بجرب، رافضة توصيف الأمر بالانشقاق، ومعتبرة أن ما يحدث ليس سوى تحرك محدود يسعى أصحابه لتصفية حسابات شخصية تحت غطاء سياسي.
لكن وبغض النظر عن التقييمات المتباينة، فإن ما جرى يمكن اعتباره دليلا على حركية المشهد الحزبي المغربي، الذي لا يزال يفرز تحولات تؤشر إلى نهاية مرحلة وبداية أخرى، سواء من خلال إعادة ترتيب الأوراق داخل الكيانات التقليدية أو من خلال بروز محاولات لبناء كيانات سياسية جديدة تسعى لتموقع مختلف، خاصة مع اقتراب المحطات الانتخابية المقبلة.