السياسة

لقجع: هذه انعكاسات الأزمة العالمية على الاقتصاد الوطني

أحداث أنفو الثلاثاء 17 مايو 2022
C435A901-15F9-4EB3-A67F-1D38D256097E
C435A901-15F9-4EB3-A67F-1D38D256097E

Ahdath.info

توقف طويلا الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، عند انعكاسات الازمة العالمية على الاقتصاد الوطني، كاشفا عن أهم ملامحها التي ظهرت على مختلف الأنشطة الاقتصادية بالمملكة.

الكشف عن التدعيات والانعكاسات، كان محور جواب الوزير لقجع على أسئلة البرلمانيين، بمجلس النواب، حيث أكد في مستهل مذكرته الجوابية، على أن "الحكومة كعادتها، ستتفاعل بكل مسؤولية وبكل شفافية من خلال المعطيات التي سأقدمها أمامكم".

السياق العالمي

وتطرق لقجع في مستهل جوابه، إلى أنه "منذ بداية الحديث على ارتفاع الأسعار، هناك اتفاق عام على كون هذا الارتفاع يمس كافة دول العالم وهو ناتج عن نفس الأسباب في كافة دول العالم كذلك"، وذكر منها "حدوث أزمتين كبيرتين في ظرف وجيز (سنتين فقط) أي جائحة كوفيد ثم الحرب الدائرة في القارة الشمالية".

وحسب الوزير فإن ما يهم أولا تفصيل مظاهر انعكاس الأزمة على المغرب، ثم ثانيا في استراتيجية الحكومة للإجابة على هذه الأزمة ومختلف الإجراءات المتخذة، ليضيف أنه بعد ذلك سنرى إن كانت هناك حلول أخرى أفضل مما تم اتخاذه.

وعاد لقجع في بداية تفصيله لمظاهر انعكاس الأزمة، إلى الجائحة مؤكدا أن "الكل يعرف أنه لم يسبق في التاريخ الحديث أن عاش الاقتصاد العالمي توقفا شبه تام للإنتاج والأنشطة الخدماتية، ما أدى لركود اقتصادي شامل نتجت عنه انعكاسات كبرى على مستوى فقدان مناصب الشغل وتراجع النمو".

بذلك يصل لقجع في جوابه، إلى أنه من اللازم أن نتذكر بكل فخر الورش التضامني التاريخي الذي انخرط فيه جميع المغاربة بإشراف وتوجيه ملكي سامي والذي ساهم في امتصاص جزء كبير من معاناة المواطنين.

لكن الوزير يستطرد قائلا، "حبذا لو أن التأثير العالمي لكوفيد وقف هنا. فالأخطر في الأمر أنه مع بداية تحسن الوضع الوبائي في 2021 وعودة الطلب العالمي على السلع والخدمات، اتضح أن القدرة الإنتاجية تقلصت في عدد من القطاعات.

وحسب لقجع، فإن هذا ما يمكن اعتباره عاملا أول في ارتفاع الأسعار، وذكر بأن هذا المعطى في عام 2021، أي قبل الحرب، وما نتج عن ذلك من تضرر القدرات الانتاجية تضاف إليها تضرر سلاسل اللوجستيك، وخص بالذكر النقل. مشيرا إلى أن الأمر وصل إلى تراجع النشاط وحتى الإفلاس لعدد من شركات النقل، وهذا هو العامل الثاني في ارتفاع الأسعار حتى قبل الحرب، يوضح لقجع.

ارتفاع أسعار النقل والشحن

الوزير واصل توضيحاته، بمرحلة ما بعد الجائحة، حيث كانت الحرب "التي أدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة في الأسواق العالمية"، وبالنسبة لفوزي لقجع، فإن غلاء الطاقة كان عنده انعكاس تمثل في ما يلي:

- ارتفاع إضافي لكلفة إنتاج السلع بحكم أن الطاقة مكون أساسي في عوامل الإنتاج؛

- ارتفاع إضافي لكلفة الشحن والنقل؛

- ارتفاع إضافي في أسعار توزيع الوقود للعموم.

وبلغة الأرقام، قدم لقجع النماذج التالية:

- سجل سعر شحن القمح اللين بين الاتحاد الأوربي والمغرب ارتفاعا مهما بلغ متوسطه 27 دولارا للطن بالنسبة للفترة الممتدة من يناير إلى أبريل 2022 أي بارتفاع بلغ 22 ٪ مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2021.

بالتالي بلغت تكلفة القمح اللين الموجه للمطحنة الصناعية ما يناهز 483 درهم للقنطار مقابل السعر المستهدف والمقدر ب260 درهم للقنطار،  وهو ما يمثل زيادة ب223 درهم للقنطار.

- عرفت أسعار شحن المواد الطاقية ارتفاعا هاما صاحب الارتفاع المسجل في أسواق النفط والغاز الطبيعي. وتأرجحت مثال تكلفة نقل طن واحد من غاز البوتان في الحاملات الكبيرة جدا ( التي تعتمد التبريد كطريقة للنقل) من الولايات المتحدة الأمريكية إلى المغرب بين 39 و 73 دولارا خلال الفترة الممتدة بين يناير و 11 ماي 2022 لتسجل متوسطا قدره 53 دولارا للطن، أي بزيادة تقارب ٪11 مقارنة بنفس الفترة من سنة 2021.

