حاولنا مناقشة حصيلة حرب حماس وإسرائيل في غزة، منذ السابع من أكتوبر، يوم انطلاق "طوفان الأقصى"، وحتى اليوم الذي وصلنا فيه حصيلة ثقيلة للغاية في الجانب الفلسطيني (أكثر من 20 ألف قتيل)، فأجابنا "غرارين عيشة"، بالسب والشتم والتخوين والتكفير وبقية سفاهاتهم التي لانلقي لها بالا، والتي لاتمنعنا - مادام هذا الدم الفلسطيني المسكين يراق بكل هاته الوحشية أمام أنظار العالم المتفرج - من إعادة طرح السؤال: هل ارتاحت "حماس" الآن؟ وهل انتصرت فعلا في هاته الحرب غير المتكافئة؟ وهل تساوي أرباح "حماس" السياسية كل هذا القدر وكل هذا الكم من الدم الفلسطيني الذي أريق منذ عملية 7 أكتوبر والذي لازال يراق إلى الآن؟الجواب لدى أي عاقل سوي، هو : لا.الكلفة باهظة، والثمن غال، والتسعيرة هاته المرة ليست بالشيكل الإسرائيلي الذي ألفت "حماس" التعامل به، ولا ببقية العملات القادمة من هنا ومن هناك إلى حساب قادة الداخل وقادة الخارج في الحركة المسماة "حماس". التسعيرة هي بدم الفلسطينية والفلسطيني، والأداء هو بأرواح الصغار التي تزهق بكل وحشية لكي تجد قنوات الإعلام الحزبي ماتملأ به جداول بثها، وهي تدعي أن "التغطية مستمرة"، فيما نحن جميعا لانرى إلا تعرية لواقع أليم، يموت فيه آدميون عزل أبرياء، لكي تجد حركة متطرفة، هي وأتباعها في كل مكان، المبرر والسبب والمناسبة لقصف الكل بمزيد من الشعارات، فيما إسرائيل تقصف المدنيين الفلسطينيين الذين يختبئ مقاتلو "حماس" وسطهم، ويتخذونهم دروعا بشرية بالصواريخ الفتاكة، الحقيقية والمدمرة.وللكاذبين الذين يدعون أن شعب غزة المسكين فرح، ومستبشر، ومسرور بكل هذا الموت الذي يتعرض له، وبكل هاته الإبادة التي تستهدفه، نقول فقط إن من لديه وسائل للاطلاع على معاناة شعب غزة والحديث المباشر إليه، دون الوسائط العسكرية التي تحتجزه رهينة، سيصدم حين سيسمع المقارنة التي يقوم بها أهل غزة بين مطرقة إسرائيل وبين سندان حماس، الفخ والمأزق الذي علق فيه سكان تلك الأرض المساكين.لم تنجز "حماس"، استفتاءا قبل السابع من أكتوبر لكي تسأل المدنيين هناك : هل أنتم مستعدون للدخول في حرب مدمرة بعد هذا الطوفان؟ولاوجود لاستطلاعات رأي في قطاع غزة تخبرنا إن كان المدنيون هناك مصرين على مواصلة تلقي كل هذا الدمار إلى أن تحقق "حماس" كل مكاسبها من هذا الرعب الذي يقع.كل مالدينا هو كلام الإعلام الحربي، والحركات المتطرفة، التي (تطمئننا) يوميا بأن "لاشيء يستحق الانتباه"، و "الناس في غزة فرحون بكل هذا القتل الذي يتعرضون له ولايشتكون من شيء"، إلى آخر بلاهات وأكاذيب مبكية وكبرى يرتكبها الراغبون في إطالة أمد كل هذا القتل الظالم، فقط لأنه وسيلتهم الوحيدة لإثبات الوجود.لا، أيها الكاذبون. شعب "غزة" تعب من كل هذا القتل، وهو يشكو ضعفه وقلة حيلته وهوانه على كل الناس إلى العلي القدير، ويحلم بيوم يتخلص فيه من حملة السلاح من الجانبين الذين اختطفوه منذ سنوات رهينة، لكي يخوضوا بروحه وروح صغاره هاته الحرب الغبية والمجرمة.نعم، لن تمنعونا من قولها لكم اليوم وغدا وإلى ينتهي كل هذا الدمار: أنتم شركاء في الدم الفلسطيني الذي سال ويسيل وسيسيل مادمتم تكذبون على الناس وتقولون إن "حماس" انتصرت وتنتصر، فيما لانرى نحن إلا دموعا فلسطينية سخية تبكي بكل ألم واستضعاف مافعله بها المجرمون - أعداء السلام وأعداء حل الدولتين - من الجانبين معا.اكتبوا مجددا وقولوا بسفاهتكم المعهودة عنا إننا "مجرد مطبعين وخونة"، وبقية التفاهات.لن تمنعونا من الشهادة بالحق: "حماس" مثل إسرائيل تماما: شريكة في هذا الدم الفلسطيني الذي يراق بكل هاته الوحشية، وأنتم - ياشهود الزور - ضالعون أيضا في استمرار إراقة كل هاته الدماء البريئة والزكية.إنتهى...مؤقتا طبعا، فنحن نعرف أنكم لاتستحون من حي أو من ميت، وستعودون للوك نفس الأكاذيب مرة أخرى، بل مرات ومرات...