طرح الرجل الذي كان في السابق رئيسا للوزراء، وهو الآن حبيس منزله اختيارا، فكرة جيدة للغاية، على غير عادته، وهو يسأل نفسه، ومجالسيه الذين يقومون مقام حزبييه، ويسألنا جميعا في الوقتذاته "ما الذي وقع؟ وكيف تحولنا في المغرب في نقاش السياسة من زمن بوعبيد وبوستة وأحرضان وعصمان وحتى البصري والبقية، إلى هاته السحنات التي تولت هذا الأمر اليوم في الأنترنيت المغربي، وإلى المخلوقات الأنثوية والذكورية التي أصبحت منارات النقاش ، وعلامات الجدال في الوطن اليوم؟".السؤال وجيه هذه المرة من طرف أخينا، ولأجل هاته الوجاهة، وهي حقا فعل نادر منه، يستحق الأمر الطرح والنقاش ومحاولة الإجابة عنه، مع إعادة الأمور إلى نصابها الأول، لكي تستقيم المناقشة فعلا، ولكي لاتلوي عنق الحقيقة، ولكي نصل إلى جواب أو شبه جواب شاف عن السؤال المطروح من طرف الشخص إياه.بداية الأمور كانت على يد طارح السؤال بالتحديد. صديقنا هو من نقل الحلقة من أماكنها الطبيعية في ساحات مدننا العتيقة إلى البرلمان والمجالس. وصاحبنا هو كبير سحرة التفاهة هؤلاء الذي علمهم وأقنعهم أن التوفر على مشروع سياسي حقيقي أمر لايهم، وإقناع الناس عبر عقولهم مسألة غير عاقلة، ففتح المجال بعده لكل من هب ودب لكي يعتقد أن هذه هي السياسة بالتحديد: "جيب يافم وقول"، دون نسيان التهريج الكثير، سواء كان خفيف الدم أم وصل إلى آخر درجات الثقل، ولم يستطع استيعاب ذلك، لتعطل تام في الأحاسيس يسمى التبلد.أما عن النكرات والمسوخ والكائنات المشوهة التي أثارت انتباه أخينا، فإننا نطلب له أولًا السلامة من داء الزهايمر لئلا ينسى أنه هو من استعان بها أول الأمر قبيل "فتح الحكومة"، وإننا ثانيا نذكره أننا كنا حينها نقول له "اتق الله يارجل وانظر بمن تستعين على بلدك".أيامها لم يكن لديه وقت للرد، كان يضحك، وكان يقهقه، وكان ينبس بكلمات غير مفهومة عن "التماسيح"، و"العفاريت"، وكائنات خرافية أخرى، وفقط عندما يتأكد أن المستمع إليه لم يفهم شيئا، يعاجله بعبارة "فهمتيني ولا لا؟"، ويهرب.قلنا في تلك الأيام "دابا يطوال ويعجبك"، ولن نقول اليوم إننا فرحون لأن ماقلناه تحقق بالضبط والتحديد.لا، سنقول والحزن يعتصرنا والألم يضرب كل مسامنا إن ماخشيناه هو الذي يحدث، وعندما فتح أخونا باب السياسة بتحلايقيت، كان يعتقد أنه الوحيد الموهوب في هذا المجال في المغرب، فإذا به يجد بين كل قناة يوتوب للحلقة، وقناة يوتوب ثانية للحلقة، قناة ثالثة فتحت أبوابها، وكلها تخاطب "خوتي المغاربة"، وكلها تهذي وتهرطق، وتقول مالايقال، وفي الختام تطلب من المشاهدين أنهم "يقرقبوا سوارت الربح"، قبل أن يضعوا ماتيسر من دريهمات ليس في قبعة مول الحلقة مباشرة، ولكن عند "يوتوب" الذي يرسلها من إيرلندا، أموالا أصبحت هاجس كثير من الجوعى القدامى، تحمل في قاموسهم إسم ال "آدسنس".أنت أكلت حقك منها سابقا، دعهم هم أيضا يعيشون قليلا، فأنت من أنار لهم السبيل، وأنت أول من دلهم على الطريق.اعترف بأبنائك، وبناتك ياهذا، فعلى فراش "تحلايقيت" الحرام التي أدخلتها إلى السياسة ولدوا، ولاداعي لكل هذا الهروب اليوم.