أهداف طموحة و ‘‘ قابلة للتحقيق‘‘ في رحلة الرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط

بقلم: جايسون آيزاكسون* السبت 10 مايو 2025
cf98667e-2081-4220-a59b-d3e83fd147d7
cf98667e-2081-4220-a59b-d3e83fd147d7

يستعد الرئيس ترامب لزيارة السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، في رحلة يمكن لسقف التوقعات فيها أن يكون فيها مرتفعا.

فقد وعد مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف وقبل أسبوع من رحلة ترامب، بـ”العديد من الإعلانات، قريبًا جدًا، ونأمل أن تسفر عن تقدم كبير بحلول العام المقبل، خلال استقباله في اسرائيل بمناسبة اليوم الوطني للبلاد. وفي اليوم التالي، صرح الرئيس بنفسه: “سنصدر إعلانًا ضخمًا للغاية، من أضخم ما يمكن.”

ففي فترة يسودها التوتر والتحول عبر منطقة الشرق الأوسط، يبدو احتمال حدوث تغيير دراماتيكي – من خلال مبادرة تقودها الولايات المتحدة لحل النزاعات التاريخية وتحقيق سلام دائم – أمرًا مغريًا.

هذا الاحتمال له سابقة. ففي عام 1991، وبعد أن قادت الولايات المتحدة تحالفًا دوليًا لطرد الغزو العراقي للكويت، نظّمت – كشريك رئيسي مع الاتحاد السوفييتي الذي كان يتداعى آنذاك – مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط، الذي وضع الأساس لحل الصراع العربي-الإسرائيلي، ومهّد الطريق لاتفاقات أوسلو ومعاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل خلال السنوات الثلاث التالية.

ورغم أن الزخم الإقليمي قد توقف بعد ذلك، وبقي الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي عصيًّا على محاولات السلام المتعاقبة، فإن ذلك لا ينتقص من أهمية مؤتمر مدريد. مسار العودة للمفاوضات غير المباشرة والتعاون الهادئ على مدى عقود صار واضحا، من مدريد وصولًا إلى توقيع اتفاقيات إبراهيم عام 2020، والتي يجوز اعتبارها الإنجاز الأبرز في السياسة الخارجية لإدارة ترامب الأولى.

يمكن اعتبار ما يجري اليوم فترة اضطراب، لكنها أيضًا فترة للفرص. فقد وافق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر مؤخرًا على تصعيد الهجوم العسكري ضد حماس في غزة، فيما شن الحوثيون المدعومون من إيران هجومًا استهدف منطقة قرب مطار بن غوريون في إسرائيل، وردّت إسرائيل بقوة. كما تم الإعلان عن عودة المفاوضات النووية الأميركية-الإيرانية إلى مسارها بعد توقف مؤقت.

ومع بقاء 59 رهينة محتجزة في غزة (رغم أن العديد منهم لم يعودوا على قيد الحياة)، ومع عدم التئام جراح السابع من أكتوبر 2023 بعد، فإن لدى الرئيس ترامب القدرة على تغيير الواقع في الشرق الأوسط بشكل جذري – ليس من خلال مؤتمر دولي آخر، بل من خلال جهد منسق لتعزيز اندماج إسرائيل الكامل في المنطقة، وإحياء الأمل في تحقيق الحكم الذاتي للشعب الفلسطيني.

هدف طموح.. و خطوات تحقيقه ممكنة

أولًا، يجب إزالة العقبات المزمنة أمام السلام الإقليمي، بدءًا بالدولة التي أنفقت مليارات الدولارات لزعزعة الاستقرار في المنطقة، وتقويض جهود التطبيع، والاستعداد لحرب شاملة مع إسرائيل. يجب تفكيك شبكة وكلاء الإرهاب التابعة للنظام الإيراني – وهو مشروع أحرزت فيه إسرائيل تقدمًا كبيرًا من خلال ضرب قيادات حزب الله في لبنان وإضعاف القدرات الهجومية لحماس – كما يجب التخلي عن الطموحات النووية العسكرية الإيرانية. ومن خلال فرض أقصى درجات الضغط الاقتصادي و العسكري، ودعم الحلفاء الإقليميين والأوروبيين، يمكن للمفاوضات التي بدأها الرئيس أن تؤتي ثمارها.

ثانيًا، يجب إنهاء مرحلة التصريحات الفاترة وغير المقنعة بشأن قبول العرب لإسرائيل، إذا كانت تصدر مثل هذه التصريحات أصلًا. يجب الاعتراف بحق الشعب اليهودي في إقامة دولة في وطنه الأصلي كما يجب الترحيب بتعاونه، الذي تعهدت به إسرائيل مرارًا، في مواجهة التحديات الإقليمية. لقد صدرت على مر السنين تصريحات مشجعة في هذا السياق من قادة عرب حكماء، كما أثبت صمود اتفاقيات إبراهيم خلال 19 شهرًا من الحرب في غزة التزام تلك الدول الصادق بالسلام، لكن الرسالة السائدة التي تسمعها إسرائيل من العالم العربي لا تزال رسالة رفض وتنديد وتهديد. وفي مقابل ضمان أميركي لشراكة استراتيجية أقوى مع الدول العربية، يمكن – ويجب – على الرئيس ترامب أن يخترق حاجز الرفض الإقليمي للتطبيع.

أخيرًا، يمكن للرئيس أن يمهّد الطريق نحو تمكين الشعب الفلسطيني من تحقيق الحكم الذاتي. هذا المسار لن يؤدي إلى إقامة دولة غدًا، فذلك لا يمكن أن يحدث إلا عندما يثق الإسرائيليون والفلسطينيون ببعضهم البعض، ويدركون ضرورة تقاسم رقعة الأرض بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، وعندما لا تعود قوى التحريض للهيمنة على الرواية الشعبية. لكن من خلال طرح خطة واقعية لحكم “اليوم التالي” في غزة – بالتشاور مع إسرائيل – تستبعد المتطرفين، وتحدد شروط إنشاء كيان فلسطيني سياسي غير مسلح وغير مهدد، يتمتع بالحكم الذاتي، يمكن للرئيس أن يكسر الجمود المرير لهذا الصراع المزمن ويبعث الأمل في المنطقة. يمكن لترامب أن يبدأ من حيث توقفت خطته “من السلام إلى الازدهار”، التي أطلقها في بداية العام الأخير من ولايته الأولى.

لقد كانت اتفاقيات إبراهيم التطور الأكثر إيجابية في الشرق الأوسط خلال ما يقرب من ثلاثة عقود، إذ ضاعفت ثلاث مرات عدد الدول العربية التي اعترفت بإسرائيل. البناء على هذا الإنجاز التاريخي في وقت تآكلت فيه الثقة سيكون مهمة شاقة. لكن بفضل التأثير الأميركي، والفوائد الواضحة للتكامل والتبادل العربي- الإسرائيلي، والمكانة الفريدة التي يتمتع بها الرئيس ترامب في المنطقة، فإن هذا الهدف يستحق السعي إليه.

* مدير السياسات باللجنة اليهودية الأمريكية