الله يجيب الشيفا !

بقلم: المختار لغزيوي الاثنين 26 ديسمبر 2022
No Image

قرأت في أحد المواقع كلاما غبيا عن اللاعب زكريا بوخلال الذي وصفه الموقع بأنه "سلفي تسلل إلىالمنتخب". وقرأت لإحدى "الهاربات" من الوطن كلاما عن لاعبي الكرة الذين لن يكونوا أبدا -حسبها - قدوةللشباب حسنة. وقرأت غباءا مماثلا أو أسوأ، عن الموهوب فوق العادة عز الدين أوناحي وحياته الشخصية،ووجدتني مثل بقية المغاربة أسأل نفسي ومن يقترفون مثل هاته الرداءات: لماذا تستكثرون علينا "قسم دلمكانة" من الفرح؟

لماذا لاتستطيعون الخرس فقط ونحن فرحون؟ ما الذي تربحونه حين تقضون حاجة برائحة كريهة مثل هاتهعلى رؤوس الناس في لحظات التئام جماعي حول السعادة؟

لن تجد جوابا مقنعا بالتأكيد، بل ستجد نفسك فقط تسأل مجددا : أي قدر يجب أن يكون المرء مصابا به منالتعاسة ومن الحزن ومن الكآبة، لكي يجد في لحظة مثل هاته اللحظة المغربية الفريدة من نوعها، النادرةوالرائعة، الوقت لكي يفكر بهذا البؤس، ولكي يكتب بهذا البؤس، ولكي يقصف الناس كلهم بكل هذا البؤس؟

استكثار الفرح على الناس هواية مفضلة لدى البؤساء، وقد رأينا في المونديال الأخير طينة مماثلةاستطاعت أن تتحلل من انتمائها الوطني، وأن تنسى الفرح الجماعي الذي صنعه وليد ووليداتو، لكيتتخصص في بيع تذاكر المباريات في السوق السوداء.

ولكم كان ألمنا كبيرا حين كنا نقرأ الأسماء التي كان يوجه لها هذا الاتهام المهين، وهي أسماء محسوبة علىطبقة ميسورة، لكن جائعة، استطاعت في وقت نادر جدا وخاص جدا أن تتخلص من الشعور الجماعي الذيكان يوحدنا لكي تفكر فقط في مبلغ 200 أو 300 ألف درهم ستعود به من قطر على حساب حب مغاربةلمنتخبهم ولصورة بلادهم.

وحقيقة سنتساءل، نحن الفقراء الأصليون الذين لانتقن حديث "الهوتات والهمزات" الصغير هذا، مهما كبرحجمها، عن الربح الذي سيحققه هؤلاء بمال بئيس مثل الذي سرقوه في المونديال.

وطبعا لن نجد جوابا شافيا، مثلما لم نجد للطبقة الأولى جوابا يكفينا حرقة السؤال.

سيظل الفرق بين المغاربة البسطاء الذي يحبون بلدهم لوجه بلدهم، وبين هؤلاء البؤساء الذين يستكثرونعلينا الفرح بأقوالهم وأفعالهم، فرقا شاسعا وكبيرا.

فرق مهول بين شعب يعتبر أن أكبر ربح (مادي ومعنوي) قد يحققه في حياته هو أن يرى علم بلده خفاقا فيالأعالي، وبين مصابين بالبؤس الدائم لايريدون إلا استغلال الفرص للنيل من البلد، وسب أبنائه والانتقاصمنهم، أو سرقتهم بالنصب والاحتيال .

سيظل الأمر علامة على أننا نشبه فقط الآخرين، كل الآخرين، في كل مكان: فينا صالحون يزرعون الإيجابيةوالأمل والفرح أينما مروا وحيثما عبروا، وفينا طالحون مهمتهم تعكير صفو الحياة علينا بحزن كئيبيسكنهم، علاجه يوجد لدى أول طبيب نفساني مبتدئ، لو كانوا فقط قادرين على الاعتراف أنهم فعلا مرضى،وأن حل المرض، هو العلاج، وليس أي شيء آخر...

ما القول إذن ياقوم؟

الإكثار من الدعاء لاغير وقول "الله يجيب الشيفا"، آناء الليل، وأطراف النهار.