ما يقع على صعيد منتخبات الكرة في المغرب، في كل الفئات، أمر مبهج، وباعث على الفخر، وهو دليل في البدء والختام على أن العمل باستراتيجية محددة وبأهداف مرسومة وبخطة واضحة، يعطي باستمرار أكله.
ودعونا مجددا نقول إن وراء هذه النجاحات التي تحياها منتخبات الكرة في بلادنا، وآخرها التتويج التاريخي للبؤات بأول كأس قارية للعبة الفوتسال مساء الأربعاء الماضي، رؤية ملكية حكيمة وسديدة استوعبت قبل الجميع أهمية الرهان في عالم اليوم على اللعبة الشعبية الأولى في الكون، وفهمت أن دور هذه اللعبة لا يقف عند حدود الميادين التي تجري فيها، بل يمتد لكي يشمل بإشعاعه وأثره الإيجابيين كل الميادين المتبقية.
وطبعا لسنا بحاجة، وإن كنا نرغب في ذلك بقوة، للتذكير بالصدى الطيب الخرافي، الذي خلفته مشاركة منتخبنا الوطني في كأس العالم الأخيرة، وكيف استطاع أسود الأطلس، بوصولهم إلى نصف النهائي، أن يحولوا أنظار العالم كله، دون مبالغة، إلى وطننا المغرب، وكيف تغيرت تصورات شعوب وبلدان ودول لوطننا بعد هذه المشاركة التاريخية المشرفة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
وراء التنفيذ الذكي للتعليمات الملكية السامية في مجال كرة القدم، يوجد رجل لا بد من إعطائه حقه، يسمى فوزي لقجع.
وحقيقة، يحزننا جميعا مشهد بعض القابعين لا يفعلون شيئا، حين يقررون خوض المعارك الفاشلة ضد نجاح هذا الرجل، فقط لأنه... ناجح، لا أقل ولا أكثر.
هؤلاء هم المثال بالتحديد لفئة من البشر لا تعمل، لكن تتكلم، لا تتحرك، ولا تحب من يتحرك، ولا تصور لديها لشيء أو عن شيء، لكنها الأكثر خبرة في التنظير لكل التصورات.
لحسن الحظ دور هذه الفئة يقف عند حدود الكلام المغتاظ من النجاح، ولا أحد يتعامل بجدية لا مع تصريحاتها ولا مع تصرفاتها، إن هي تصرفت، وهذا يحدث في النادر القليل من الأوقات.
الأجمل في كل هذا هو أن إنجازات المغرب الكروية لا تتوقف بسبب هذا الكلام الذي يظل مجرد كلام فقط، فمن تتويج إلى تتويج، ومن تكريس لفئة عمرية إلى تكريس آخر، ومن تألق إلى تألق يفوقه، تكتب كرة القدم في المغرب في السنوات الأخيرة صفحات مجيدة فعلا من تاريخها سيتحدث عنها المستقبل طويلا.
ولا بأس هنا، لكي نهرب من ملاحظي الداخل، من أن نلقي نظرة على ملاحظي الخارج، وفي مقدمتهم من اخترعوا كلمة «لقدجع هو السبب»، أي جيراننا الأقرب الذين يعتبرون رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم السبب الرئيس في كل نكباتهم الكروية، منذ نكبة «حذاري»، وحتى التتمة، مع أن الرجل مسؤول فقط عن نجاح منتخبات بلاده: أحد الصحافيين الجزائريين في بلاتو تلفزي، وبعد طول عناد لمدة أشهر عديدة تجاه المغرب، قال بمناسبة التتويج ما قبل الأخير لمنتخب مغربي، أي تتويج أشبالنا الأبطال، منتخب أقل من 17 سنة بكأس إفريقيا: «يجب أن نعترف أن المروك يشتغلون وفق خطة محكمة، ويجب أن نعترف أنهم ناجحون فيها، ويجب أن نعترف أننا ملزمون، إذا أردنا الخروج من الحالة الراهنة، أن نقلدهم في الأكاديمية وفي بناء ملاعب القرب وفي الرهان على قدرة الشباب على رفع راية بلاده عالية بين الأمم بفضل تفوقه في الميدان الرياضي».
وما الفضل إلا ما أقرت به العدا، يقول الشاعر، والحق ما شهدت به الأعداء. هكذا يقولون منذ القديم، فمتى سيفهم بعض بني الجلدة، من «الهضارة» فقط هذا الأمر، ويعتذرون هم أيضا، ويقولون لمغربي مثلهم نجح في ميدان يسيره «أحسنت»؟
متى؟