لم يكن لقائي الأول بالفنان عبد السلام الخلوفي في تظاهرة “نجوم بلادي” مجرد حدث عابر؛ بل كان بداية لعلاقة فنية وروحية تركت أثرًا عميقًا في مسيرتي. في تلك التظاهرة، التي كنت رئيسها، اقترح الزميل والأخ يونس أمغران، عضو لجنة التحكيم، مشاركة عبد السلام مع فرقته الموسيقية في حفل التتويج.
اللقاء الأول: صوت الصوفية العميق
في تلك الليلة، أسرتني موسيقى عبد السلام الخلوفي. لم تكن مجرد ألحان تُعزف، بل كانت رحلة روحية صادقة. حمل أداؤه الصوفي محبة خالصة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأهل الله، وتجلت فيها روح الفقراء الصوفية. شعرت أنني أمام فنان ليس كغيره، فنان يحمل رسالة فنية عميقة تمزج بين الفن والإيمان، بين التراث والروحانية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
من “نجوم بلادي” إلى “ولادي”: شراكة الإبداع
بعد ذلك اللقاء الأول، توطدت علاقتنا سريعًا، وأصبح عبد السلام شريكًا أساسيًا في العديد من أعمالي. كان أبرزها مسلسل “ولادي”، الذي بث على القناة الأولى وحقق نجاحًا جماهيريًا لافتًا. في هذا العمل، تجلت ثمرة تعاوننا من خلال أغنية الجينيريك، التي كتبت كلماتها المستوحاة من أعماق المشاعر الإنسانية، ولحنها عبد السلام بإبداع فني.
أدت الأغنية الفنانة حنان يونس بصوتها العذب، وكانت النتيجة قطعة فنية خالدة أضفت عمقًا وخصوصية للمسلسل، وبقيت في ذاكرة الجمهور.
الابتهالات: من مكة إلى العالم
رحلتنا الفنية أخذت بُعدًا أكثر روحانية من خلال مشروع إعداد ستين ابتهالاً تم تصويرها كفيديو كليبات مميزة وبُثت على قناة السادسة وإذاعة محمد السادس للقرآن الكريم.
كان لهذا المشروع خصوصية فريدة؛ إذ وُلدت معظم كلمات الابتهالات من أجواء روحانية خلال إحدى عمراتي في مكة المكرمة. وسط لحظات من التأمل والإيمان، شعرت بأن الله قد ألهمني كلمات تحمل معاني الحمد والتقديس لعظمته.
أضافت ألحان عبد السلام بُعدًا روحيًا عميقًا، وحولّت الكلمات إلى أعمال خالدة تأخذ المستمع إلى فضاءات من السكينة والإيمان. شارك في أداء هذه الابتهالات نخبة من الفنانين المغاربة مثل فؤاد الزبادي، فاطمة الزهراء العروسي، حكيم خزران، مصطفى عكار، وعبد السلام نفسه، الذي أضفى بصمته الصوفية الخاصة على المشروع.
عبد السلام الخلوفي: رسالة الفن والروحانية
ما يجعل عبد السلام الخلوفي مختلفًا هو قدرته على المزج بين التراث المغربي الأصيل ورؤية فنية معاصرة. من حفلاته الموسيقية الصوفية التي تحمل عمقًا روحانيًا إلى مشاريعه الأكاديمية والفنية، يواصل عبد السلام تقديم موسيقى ليست فقط للإمتاع، بل للتعبير عن قيم إنسانية نبيلة.
اليوم، أستعيد ذلك اللقاء الأول في “نجوم بلادي”، ليس فقط كذكرى عزيزة، بل كبداية لرحلة جمعت بين الفن والإلهام الإنساني. سواء في نجاحاتنا المشتركة مثل “ولادي” أو في مشروع الابتهالات، أثبت عبد السلام أنه ليس فقط شريكًا فنيًا، بل رفيقًا في رحلة تعتز بها روحي قبل قلمي.
فنٌ بروح خالدة
علاقة الفنان بالموسيقى هي علاقة روحية تتجاوز الحدود، وعبد السلام الخلوفي خير دليل على ذلك. أعماله ليست مجرد إنتاجات فنية، بل هي رسائل سلام ومحبة. إنه رمز للفن المغربي الأصيل، وشريك مخلص لكل من يؤمن بأن الموسيقى هي لغة عالمية للتعبير عن القيم النبيلة.
عبد السلام الخلوفي ليس فقط فنانًا، بل هو صوت ينقل جوهر التراث المغربي ويُعلي من شأن الموسيقى كجسر للتواصل بين القلوب.