بين الحكومة والأساتذة، ضاع "ولاد الشعب": عملية حسابية !

بقلم: المختار لغزيوي الأربعاء 20 ديسمبر 2023
No Image

الحكومة لاتتعب من الاجتماعات، وتنسيقيات الأساتذة لاتتعب من الإضرابات، ونحن لانتعب من الحديث عن حق أبنائنا في الدراسة، وهو الحق الذي حرموا منه هاته السنة (إلى حدود الآن) بسبب التعنت والأنانية، والانتصار لمصالح فئوية على حساب مصلحة "ولاد الشعب".

وللمرة المليون نكررها: لاتهمنا حكومة أخنوش وموقفها، ولاتهمنا التنسيقيات وإصرارها على الإضراب كل مرة.

الطرفان معا، "فرانان" حقيقيان، يستطيعان التكفل بأكثر من "حومة"، وهما معا يتوفران على خزان لاينتهي من مسببات بقاء الفرن ساخنا، حد التهديد باشتعاله وإحراقنا جميعا، رفقة الخبز الذي لم يتقنا مراقبة طهيه ومدة هذا الطهي وكيفيته.

الذي يهمنا نحن في المقامين الأول والأخير، هم أبناؤنا الذين خبروا دورة أولى بيضاء، لم يدرسوا فيها، لأن الحكومة والأساتذة، اتفقوا على أن يضيعوهم في هذا العمر الدراسي الثمين والذي لايعوض، ولن يعوض أبدا، مهما حاولنا تداركه مستقبلا.

هذه هي الحقيقة الوحيدة الثابتة في كل هذا النقاش/الضجيج الذي يتابعه الشعب المغربي، حزينا، ومتألما، ومصدوما، لأنه يتأكد (مجددا ومرة أخرى) أنه وحيد، وأنه متروك ضحية بين أيدي كل هذا التعنت وكل هاته المزايدات، وكل هاته القدرة على تمثيل دور من لايرى حجم الدمار الذي يتسبب فيه امتحان لي الذراع هذا.

وعكس من يقولون بأن التنسيقيات تلوي ذراع الحكومة بالصغار ومصيرهم، أو من يقول بأن الحكومة تلوي ذراع الأساتذة بالاقتطاعات والتهديد بالعثور على خريجين يعوضونهم في مناصبهم، نقول نحن بكل حزن، إن الطرفين معا يلويان ذراع وعنق التلاميذ المغاربة وأسرهم، وهم يتعاملون بكل هاته الرعونة مع موضوع لايقبل هزلا ولا تهاونا، هو موضوع التعليم.

في سنوات وعقود سابقة، كانت عبارة (سنة بيضاء) وحدها كفيلة برعبها أن تقض مضجع المجتمع بأسره، وكانت قادرة في لحظات احتقان كبرى على أن تحل إشكالات عديدة، لأن الكل كان يهابها ويخافها ويرفض الإقرار بإمكانية التفكير في حدوثها، لأنها عنوان فشل جماعي خطير.

هذه المرة، العبارة أضحت أمرا غير مخيف، كلمة عادية، بل أغنية للتندر في المسيرات، تحول لونها من الأبيض إلى الأسود نكاية فينا نحن وفي أبنائنا الضائعين، لا نكاية في أي طرف آخر.

في أزمنة سابقة، كان موضوع التعليم هذا، على اختلاف التجارب التي عبرته، والتي كان بعضها تجارب سوريالية حقا، موضوعا حساسا ومقدسا وغير قابل لكل هذا الهزل، ولم نصل أبدا إلى درجة الاستهتار هاته التي تعتبر إهدار سنة من العمر المدرسي أمرا لايستحق التهويل، بل التي تعتبر هذا الهدر (ضرورة نضالية من أجل إصلاح فعلي للقطاع).

معذرة، لكننا فعلا ندخل مراحل الحمق الفعلي إذ نترك لآذاننا أن تسمع هذا الكلام بجدية، وأن تحاول التفكير فيه حقا، ومناقشته فعلا.

من السبب؟ ومتى وقع هذا التحول الذي نزل بالأستاذ من درجة "رسول أو يكاد"، التي قالها الشاعر، إلى درجة حامل للبوق في المظاهرات يفتخر بغنائه الساخر من الحكومة، ويسارع إلى نشره في "تيك توك؟ ومتى فقدت الحكومة القدرة على فهم خطورة هذا الملف، حد التخبط فيه كل مرة، وعدم القدرة على الحسم وفق القانون وتحمل مسؤولية هذا الحسم، في نهاية المطاف؟ وهل من رجل رشيد أو امرأة رشيدة يوصلان إلى الطرفين معا رسالة المغاربة وأبنائهم أنهم فعلا "عيقوا علينا"، في موضوع لايحتمل كل هذا الاستهتار؟

نواصل طرح الحكاية مثلما فعلنا منذ البدء، ونواصل التأكيد على مااقتنعنا به منذ اندلاع الشرارة الأولى لكل هذا الهراء: الضائع الوحيد في كل هذا هو الشعب وأبناؤه.

البقية، كلها، لديها حسابات صغيرة، وآلات حاسبة أصغر، وأصابع متخفية تحركها ونحن لانراها، تقوم بعملية الحساب الصغير هاته، لكنها تنسى شيئا واحدا فقط، نقوله نحن المغاربة منذ القديم: "اللي كيحسب بوحدو كيشيط ليه".