من هو «اليوتيوبر» الذي كان يسأل مجموعتنا الإعلامية، ذات شهر رمضان، وفي عز «العواشر»، بكل وقاحة وقلة حياء وفضول «كيف تعينون منتحل صفة، لا يمتلك بطاقة الصحافة مديرا لإذاعتكم؟».
لا أتذكر من هو، ولا أريد أن أتذكر، لكنني متأكد أنني سمعت هذا الهراء، ضمن هراء وفير لا ينتهي، نسمعه كثيرا في اليوتوب وغير اليوتوب ويقول لنا البعض عنه إن الأمر يتعلق بحرية تعبير وبنوع جديد من الصحافة، ونقول لهم نحن «اتقوا الله ياعباد الله»، ونضحك ونمضي، ونحن نقول «إذا كان ما يقترفه هذا اليوتوبر صحافة بالفعل، فنحن نترك لكم الجمل بما حمل، لأننا نعرف أنكم لا تصدقون ما تقولون، لكنكم تقولونه لأنه يأكل الثوم عوضكم بفمه، ويصفي حسابا لكم معنا نجهل أسبابه ومراميه، و«محركه»، لكننا نعرف أنه قائم».
هل تم تجريد هذا اليوتوبر الفضولي، الذي كان يسألنا ذلك السؤال الوقح من بطاقته الصحافية؟
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
نعم، وبحكم من المجلس الوطني للصحافة، عبر اللجنة التي تشرف حاليا على الميدان، وبحكم آخر من طرف المحكمة الإدارية.
هل سنقول نحن الآن إنه أصبح منتحل صفة، ويجب أن يتابع قانونيا إذا ظل يصرخ من أعلى سطح قناته في اليوتوب إنه «صحافي»؟
لا، لن نقول شيئا من كل هذا.
هل سنشن عليه الحملات يوميا، مثلما فعل يوم عبر رئيس مجموعتنا الإعلامية عن رأي، فقرر أن يجعلنا - بتحريض مفضوح من جهة معلومة - محتوى يوميا يؤلب علينا عبره العوام، والدهماء، ومن لا يعرفون، ومن يصدقون كل ما يقال لهم، والبقية؟
طبعا لا. فنحن بالتأكيد لسنا مثله.
نحن مجرد صحافيين لا أقل ولا أكثر، ننقل أخبار الناس إلى الناس، ونعطي آراءنا في الأركان والأجناس المخصصة للرأي، ونقدم خدمة المعلومة التي نعتبرها مفيدة وذكية وضرورية للمتلقي المغربي، قارئا لجريدتنا ومجلاتنا، أو مستمعا لإذاعتنا، أو مشاهدا لقنواتنا - نحن أيضا - على اليوتوب، أو متصفحا لمختلف مواقعنا الإلكترونية الرصينة بمختلف اللغات في الأنترنيت، أو متابعا لنا متفاعلا معنا في مختلف نقط تواجدنا في مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي، متفقا معنا أو مختلفا، الأمر لا يهم... فقط لا غير.
لذلك لا يهمنا ما يقوله من يغارون عنا. نشتغل، ونعتبر حقدهم علينا طريقة من طرق تصريف تنافس غير شريف في ميدان صحافي غير سوي كثيرا، ويلزمه ضبط كثير.
نعرف أن وضوحنا الوطني والمواطن يزعج عديدا من الملتبسين، ومتأكدون نحن أن جهرنا بحب المغرب، ليل نهار، بل وجعلنا وطننا خطنا التحريري الأول (المغرب أولا وتازة قبل غزة)، مسألة تؤرق هؤلاء الحاقدين، لذلك نتلقى عبارات «العياشة»، و«صحافة المخزن»، وبقية المفردات «العبيطة» باعتبارها أوسمة تعلق على الصدر بفخر شديد، وتواصل قافلتنا المسير.
لا نخصص حصصا يومية في وسائلنا الإعلامية (للمعاطية).
لا نبكي على الناس كذبا لاستعطافهم ونحن نتسول منهم الزيارات والنقرات و«الجيمات»، و«البارطاج» الكثير «خوتي عافاكم».
لا نؤلب الناس على صحافيين عبروا عن رأيهم، ولا نطالب بمحاكمة من كتب مقالا لم يرقنا، ولا نصنع من الهجوم الوقح وغير المؤدب على من يخالفنا الرأي محتوى نقدمه بشكل يومي لكي «نأكل به طريف ديال الخبز»، وأشياء أخرى.
نمارس الصحافة، ونمضي.
هل نخطئ؟
طبعا، ومرات عديدة، لكننا نخطئ لأننا نشتغل ولا نتوقف عن الاشتغال.
هل نقبل حق الآخرين في الخطأ؟
بالطبع، بل ترانا أحيانا نلتمس لهم الأعذار، ونشفق لحالهم، ونعتبر أنهم دون مستوى الرد عليهم من طرفنا، لأننا نشغل بالنا بالأهم: الرقي بهذا القطاع فعلا، فيما يشغلون بالهم هم بالتافه الصغير: إيقاف نجاح الناجحين عوض البحث عن حل ودواء لفشلهم المزمن في كل ما يفعلونه.
ما الحل مجددا مع هؤلاء القوم؟
الحل هو أن يقنن الميدان نفسه فعلا، وأن تحمي المهنة نفسها من هؤلاء المحتالين، من باعة الكذب المتجولين، وأن يسارع المهنيون الحقيقيون، الذين نعرف أنهم غير راضين على كل هذا الهراء، إلى تحصين حرفتنا من تسلل الأدعياء، والحزم في هذا الموضوع، وتوضيح كل الصفات بشكل لا يقبل أي التباس، وترك القانون يأخذ مجراه، ويحكم على كل واحد منا في هذا البلد بما يستحقه حقا.
لقد مضى عهد العبث في هذا المجال، وأضحى ضروريا أن تعود الجدية إليه، وأن يتم تخليصه من البهلوانات الحزينة ومن الحمقى ومن المصابين بأمراض النصب والاحتيال، وبقية الأدواء.
لا مناص من الأمر أيها السادة... لا مناص، مهما تكالبت عليكم الفيديوهات، فهؤلاء المتحدثون بجهل في الأمور الكبرى والصغرى لن يقودوا البلد إلا إلى الأسوأ، لا قدر الله، إذا ما واصلوا هذا التطاول وهذا الاعتداء على الجميع.