البنك الدولي.. المدن مسؤولة عن 70 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة

وكالات الاثنين 29 مايو 2023
No Image

أكد تقرير حديث للبنك الدولي أن المدن، التي يقطنها أكثر من نصف سكان العالم وتتسبب في نحو 70 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة على مستوى العالم، تقع في صميم التحدي المناخي.

ويبحث التقرير الجديد بعنوان "الازدهار: جعل المدن خضراء وشاملة للجميع وقادرة على الصمود في ظل تغير المناخ"، الدور الحيوي الذي تلعبه المدن في التصدي لتغير المناخ وحماية الناس من آثاره.

وبالاستفادة من البيانات المستمدة من أكثر من 10 آلاف مدينة في مختلف أنحاء العالم، يلقي هذا التحليل الجديد الضوء على الدور المحوري للمدن في توفير حياة أكثر ثراء وصحة وأمانا للناس، وعكس مسار الآثار السلبية لتغير المناخ على الغذاء والمياه والتنوع البيولوجي وغيرها.

ويبحث التقرير أيضا كيف تسهم المدن في تغير المناخ من خلال انبعاثات غازات الدفيئة، وكيف ستتأثر الأسر في المناطق الحضرية بزيادة تواتر وشدة الظواهر المناخية مثل موجات الجفاف والفيضانات والأعاصير.

ويؤكد التقرير أنه بالرغم من أن المدن في البلدان منخفضة الدخل لا تسهم إلا بنحو 14 في المائة من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في المناطق الحضرية على مستوى العالم، فإن المدن في البلدان منخفضة الدخل والشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل ستواجه أشد الأخطار المرتبطة بتغير المناخ.

بالإضافة إلى ذلك، يتابع تقرير المؤسسة المالية الدولية، يجب أن تتطور المدن منخفضة الدخل دون انتهاج مسارات الانبعاثات التاريخية التي انتهجتها المدن في البلدان مرتفعة الدخل، وذلك في أفق تحقيق هدف الوصول بالانبعاثات إلى مستوى الصفر بحلول عام 2050. إذ ودون الابتكار والاستثمار في تخضير هذه المدن، سيظل المستوى العالمي لانبعاثات غازات الدفيئة أعلى من المستوى المطلوب للحد من الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية - حتى لو نجحت البلدان مرتفعة الدخل والشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل في النزول بالانبعاثات إلى مستوى الصفر بحلول عام 2050.

وتعليقا على ذلك، قال أكسيل فان تروتسنبرغ، المدير المنتدب الأول لشؤون سياسات التنمية والشراكات بالبنك الدولي "تأتي المدن في طليعة جهود مكافحة تغير المناخ. وبحلول عام 2050، سيعيش ما يقدر بنحو 70 في المائة من الناس في المدن. وهذا يعني أن استثمارات اليوم في جعل المدن قادرة على الصمود وشاملة للجميع ستحدد ما إذا كان معظم الناس سيتمكنون من الحصول على الخدمات الأساسية، والعثور على فرص عمل، والعيش بكرامة".

"ومن خلال العمل محدد الأهداف"، يضيف المسؤول، "يمكننا إحداث تحول في بيئاتنا الحضرية لضمان مستقبل مزدهر لصالح الجميع".

ويؤكد التقرير على الحاجة الملحة إلى أن تعتمد المدن إستراتيجيات متكاملة وخضراء للتخطيط الحضري تتصدى لهذه التحديات المترابطة، بما في ذلك الاستثمار في المساحات الخضراء والبنية التحتية المستدامة.

ومن شأن الإضافة المتوقعة لما يبلغ 2.5 مليارا من سكان المناطق الحضرية بحلول عام 2050 إلى زيادة إجهاد الموارد المائية والبنية التحتية الحضرية، مما يجعل حماية النظم الإيكولوجية واستعادتها، مثل الغابات، مكونا بالغ الأهمية في قدرة المناطق الحضرية على الصمود والأمن المائي.

وفي منطقة إفريقيا جنوب الصحراء وحدها، من المتوقع أن ينمو عدد سكان المناطق الحضرية بالمنطقة بمقدار 950 مليون نسمة أخرى ليصل إلى 1.26 مليار نسمة بحلول عام 2050.

ويعد رسم مسار مختلف للتنمية ينطوي على نمو حضري أكثر تراصا وترابطا، بدلا من الأنماط الحالية المجزأة والمنفصلة ومترامية الأطراف للتوسع الحضري في البلدان منخفضة الدخل، أمرا ضروريا للتعامل مع قضايا المناخ والحد من الفقر.

وسجل التقرير أن المدن منخفضة الدخل تشهد بالفعل زيادة في تعرضها لمخاطر الفيضانات، والإجهاد الحراري، والأعاصير المدارية، وارتفاع منسوب سطح البحر، والإجهاد المائي، وحرائق الغابات، ومن المتوقع أن تكون معدلات تعرضها للفيضانات في فترة السنوات 2030-2040 أعلى بكثير مما هي عليه في المدن في البلدان مرتفعة الدخل.

فالمدن منخفضة الدخل تكون أقل قدرة على الصمود أمام الصدمات، حيث تعاني آثارا اقتصادية أشد حدة، وتستوعب أيضا، في كثير من الحالات، تدفق السكان الفارين من الأحوال الجوية بالغة الشدة التي تضرب المناطق القروية.

ويقدم التقرير توصيات بشأن خيارات السياسات العامة (المعلومات والحوافز والتأمين والتكامل والاستثمارات) لمساعدة المدن على الحد من انبعاثاتها، وتعزيز قدرتها على الصمود أمام الصدمات المناخية، وزيادة خاصية شمول الجميع لمنع الفئات السكانية الأشد فقرا من الشعور المضاعف بالآثار الناجمة عن تغير المناخ.

فعلى سبيل المثال، يوضح تقرير البنك الدولي، يمكن أن يساعد التكامل داخل المدن على الحد من الزحف العمراني غير الضروري، وخفض انبعاثات غازات الدفيئة، وتقريب الناس من الوظائف وفرص العمل، في حين يمكن للتأمين أن يقلل من الآثار المالية الناجمة عن الكوارث، وهو الأمر الذي يعد مكملا لاستراتيجيات التكيف.