تخليدا للذكرى العشرين لانطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبحضور شخصيات مدنية وعسكرية ورؤساء الجماعات وممثلي الهيئات المنتخبة وفعاليات المجتمع المدني، وتحت شعار "20 سنة في خدمة التنمية البشرية"، شهدت القاعة الكبرى لدار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تنظيم لقاء تواصلي بمشاركة كافة الفاعلين.
وخلال اللقاء المتميز، أشار عامل إقليم تارودانت السيد مبروك تابت في كلمته بالمناسبة إلى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية هي مبادرة ملكية سامية تشكل مرجعية وطنية راسخة في مجال التنمية البشرية والإدماج الاجتماعي، مؤكدًا أن اللقاء مناسبة لاستحضار الإرادة الملكية السامية بفخر واعتزاز، والرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، الذي أطلق هذا الورش الملكي الرائد بتاريخ 18 ماي 2005، بهدف إرساء أسس تنمية بشرية شاملة والنهوض بأوضاع الفئات الهشة وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية وتحقيق الإدماج الاجتماعي وترسيخ قيم المواطنة الفاعلة.
وأشار إلى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية شكلت منذ انطلاقتها تحولًا نوعيًا في مقاربة التنمية، حيث وُضع العنصر البشري في صلب الأولويات باعتباره فاعلًا ومحورًا لأي مسار تنموي. وعلى مدى عقدين من الزمن، مكنت المبادرة من تحسين الظروف المعيشية للمواطنين بفضل اعتمادها على مقاربة تشاركية ومندمجة تقوم على قيم نبيلة تشمل الكرامة والمشاركة والاستمرارية والثقة والحكامة الجيدة، وترتكز على مبادئ القرب والتشاور والشراكة والتعاقد والشفافية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
أما على مستوى إقليم تارودانت، فقد أشار السيد العامل إلى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية شهدت دينامية تنموية متميزة، حيث تم استثمار أزيد من 2.16 مليار درهم خلال 20 سنة، أُنجز خلالها 4677 مشروعًا وعملية تنموية غطت قطاعات حيوية كالتعليم والصحة والبنيات التحتية الأساسية وريادة الأعمال والاقتصاد الاجتماعي والتضامني. وقد توزعت هذه المشاريع على ثلاث مراحل رئيسية تميزت كل واحدة منها بأولويات محددة واستهداف دقيق للفئات المعنية.
ففي المرحلة الأولى الممتدة من سنة 2005 إلى غاية 2010، تم إطلاق برامج محاربة الفقر بالوسط القروي ومحاربة الهشاشة والتهميش والبرنامج الأفقي، واستهدفت 42 جماعة ترابية مع إنجاز 1421 مشروعًا باستثمار بلغ 303 مليون درهم. وفي المرحلة الثانية التي امتدت من سنة 2011 إلى 2018، عرفت توسعًا في البرامج لتشمل أيضًا محاربة الإقصاء الاجتماعي بالوسط الحضري والتأهيل الترابي، إضافة إلى الاستمرار في دعم الفئات الهشة والبرامج الأفقية، وقد تم خلالها إنجاز 1864 مشروعا باستثمار تجاوز 805 مليون درهم. وبدخول المبادرة المرحلة الثالثة التي انطلقت سنة 2019 وتمتد إلى غاية سنة 2025، تم اعتماد جيل جديد من البرامج النوعية تهدف إلى تثمين الرأسمال البشري وتحسين المؤشرات الاجتماعية ودعم التعليم الأولي والمقاولة الذاتية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، بالإضافة إلى دعم الأشخاص في وضعية هشاشة. وخلال هذه المرحلة، تم إنجاز 1392 مشروعًا بتمويل إجمالي ناهز 780 مليون درهم.
وأضاف السيد العامل أنه رغم النتائج الإيجابية المحققة، فإن التحديات ما زالت قائمة وتدعونا إلى مواصلة التقييم والتطوير لضمان الاستدامة لهذا الورش وتعزيز أثره وتجاوز معيقاته، منبها إلى أن الجميع مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بمواصلة تعبئة جميع الشركاء وتطوير آليات الحكامة والتنسيق والرفع من مستوى التدبير والابتكار في سبيل تحقيق الأهداف التنموية المرجوة.
وفي هذا الإطار، استحضر السيد العامل ما ورد في الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 61 لثورة الملك والشعب، حيث قال جلالته حفظه الله: "إن المكاسب والمنجزات التي تم تحقيقها لا ينبغي أن تكون دافعًا للارتياح الذاتي، بل يجب أن تشكل حافزًا قويًا على مضاعفة الجهود والتعبئة الدائمة".
كما أضاف السيد العامل أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تظل رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بإقليم تارودانت، ومحفزًا قويًا للإدماج الاجتماعي ومحاربة الفقر والهشاشة، كما تشكل إطارًا مرجعيًا للتعبئة والتنسيق بين مختلف الفاعلين وفق مقاربة تشاركية تراعي كرامة الإنسان واستدامة التنمية وجودتها.