شرود نظام

بقلم: حكيم بلمداحي الاثنين 04 نوفمبر 2024
No Image

عزل النظام الجزائري نفسه عن التطورات التي تجري في عالم اليوم، وهو يبني سياساته على العداء للمغرب.

في مجلس الأمن، وجد هذا النظام نفسه في عزلة تامة، أثناء التصويت على القرار الأممي 2576، وذلك من خلال رفض تعديليه الشاردين، أو من خلال التصويت على المقرر الذي تم اعتماده بأغلبية أعضاء المجلس..

النظام الجزائري، وفي سابقة من نوعها، انسحب من التصويت، ولم يستطع أن يعبر عن موقفه سواء بالرفض أو الامتناع، في حين أن العادة تكمن في أن ينخرط فيه كل أعضاء مجلس الأمن في التصويت على القرارات.

لقد حاول النظام الجزائري التأثير على قرار مجلس الأمن بخصوص ملف الصحراء المغربية، (أو هكذا بدا له) مستغلا في ذلك عضويته المحددة في الزمن في مجلس الأمن، وحاول التشويش على عملية التصويت. وقد فشل عساكر الجزائر كعادتهم في ما اتجهوا إليه، ليجدوا أنفسهم في موقف محرج تعاملوا معه بعقلية بعيدة عن الديبلوماسية، وعن قواعد اللعب في مجلس الأمن.

من المستبعد أن يكون نظام الجزائر على غير علم مسبق بأن حركاته الساذجة في مجلس الأمن، في تعامله بالخصوص مع ملف الصحراء المغربية، ستكون بدون جدوى. ولا شك أن حكام قصر المرادية يعرفون حق المعرفة أن قضية الصحراء المغربية بلغت نهايتها، وأن المغرب لا يمكنه أن يتخلى عن صحرائه تحت أي ظرف كان. وقد عملت التطورات التي شهدها العالم على تحول دولي عميق في الموقف من قضية الصحراء المغربية، توج باعتراف العديد من الدول بسيادة المغرب على أراضيه، منها دولتان عضوان دائمان في مجلس الأمن.

لقد اشتغل النظام العسكري الجزائري منذ سنوات على أن يبني سياسته الخارجية على قاعدة واحدة هي التشويش على المملكة المغربية والعمل على عرقلة نموها وتطورها. هذا الأمر تم حينما أمر أحمد بن بلة بالهجوم على المغرب في سنة 1973 في ما يعرف بحرب الرمال.. ثم جاء هواري بومدين بعده، في انقلاب مكن للعساكر التحكم في الجزائر، واستمر في البحث عن المتاعب للمغرب. وقد قالها بومدين صراحة بتعبير واضح، بأنه سيضع حجرا في حداء المغرب. وظن بومدين أنه بخلق مخيمات لحمادة وإنشاء دولة وهمية سيستنزف المغرب ويعرقل مساره التنموي. غير أن الذي حصل هو أن النظام العسكري الجزائري صرف الملايير من أموال الشعب الجزائري على قضية خسرها، وهو يحصد العزلة الدولية باستمراره في دعم وهم لا يمكن أن يتحقق على الإطلاق.

هوس النظام الجزائري بالمغرب لم يقف عند الحملات المغرضة، وشراء ذمم بلدان إفريقية، في السابق، وأيضا محاولة التشويش في مجلس الأمن، بل شاهدنا ذلك من خلال احتفالاته بذكرى ثورة الجزائر. هذا النظام لم يجد ما يحتفل به سوى استعراض ترسانته العسكرية بشكل غريب يعتقد من خلال ذلك أنه يوجه رسالة للمغرب من جهة وللجزائريين من جهة ثانية، بكون هذا النظام قويا.

استعراض النظام الجزائري لأسلحته، في عيد الثورة، أمر فيه نوع من الحقيقة، لأن هذا النظام لم ينجز ما يذكر سوى هذه الترسانة التي صرف عليها الأموال الطائلة، موهما الشعب الجزائري بأنه مهدد في وجوده. وبالتالي فنظام الحكم في الجزائر لا يجد إنجازا ليتباهى به أمام الجزائريين سوى السلاح.

خبث النظام العسكري الجزائري لن يقف عند هذا الحد، فهو يعتقد أنه سيعزل المملكة المغربية، انطلاقا من فكرة بئيسة أخرى، عن طريق السعي لخلق تكتل مغاربي من دون المغرب.. وقد شاهدنا الذين حضروا استعراضه العسكري، وإن كان للحاضرين حساباتهم الخاصة لكل واحد منهم.

من كل هذا الذي يحصل مع نظام الجار الشرقي لا يسع سوى ترديد القول مع العاقلين، اللهم ارزقنا عدوا عاقلا.