حكومة أخنوش الثانية.. الرهانات الكبرى!

بقلم: المختار الغزيوي الجمعة 25 أكتوبر 2024

لا أحد تخفى عليه أهمية التعديل الحكومي، الذي مس حكومة عزيز أخنوش، وأنتج لنا النسخة الثانية منها، التي استقبل أعضاءها جلالة الملك، محمد السادس حفظه الله، في القصر الملكي يوم الأربعاء الأخير.

الكل يعي التحديات الكبرى، التي تواجهها الحكومة، والتي فرضت هذا التعديل من أجل ضبط أكبر لعقارب الزمن الحكومي، الذي يسابق رهانات التنمية والرد على أسئلة المغاربة، وما أكثرها، والذي يجد نفسه ملزما بفعالية أكبر، ونجاعة أفضل، ليس فقط جوابا على انتقادات منتقدي الحكومة، وهم كثر وفي مواقع مختلفة، منها الواقع، ومنها المواقع، ولكن أيضا من أجل تقديم الحل الحكومي المقنع للمواطن المغربي في المعيش اليومي، وهذا هو أهم ما في الحكاية كلها.

خروج وزراء، ودخول آخرين، وبقاء بعض من تنبأت لهم بالرحيل ماكينة الإشاعات والتنبؤات، التي اشتغلت بقوة مثيرة للانتباه في الأيام الماضية، ليس هو أهم ما حمله التعديل الحكومي الأخير.

لا، أهم رسالة التقطها المغاربة من خلال تزامن التعديل الحكومي مع حركة انتقالية كبرى في أوساط ولاة وعمال الأقاليم، مع الاستقبال المهم والدال للأعضاء الجدد المعينين في الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، هو أن المغرب يعي جيدا رهانات هذه المرحلة، ويستوعب أهمية العبور منها بجسم تنفيذي متناسق أكثر، لا يترك لخلافات كان الكل يعرفها، أو على الأقل يشك في وجود بعضها، أن تعرقل تصوره العام للأشياء، وكيفية تصريفه لشؤون البلاد والعباد.

اليوم، مع تمكن رئيس الحكومة عزيز أخنوش من وضع الهيكلة التي كان يريدها، والتي اقترحها على السدة العالية بالله، وحظيت بالموافقة المولوية السامية، يمكن القول بأنه لم تعد أمام حكومة أخنوش (2) من إمكانية أخرى سوى إمكانية المرور إلى السرعة القصوى، وتفعيل الشعار الانتخابي «تستاهلو ما أحسن»، الذي بقي المغاربة يتساءلون عن مدى تطبيقه من طرف النسخة الأولى من هذه الحكومة حتى الآن.

يمكن القول أيضا إن الصعب بقي وراء هذه الحكومة، التي يجب الاعتراف بنزاهة بأنها أتت في ظروف قاسية (من الجفاف والظروف المناخية والخروج من حالة وبائية عالمية محرجة، حتى أجواء التوتر الإقليمية والدولية)، والتي تستطيع أن تراهن على بدء تغير هذه الظروف الصعبة، سواء من ناحية الاستعداد بشكل أفضل لمواجهة متغيرات المناخ، أو من خلال استعداد العالم كله لاستقبال ترتيبات دولية جديدة، ورسم نظام عالمي جديد، قد يبدو للكثيرين أنه بعيد التأثير عنا، لكن الأمر غير صحيح نهائيا، ونحن هنا في المغرب من أوائل وأهم المعنيين بمختلف تطوراته.

أمام حكومة أخنوش الثانية فرصة ذهبية لنقل شعاراتها إلى الواقع، وتغيير نظرة المغاربة لها تماما، والرد بالملموس من القرارات والأعمال على مختلف انتظاراتهم، وإشراكهم فعليا في عجلة المسيرة التنموية الكبرى التي يعرفها المغرب، والتي تعد ثورة حقيقية في تاريخ المملكة، لكن التي يكاد المتتبع المحايد أن يقر بأن المواطن غير قريب من استيعاب مختلف تحدياتها الكبيرة والعملاقة التي ستنعكس بالإيجاب على مغرب المستقبل، بل والتي يهيء بها المغرب، بحكمة ونبوغ غير غريبين على مملكتنا العريقة، أجوبة وردود القادم من الوقت والأشهر والأعوام.

هذا التصرف المغربي الحكيم ليس اختيارا. هو قدر لهذا البلد العريق الذي يتكئ على تاريخ مجيد وعتيد وتليد من الوجود، يمتح منه رصانة تعامله مع كل المستجدات، لكن الذي يعطي للمستقبل كل الأهمية، والذي يعي أن الاستفادة الحقيقية من درس التاريخ والعراقة، هي الاستعداد للقادم من الزمن بنفس الحكمة والحنكة والصرامة والنبوغ.

حي على العمل الحقيقي إذن، الذي ينتظره من الحكومة ملك البلاد، وشعب البلاد، ولنستوعب جميعا أن الانتظارات كبيرة وحقيقية، لكن لنعترف أن كل الشروط، أو حلها على الأقل متوفرة من أجل أداء حكومي أفضل وأنجع، وأكثر اقترابا من الناس.