مكناس.. المدينة التي يتمنى أهلها ألا تغيب الشمس!!!

محمد بنعمر الاحد 28 يناير 2024
No Image

Ahdath.info

كل من يسقط نظره على العنوان أعلاه، وعلى عتبة الموضوع، سيسرح خياله بعيدا في عملية توقع مضمون ما يرمي إليه العنوان الأمنية ( أمنية عدم غروب الشمس)، سيظن أن سحرا آسرا وجمالها أخاذا بنهار مكناس، بشمس مكناس، سيأسر كل من زار المدينة، ويجعل قاطنتها تتمنى ألا تغيب تلك الشمس بهاء،. هي فعلا إنها مدينة جميلة فاتنة، أو بالأحرى كانت كذلك قبل عقود، وقبل عملية التشويه والتقهقر والتراجع الرهيب .
هي المدينة السلطانية التي تحوي أربعة مدن ضاربة في عمق التاريخ والحضارة والإنسانية، مدينة البساتين والزيتون، مدينة المياه العذبة الزلال والخضرة والفرجة والثقافة والفن،مدينة الأبواب وحزام الأسوار الغنية بالكنوز، هي المدينة التي وصفت ب *فرساي المغرب* ثم "باريس الصغرى" قبل أن تنال الوصف الأخير *القرية الكبرى * ذات المركزين "المدينة العتيقة والمدينة الجديدة حمرية"، اللذين سيتحولان بفعل الامتداد العمراني المهول وهجوم الإسمنت والحديد على الأراضي الفلاحية من جميع الجهات والجبهات، إلى مجرد حيين قديمين باليين طالتهما أيادي التهميش.
فالزائر لم يعد يفرق بين شارع السكاكين بالمدينة العتيقة وشارع الحسن الثاني بالمدينة التي كانت جديدة "حمرية"،.
حيث صارت تعرض للبيع "الأعشاب والكرموس والبيض والزيتون والدجاج البلدي والقنية .." عربات الفواكه وتجار الملابس والإكسسوارات و بعض المأكولات والحلويات.. في مشهد يشبه إلى حد بعيد الأسواق القروية الأسبوعية ولا ينقصها سوى *رحبة الأغنام *، فلا صوت يعلو على صوت احتلال الملك العمومي، الباعة الجائلين يحتلون الشوارع والأرصفة والساحات ، تناسلت السويقات، احتلال الشارع العام من قبل المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم بوضع علامات معدنية تحمل عبارة *خاص ب... * أو تثبيت أصص وأغراس تمنع مرور الجميع حتى المكفوفين، او وضع براميل وسلاسل تمنع ركن السيارات أمام المحل في ضرب للمقررات الجماعية والقوانين، حفر هنا وحفر هناك بمختلف الأشكال والأحجام، النظافة غير مستمرة طيلة اليوم وتختلف حسب المناطق والشوارع والأحياء.
فكل من غاب عن مكناس لسنوات ثم عاد لزيارتها يتأسف على حالها ويردد عبارة "مكناس مشات " ليست هذه مكناس التي نعرف، مكناس تحولت إلى قرية كبيرة وتتوفر على جميع مقومات البادية، خصوصا انعدام وضعف الإنارة العمومية، وهنا سنعود الى شرح العنوان "المكانسة يتمنون ألا تغيب الشمس * فليس حبا وعشقا في نهارها، ولكن لبؤس ليلها، تجنبا لظلمته الذميمة المرعبة ، خوفا من العتمة التي تخيم على عدد من شوارعها وأحيائها وأزقتها بسبب أعمدة الإنارة العمومية التي تعطلت أو سقطت وعجز المجلس الحالي المكون من عدة أحزاب يجهل جل المكانسة أسماءهم وأسماء من يمثلهم، مجلس اقترب من سنته الثالثة من عمر انتدابه وتمثيليته ولا زال يعيش التيه والصراعات حتى داخل نفس تشكيلة الأحزاب المسيرة، حيث نجد من نفس الحزب أعضاء في التسيير واخرون في المعارضة *حزب الرئيس الأحرار نموذجا * .
فبعد ثلاث سنوات تقريبا من عمر هذا المجلس لازال المواطن المكناسي ينتظر الوفاء بالوعود الانتخابية ، أولها تجويد شبكة الإنارة العمومية، "توفير مجرد مصباح الذي بات حلما" ، البنية التحتية، المساحات الخضراء، النقل الحضري، النظافة... ،أما الاستثمار والنهوض بالسياحة والثقافة والرياضة والفن والترفيه فصارت أحلاما يستحيل تحقيقها في ظل وضعية التردي والتدهور التي تئن تحت وطأتها المدينة الإمبراطورية التي فقدت مكانتها كعاصمة جهة ، ولا زال نزيف التراجع مستمرا وخير دليل على ذلك حذف المحكمتين الإدارية والتجارية وتحويلهما إلى فاس ونتمنى ألا يستمر فيم تبقى.