من قلب معاناة زلزال الحوز.. عيون الصحراء وعيون الجبال

إدريس النجار الجمعة 15 سبتمبر 2023

.Ahdath.info

المواطنون بالمناطق المنكوبة، تلقوا خلال اليومين الأخيرين ما يخفف من عمق مأساتهم، جاءتهم بشرى من عيون الصحراء المغربية التي حلت من العيون في مسيرة جديدة عكسية محملة ب52 شاحنة مقطورة من المساعدات الغذائية العينية المختلفة، كما استبشروا خيرا بالعيون المائية التي تفجرت من وسط الجبال مباشرة بعد انتهاء رجات الزلازل المدمرة، هكذا خرج ينبوع الحياة، وشريانها من قلب الموت الذي خيم على تلك الجبال بإقليم الحوز كما بإقليم تارودانت.

في التفاصيل، نستحضر بيتا شعريا للشاعر الوطني الكبير المرحوم محمد الحلوي خلال الهبة الوطنية للمسيرة الخضراء سنة 1975، حين صدر قصيدته"العبور الأكبر" بقوله " أي شعب أنا وقد سار خلفي/ كل شعب كأنهم جنودي" ومضى في القريض الذي جادت به قريحته إلى أن قال وهنا بيت القصيد: "وبكت في العيون كل عيون/ لم تذق لذيذ الهجود".

فخلال هذه الأيام، بكت من جديد في العيون كل عيون لم تذق لذيذ النوم، وهي نفس الحالة في كل أرجاء الوطن، كل عيون، ملؤها الأسى والحسرة لم يغازل النوم عيونها من هول ما يصلها من أخبار الأقاليم المتضررة.

عيون الصحراء الحبيبية تعبأت كل ساكنتها لتقتني كل ما ينقص المواطنين بالأقاليم المنكوبة، بما فيها الأغذية والأفرشة والألبسة، والخيام المصنوعة محليا، تم تجميع المشتريات خلال الأيام التي تلت النكبة، لتثمر على شكل مسيرة بالشاحنات عادت لتكرر مسيرة التلاحم بشكل عكسي هذه المرة، انطلقت من العيون لكي تحل بمراكش والحوز وشيشاوة وتارودانت، مسيرة جرارة من 52 شاحنة مقطورة عادت إلى حيث منطلق المسيرة الخضراء تحت الأنغام الوطنية الخالدة المذكرة بالمسيرة الخضراء، وقد خصصت المسيرة ثلاث شاحنات مقطورة إلى الخيام لتلبية النداء العاجل لمواطنين منكوبين يعانون من البرد. وستتكلف السلطات المحلية في كل هذه الأقاليم بإيصال مساعدات إخواننا في الصحراء إلى أبناء وطنهم لتخفيف المعاناة عنهم.

ومن مشيئة الله وعظمة الكون أن مجموعة من عيون أخرى أثلجت القلوب، تلك هي العيون المائية التي تفجرت مباشرة بعد هدوء الزلزال، وكأنها خرجت لكي تكفكف الدموع من عيون أناس كتب لهم الله البقاء في هذه الحياة، هذه العيون المائية خرجت من قلب الجبال في أماكن متفرقة نذكر منها ثلاث نيعقوب، في الطريق الرابطة بين مراكش وبين هذا المركز القروي حيث خرجت عين بماء مذرار شرع الناس في استغلاله وقد يغير من أحوالهم الاجتماعية عبر فلاحة معاشية.

بتيزي نتاست بجبال تارودانت ظهرت عين مائية بمياه وافرة خلقت شلالات بعين المكان شكلت مجالا للسباحة، انفجرت مياه عذبة صالحة للشرب من بين الصخور، لم يظهر لها أثر مند أواخر الثمانينيات، لكن تحركت الصخور الصخور الجوفية العميقة، فأخذت الحياة من كائنات فوق البسيطة لكي تخرج حياة أخرى من أعماق الأرض.

نفس الظاهرة عرفتها جماعة تالكجونت الجبلية بإقليم الحوز ظهرت بها عيون أصبحت بديلا للشرب، فلم يعد الناس يعطون أهمية للمياه المعدنية التي تتدفق عليهم من خلال المساعدات التي تأتي من حدب وصوب.