بعد 40 سنة من الوجود..سكان حومة الشوك بطنجة يواجهون تهمة احتلال ملك الغير

محمد كويمن الاثنين 30 أكتوبر 2023

Ahdath.info

"أين كنتم وهذه منازلنا ولن نغادرها؟"، هكذا كان رد فعل سكان "حومة الشوك" بطنجة، عند توصلهم باستدعاءات الدعوى القضائية المرفوعة ضدهم من قبل شركة عقارية تتهمهم باحتلال ملك الغير بدون سند، حين وجدوا أنفسهم مطالبين بإثبات ملكيتهم للعقارات التي ظلوا يستغلونها منذ عدة سنين.

وعبر مجموعة من سكان هذا الحي عن رفضهم للتهم المنسوبة إليهم، باعتبار أن العديد منهم تمكنوا من بناء مساكنهم أمام أنظار السلطات المحلية، وحصلوا على رخص البناء بشكل قانوني، ومنحت لهم شواهد ثبوت البناء، ويلتزمون بأداء ضريبة النظافة، بعدما سبق لهم قبل سنوات عديدة أن اشتروا البقع الأرضية بوثائق عدلية، وهو ما جعلهم يتساءلون كيف صمت من يدعون ملكيتهم لهذه العقارات طيلة هذه المدة دون أن يبادروا إلى حماية ممتلكاتهم، في الوقت الذي يعلم الجميع أن هذا الحي يعود إلى سنوات الثمانينات.

لكن الشركة العقارية المعنية "الشرف إيموبيلي"، ممثليها مغربي ومغربية من أسرة معروفة بطنجة، تؤكد على أن العقار الذي تملكه البالغ مساحته أزيد من 14 هكتار، محفظ باسمها، ويرجع تاريخ تقييده إلى شهر دجنبر من عام 1958، وسبق أن تقدمت قبل تحوله إلى حي سكني، بطلب للحصول على ترخيص بتجزيئه، إلا أن السلطات آنذاك رفضت بدعوى أن المنطقة تعاني من انجراف التربة، وبعد ذلك عرض هذا الموضوع مجددا على أنظار المجلس الجماعي سنة 2002، من أجل تعويض الشركة، بعدما صار العقار عبارة عن "حومة الشوك"، ولم تتم المصادقة على هذا المقترح، إلى أن عاد الورثة مرة أخرى للمطالبة بأحقيتهم في ملكية العقار أمام القضاء.

الشركة العقارية المذكورة تقدمت عبر محاميها بمقال استعجالي يوم 25 شتنبر المنصرم، تطالب بطرد سكان الحي باعتبارهم "محتلين بدون سند قانوني"، لأرض موضوع الرسم العقاري عدد G/8125 البالغ مساحتها 14 هكتار 56 آر و46 سنتيار، والمتكون حسب شهادة الملكية المستخرجة من الوكالة العقارية بطنجة بتاريخ 19 يونيو 2023، تحت رقم 27945، من أرض عارية، وعقدت الجلسة الأولى يوم 25 أكتوبر الجاري، حيث تم تأجيل القضية لجلسة يوم 8 نونبر المقبل إلى حين استدعاء باقي المدعى عليهم.

ونظم العشرات من السكان، وقفة احتجاجية أمام المحكمة الابتدائية بطنجة، بعد الوقفة التي نظموها بالحي، لتأكيد رفضهم لأي حل يقضي بترحيلهم من منازلهم، وأعلنوا تشبثهم بالبقاء بالحي، مطالبين السلطات المحلية بالتدخل لإيجاد حل لهذا المشكل دون المساس بحقهم في السكن.

واعتبر رئيس مقاطعة مغوغة، التي تتواجد حوكة الشوك فوق ترابها، أن الموضوع الآن مطروح لدى القضاء، والمطلوب إشراك جميع الأطراف المعنية لتوفير الحل المناسب، مشيرا في الوقت نفسه إلى استحالة تنفيذ الحكم ضد حوالي 800 أسرة مطالبة بالإفراغ.

ومن أجل طمأنة الساكنة، قال العمدة خلال إثارة هذا الموضوع في اجتماع دورة أكتوبر، بأن "جماعة طنجة لن تترك سكان حرمة الشوك لوحدهم وستقف معهم مهما كان الثمن، وستقوم بكل التدخلات لصالحهم هذه الساكنة".

ودعا مجموعة من أعضاء مجلس مدينة طنجة، إلى التفكير في معالجة جذرية لهذا الأشكال المطروح على مستوى حومة الشوك، باعتبار أن هناك مجموعة من العقارات بالمدينة تعاني من نفس المشكل وتستدعي تدخل الجماعة لتفادي تكرار رفع نفس الدعاوي القضائية ضد السكان المقيمين فوق العقارات المتنازع عليها.

كما حمل البعض المسؤولية للمسؤولين، الذين تعاقبوا على تدبير الشأن المحلي، حين فسحوا المجال لسماسرة العقار من أجل السطو على مجموعة من الأراضي وتحويلها إلى تجزئات سكنية عشوائية، لدرجة أن صارت العديد من الأحياء الهامشية بالمدينة تحمل أسماء المجزئين السريين وأخرى تعرف باسم الأشخاص، الذين استولوا على بقعها الأرضية بوثائق اللفيف العدلي أو بالتلاعب في ملفات التحفيظ العقاري.

هذا الوضع الذي تواجهه ساكنة حومة الشوك، سبق أن عانت منه ساكنة بعض المناطق الأخرى بالمدينة، حين يتحرك ورثة المالكين لبعض العقارات التي يعود تاريخها لفترة الاستقلال وما قبله، من أجل المطالبة بأملاكهم، وهي عبارة عن تجمعات سكنية، في سبيل الحصول على تعويضات من الجماعة، حيث في كثير من الحلات تجد هذه الأخيرة نفسها عاجزة عن تمكينهم من التعويض المطلوب، في الوقت الذي تسعى في الأطراف الأخرى إلى خلق إشكال اجتماعي يهدد الاستقرار الأمني بغاية الضغط على السلطات لتوفير الحل المناسب في أقرب الآجال.

وحومة الشوك الواقعة عند مدخل المدينة عبر طريق تطوان، تحمل اسم حي بن كيران في السجلات الرسمية، لكنها معروفة أكثر بالشوك، الذي كان يغطي تلك المنطقة قبل أن تتحول إلى أحد أكبر الأحياء الشعبية بالمدينة وتحتضن أسواقا تجارية ومرافق إدارية، وصار ثمن العقار بها مرتفعا، وتصميم التهيئة حاليا يصنفها كمنطقة سكنية مرخصة للبناء، في الوقت الذي لازال يصفها ملف تحفيظ عقارها بأرض عارية.

ويترقب ساكنة طنجة أن تعمل السلطات المحلية إلى إزالة شوكة هذا الحي بدون دم، والسعي إلى الحد من زرع المزيد من الأشواك بمختلف مناطق المدينة، عبر التصدي لخروقات التعمير ووقف الترامي على ملك الغير وزحف البناء العشوائي، وتوفير الضمانات القانونية لحماية الحق في السكن، وهو مطلب المتضررين من فوضى العقار بطنجة الكبرى.