في البناء الديموقراطي والتنمية 

حكيم بلمداحي الاثنين 18 مارس 2024
No Image

في الوقت الذي يعيش فيه المغرب وضعا محترما على مستوى مكانته العالمية، هناك مظاهر خلل في جوانب مما يجعلنا أمام سرعتين متباينتين.

على المستوى الدبلوماسي والجيواستراتيجي، أصبح المغرب يشكل رقم مهما سواء على مستوى علاقات جنوب جنوب أو على مستوى شمال جنوب.. هناك تنوع في العلافات، وبناء عقلاني على مستوى التعامل البيني بمنطق واضح يقوم أساسا على تبادل المصالح واقتسامها بمنطق رابح رابح.. وهناك وضوح وشفافية وتحديد المسارات المعاملات.. كل هذا يجعل المغرب يحظى بالاحترام، وعلاقاته الدولية الاقتصادية والثقافية والديبلوماسية تأخذ مسارا واعدا.

تنوع علاقات المغرب يجعل اقتصاده يسير في اتجاه بناء سيكون له حظا على مستوى التبادلات الدولية. على مستوى آخر، فتح المغرب عدة أوراش كبرى سواء في ما يخص البنيات التحتية والمشاريع الاستراتيجية من طرق برية وبحرية وجوية وهو ما يجعل من البلد منطقة استراتيجية. إضافة إلى كل هذا فتح المغرب عدة أوراش اجتماعية سواء في ما يخص التغطية الصحية والرقمنة وغيرها وهذا سيجعل المغرب يدخل مرحلة التقنيات والعقلانية في التدبير.

غير أن هذا التطور الواعد يواجهه نوع من الانكماش والتيه أحيانا في مجالات أخرى، ولا مناص من الاعتراف بوجود خلل مخيف على مستوى بعض المؤسسات. فباستثناء مؤسستين تضطلعان بمهامهما بشكل عقلاني وبتطور ملحوظ، هناك مؤسسات أخرى فيها اختلالات واضحة. هناك تطور واضح وعمل عقلاني تقوم به المؤسسة الملكية والمؤسسات الأمنية والدفاعية، لكن عددا من المؤسسات تعرف نوعا من الخلل أو الضياع، حتى الحكومة تشتغل بشكل غير واضح، وهناك عدم وضوح للمستها في تدبير الشأن العام. كل ما يتم الترويج له، أو ما يمكن اعتباره نقطة ضوء، هي أوراش للدولة، ملكية بالخصوص. وفي غير تلك الأوراش.. تختفي انجازات الحكومة.

على مستوى البرلمان، المتتبعون لشأن هذه المؤسسة يجمعون على أن التجربة الحالية فيها الكثير مما يقال، وهي أمور سلبية للأسف. وما يعاب على التجربة الحالية وجود فاسدين أو متهمين بالفساد داخل القبة التي من المفروض أن تكون لها قدسية خاصة.

الأحزاب السياسية بلغت من الترهل ما يجعلها مقرفة، خصوصا في نظر شبان ينظرون للأمور بدقة تقنية عالية. هذا الترهل يؤيد من توسع الهوة بين هذه الأحزاب والمجتمع، وهذا الأمر ينذر بالسير نحو قطيعة ستسيء للديموقراطية ولباقي المؤسسات.

النقابات هي الأخرى تعيش أسوأ مراحلها، والدليل تناسل ما يسمى بالتنسيقيات، مما يجعلنا أمام وضع غير صحي ستكون تبعاته مؤلمة على الجميع مؤسسات نقابية وعمالا.

الصحافة لم تعد سلطة رابعة، وهناك نوع من الضياع يعيشه القطاع. فمن جهة هناك فوضى في القطاع يزيدها حدة ما يعرف بالمؤثرين والمواقع المتناسلة كالفطر.

هذه المكونات التي تشكل أساسا البناء الديموقراطي ليست في مستوى اللحظة وهذا شيء غير صحي ومخيف. وتزداد الخطورة مع الاختلالات التي تشوب تجربة الجماعات وتجربة الجهوية، والاختلالات على مستوى العدالة المجالية وغيرها.

لاشك أن هذا التفاوت في السرعة بين مغرب يسير وفق منهجية مدروسة، ومغرب فيه اختلالات، شيكون له تأثير على التنمية، وأيضا على بلوغ ما هو مأمول على مستوى البناء الديموقراطي وعلى مستوى التنمية الاجتماعية.