«طريق الحرير» من مراكش.. سفر فني يحاكي السفر التجاري القديم

رشيد قبول/ ت: محمد العدلاني السبت 06 يوليو 2024

الأگفا» أو القيثارة الصينية آلة موسيقية تارخية دخلت من بلاد فارس وآسيا الوسطى قبل حوالي 2000 عام عن طريق العبور بما يعرف تاريخيا (طريق الحرير التجارية) ، لذلك فإنها غدت آلة أساسية مناسبة لفرقة طريق الحرير الموسيقية، التي كان جمهور مدينة مراكش وزوارها على موعد مع لوحات فنية تراثية أدتها هذه الفرقة الموسيقية الكبيرة التي تحظى بصيت دولي من خلال مشاركتها في العديد من المهرجانات العالمية.

ولأن جمهور المهرجان الدولي للفنون الشعبية في دورته 53 بمراكش تابع عروضا موسيقية لهذه الفرقة احتضنها الفضاء التاريخي (قصر الباهية)، عقد المدير الفني لفرقة طريق الحرير )The silk Road وأحد أمهر عازفيها ندوة صحافية من أجل إطلاع الجمهور المغربي، ومن خلاله الجماهير العالمية، من سياح عاشقين لعاصمة البهجة، على تاريخ هذه الفرقة وأسرار الموسيقى التي تؤديها والمصادر التي تستهلك منها ألحانها ولوحاتها الراقصة.

ذلك انه ليس (الأگفا) وحدها التي تميز هذه الفرقة، وإنما كذلك الكمان ذات الشكل المقوس او (الرباب) لدى الفرق الفلولكلورية المغربية، تبقى من مميزات آلات الفرقة، وهي الآلة المقوسة التي تتيح العازف ان ينحني باتجاه آلته، ليضع الآلة وفق طريقة تتيح له الوصول إلى الأوتار المختلفة لهذه الآلة.

الندوة الصحافية التي احتضنها احد فنادق مراكش الواقعة بشارع كينيدي، كانت مناسبة عبر من خلالها فنانون فرقة (طريق الحرير) عن إعجابهم بالفنون الشعبية المغربية التي أدتها فرق تمثل غنى الموروث الموسيقي والثقافي ببلادنا، ذلك أن فرق من قبيل: أحيدوس، أحواش، أقلال، الگدرة والركبة وݣناوة والدقة المراكشية كلها أشكال موسيقية ومشاهد تعبيرية أخذت باهتمام عناصر هذه الفرقة الصينية، معلنة عن رغبتها في الاستفادة من الإيقاعات الفلولكلورية المغربية ودمجها في لوحات ومشاهد موسيقية صينية، بعد أن خاضت فرقة (طريق الحرير) محاولات سابقة لدمج الموسيقى الغربية مع الأنغام الصينية التي تنتمي لتراث يمتد لأزمنة بعيدة.

وقد أكد اعضاء فرقة (طريق الحرير) الصينية أن مجموعتهم الموسيقية تمتح من جميع الثقافات وتتماهى مع جميع الأشكال التعبيرية التراثية في مختلف مناطق العالم، ذلك أن إطلاق اسم (طريق الحرير) على هذه الفرقة يرتبط باعتباره مشروعا يمتد بين شرق آسيا والبحر الأبيض المتوسط، فكما يبقى طريق الحرير التاريخي مشروعا اقتصاديا وتجاريا، فإنه يمثل كذلك تراثا فنيا موسيقيا للدول التي يمر عبرها، وكنموذج لذلك فآلة قيثارة الفرقة تختلف عن القيثار الغربي، لكنها تبقى آلة تشتغل بالمفهوم ذاته.

ذلك أن القيثارة الصينية أو "الأگفا" تاريخيا خرجت من بلاد فارس، وفي مكان ما على امتداد الطريق الطويل تم التلاحق، ليتم التوجه بها شرقا إلى الصين واليابان وتغذو آلة ترتبط بها الموسيقى الصينية أيما ارتباط، كما أكد أعضاء الفرقة خلال الندوة الصحافية ليومه السبت 6 يوليوز الجاري بمراكش.

فعمل فرقة (طريق الحرير) عبارة عن رحلة موسيقية دائمة لسد الفجوة الموسيقية بين الشرق الآسيوي والمشرق العربي وحتى الغرب الأوربي، إنها «موسيقى مختلفة ولغة اخرى للتعبير والاحتفال».

الندوة الصحافية لفرقة الحرير الصينية عرفت التطرق لخصوصية المقامات العربية وتقاطعها مع المقامات الصينية، إذ أكد الموسيقيان الصينيان اللذان أطرا الندوة، ومنهم مديرها المتخصص في الكوريغرافيا، على تشابه بين الايقاعات المغربية القادمة من الجنوب، خاصة الأمازيغية مع الإيقاعات الصينية، إذ اكد مدير الفرقة أنه رغم اختلاف الثقافات، فإن الاشكال الموسيقية تعرف بعض الالتقاء، إذ تحتوي هذه الموسيقى على نقط التقاء عديدة، باعتبارها لغة بشرية تسعى للتعبير عن المكنونات واللواعج الإنسانية.

ومن أوجه التشابه استخدام أنواع معينة من الآلات الموسيقية والتركيبات الإيقاعية المعقدة والتراث الثقافي العميق الذي يتجلى في العزف والأداء، ومع ذلك فإن الاختلافات الثقافية والتاريخية بين الصين والمنطقة الأمازيغية تجعل كلا منهما منطقة فريدة بطريقتها الخاصة ما ينعكس على الموسيقى بشكل عام.

ويفسر هذا التشابه، بين الموسيقى الأمازيغية والموسيقى الصينية التشابه بين الآلتين المستخدمتين لدى كلتيهما، ففي الموسيقى السوسية تستخدم آلة (الرِّباب) وفي الصينية آلة (الإيرهو)، وكلتاهما آلتان موسيقيتان وتريتان مصنوعتان من المواد الأساسية نفسها مع بعض الاختلافات الطفيفة.

وقد عاد مدير فرقة (طريق الحرير)، ليركز على أن اسم الفرقة يحمل دلالته من استيحاء

المحور التجاري (طريق الحرير) الذي ربط الشرق بالغرب، أوضح مدير الفرقة، أن استلهام الاسم جاء من الرحلات البحرية والبرية وتأثر العابرين لهذه الطريق التجارية بموسيقى البلدان التي يمرون عبرها، لتنصهر هذه الأشكال في الإيقاعات الصينية التقليدية الأصيلة، التي تحولت مع الزمن إلى النمط الموسيقي الصيني المعروف حاليا.

ولعل تحدر الفرقة من محافظة (سين جان) ذات الساكنة المسلمة جعل الفرقة تستفيد من الفلكلور المغربي واللوحات والأهازيج التي تؤديها المجموعات التراثية العربية والمغربية التي لها حضور في مهرجان الفنون الشعبية بمراكش.