اختلط حابل هاته "الكان" الدائرة في الكوتديفوار بنابلها، حتى أقصي الجميع، ثم عاد الجميع نفسه لكي يتأهل، ولم تعد القارة الكروية قادرة إلا على التتبع المندهش، المستغرب، المصاب بالذهول لما يقع في منافسات كأس الأمم لدينا في إفريقيا.
شيء واحد بقي ثابتا سنتحدث عنه اليوم في هذا الركن، هو حالة الوجد الخاصة التي تجمع الفريق الوطني المغربي بمحبيه.
في الأغنية الجميلة، ذات الإيقاعات المراكشية التي يغنيها من ذهبوا إلى الكوتديفوار هذه المرة وراء منتخبنا، يقولون "ها اللي جاي فالطيارة، ولا السيارة، ها اللي جاي على رجليه". وحقيقة، هم ألقوا عليها القبض، الحقيقة أعني، لأن كل الوسائل التي تصلح للتنقل أوصلت المغاربة فعلا إلى أبيدجان وبعدها إلى سان بيدرو وراء هذا العلم الذي يحبونه، ووراء هذا البلد الذي يعشقونه، ووراء هذا المنتخب الذي يفتخرون أيما افتخار أنهم يشجعونه.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
وعندما تتأمل تاريخنا الكروي، وتجد أننا في نهاية المطاف نتوفر على كأس قارية واحدة، وبضع مشاركات عالمية مشرفة، آخرها مونديال قطر الذي وصلنا فيه إلى إعجاز لم يتوقعه أحد في العالمين، تقتنع أن هذا الجمهور الشغوف بهذا المنتخب، المحب لهذا البلد، العاشق لهذا العلم، لايلبي هذا النداء، طمعا في النتائج أو فرحا بها.
لا. هو في الحقيقة جزء من المنظومة الكروية، وهو تكملة حقيقية لطاقم أسود الأطلس، وقطعة أساسية من قطع هذا "البوزل" المغربي، أو لنقلها بلغتنا المغربية لكي نغيظ الحساد، من الزليج المغربي الأصيل، الفسيفساء التي تختلف كل مكوناتها الواحدة عن الأخرى لكنها بفضل ذلك الاختلاف تصنع وحدة لاتوجد في أي مكان من العالم.
الاستثناء المغربي. تلك ليست عبارة للإنشاء العابر البسيط، ولا هو تفاخر مدع كاذب على الآخرين.
هو فقط وصف الحالة الخاصة التي تسمى...المغاربة.
ودعونا، مادمنا قد حسمنا أمر التأهل كرويا، في انتظار القادم الصعب، نتحدث عما هو أبعد من الكرة في علاقة مع هاته الحالة الخاصة: في شتنبر الماضي عشنا جميعا حدثا أدمانا وأبكانا وأحزننا جميعا، هو زلزال الحوز الأليم. كيف تجاوزنا المحنة؟
تجاوزناها بنفس الحالة الخاصة التي يكفيك الآن أن تكتب أو أن تقرأ عنها لتجد "التبوريشة" وهي تلقي عليك القبض، رفقة دمعة من العين فارة بكل افتخار تطلب منك أن ترفع رأسك فقط لأنك مغربي.
كل صعاب الكون، في كل المجالات، من الاقتصاد الصعب، حتى التدبير الاجتماعي اليومي، ثم هلم صعودا نحو بقية القطاعات، نستطيع تدبرها والتغلب على كل عوائقها بالحالة المغربية الخاصة: حالة حب الوطن، في الكرة وفي غير الكرة، وفي الميدان الصغير الحميمي الفردي الأول، قبل الميدان الكبير الجماعي البعيد عنا الذي نعطي فيه الدروس ونمارس فيه التنظير ثم نهرب.
باختصار، ولئلا نطيل، رفقة المشجعين البسطاء للمنتخب، القادمين بكل الوسائل إلى بلاد بعيدة من المهجر ومن داخل البلاد فقط لكي يقولوا للمغرب: نحبك، ونحن معك ونريد منك الذهاب إلى أبعد حد ممكن، هي رفقة فرضت علي قول هذا الكلام: "ولاد هاد البلاد الحلال كيبغيوها بالصح"
"ولاد الحرام"، نطلب الله سبحانه وتعالى أن يبعدهم عنا وعن البلاد أكبر وأكثر وأطول الوقت الممكن.
آمين، وكفى.