ومن جهة أخرى، يضيف الوزير، سجلت أسعار نقل غاز البوتان المسال داخل القارة الأوربية ارتفاعات حادة خلال سنة 2022 تأرجحت بين 32 ٪و 53 ٪ ليفرز ذلك ضغطا على تكلفة نقل غاز البوتان من أوروبا إلى المغرب حيث تجاوز هذا الارتفاع 20.٪.

ارتفاع أسعار المواد البترولية

ويتابع الوزير المكلف بالميزانية جوابه، بالإشارة إلى أن هذا بالنسبة لكلفة النقل وتأثيرها على الأسعار. أما بالنسبة لكلفة المواد البترولية فقد عرفت منحى تصاعديا، فخلال الفترة الممتدة من يناير إلى 11 ماي 2022 ، تأرجح سعر برميل النفط الخام بين 80 و133 دولارا، أي بمتوسط 101 دولارا للبرميل وذلك بارتفاع قدره 42 %مقارنة بالسنة الماضية.

تبعا لذلك، يوضح لقجع، عرفت أسعار كل من الغازوال والبنزين ارتفاعا غير مسبوق مسجلة منذ بداية السنة إلى اليوم على التوالي متوسطات تقدر ب 983 دولارا للطن و1005 دولارا للطن وذلك بزيادات بلغت 66 ٪و 46 ٪مقارنة بنفس المرحلة من سنة 2021.

وحسب جواب الوزير، فقد انتقلت أسعار كل من الغازوال والبنزين حاليا إلى 1128 دولارا للطن و 1224 دولارا للطن على التوالي.

بالطبع، يقول لقجع، أدى هذا الوضع إلى ارتفاع ثمن الغازوال في المغرب بنسبة 30 % بين فبراير وماي 2022 ، في حين ارتفع ثمن الغازوال في الولايات المتحدة الأمريكية و الإمارات العربية المتحدة بنسبة 46 % في نفس الفترة علما أن هذين البلدين يعتبران أول وسابع أكبر منتجين للنفط في العالم.

اما بخصوص أوروبا يكشف لقجع، أن أسعار الغازوال ارتفعت خلال نفس الفترة حيث بلغت بتاريخ 9 ماي 2022  ب056,2 يورو بألمانيا و 041,2 يورو ببلجيكا و 89,1 يورو بإسباني.

ونفس المنحى عرفته آسيا، حوالي 20 ٪في الصين رغم الحجر الصحي على عدد من المدن، وما يزيد عن 31 ٪في كوريا الجنوبية، بينما سجلت إندونيسيا ارتفاعا في سعر الغازوال قارب 49 ٪ خلال نفس الفترة.

التقلبات المناخية

واستحضر لقجع إضافة لكل هذه التأثيرات العالمية القوية، التقلبات المناخية العامة والتي كان لديها أثر بالغ في بلادنا على القطاع الفلاحي وعلى وفرة المياه ما كلف الحكومة مجهودا ماليا إضافيا بلغ 10 ملايير درهم لدعم الفالحين خاصة الصغار منهم.

ارتفاع نسب التضخم

وحسب الوزير، فالحصيلة الإجمالية لهذه الوضعية تمثلت في ارتفاع نسب التضخم على المستوى العالمي، واستشهد الوزير بمعطيات المندوبية السامية للتخطيط، حيث أنه نتيجة للارتفاع الذي عرفته أسعار المواد الأولية، على الصعيد العالمي، ولا سيما الطاقية والغذائية، التي سجلت تواليا نسب ارتفاع بلغت 80 % و %5,24 برسم الربع الأول من السنة الجارية، واصل معدل التضخم الذي يعكس ارتفاع الأسعار تسجيل مستويات جد مرتفعة على مستوى جل الدول.

ودائما في السياق نفسه، يفيد لقجع بأن معدل التضخم بالمغرب بلغ %4 إلى غاية شهر مارس من هذه السنة، مقابل 8 % في الولايات المتحدة الأمريكية و 1,6 % بمنطقة اليورو و2.7 في المئة في تونس خلال شهر مارس 2022.

هذا يعني، يؤكد الوزير، أن المغرب استطاع حصر هذا الاتجاه التصاعدي للتضخم في أقل مستوى ممكن أي 4 في المائة مقارنة مع بلدان ذات إمكانيات اقتصادية كبيرة أو بلدان تنتمي لنفس المنطقة الجغرافية.

قرارات صعبة

وهنا يشير الوزير لقجع، إلى أن هذا لم يكن محض الصدفة، "بل نتيجة سياسة إرادية قوية استلزمت قرارات صعبة بحسابات دقيقة"، ويتابع الوزير، "كان علينا أن نوازن ما بين مجهود مالي كبير لدعم المواد الأساسية والقطاعات المتضررة، وبين الحفاظ في نفس الوقت على المجهود التنموي النابع من رؤية ملكية شاملة ذات أبعاد استراتيجية ومن التزامات الحكومة في إطارالنموذج التنموي.

وبالنسبة لفوزي لقجع، "فليس من الممكن أن نضع كل القدرات المالية للدولة لحل وضعية طارئة على حساب مصلحة كافة المغاربة في التنمية، وفي إنجاز الاوراشوالمشاريع الكبرى التي ينتظر منها تحسين حياة المغاربة على مختلف الأصعدة.