اقتصاد

خطر السيولة وعدم التصريح وعجز منتظر .. تقرير يرصد الوضع الصعب لأنظمة التقاعد في المغرب

سكينة بنزين الثلاثاء 15 مارس 2022
نظام التقاعد في المغرب
نظام التقاعد في المغرب

AHDATH.INFO

أكد المجلس الأعلى للحسابات في تقريره برسم سنتي 2019-2020، الخلاصات والتوصيات التي سبق له أن تقدم بها سنة 2013 حول الوضع الصعب الذي تعيشه أنظمة التقاعد في المغرب، مشيرا أنها تعرف محدودية وتعاني اختلالا على مستوى التوازن الهيكلي.

وأشار المجلس في تقريره الذي نشر أمس الاثنين 14 مارس بالجريدة الرسمية، أنه كان حريصا منذ سنة 2013 على القيام بعدد من المهمات الرقابية داخل المؤسسات الثلاث المكلفة بتدبير أنظمة التقاعد ( الصندوق المغربي للتقاعد، والنظام الجمامعي، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي)، ليواظب بعدها على مراقبتها عن كثب وبصفة مستمرة للوقوف على تطور وضعيتها، موصيا بضرورة الشروع على وجه السرعة في عمليات إصلاح عميقة وشاملة بسبب الخطر الذي تمثله أنظمة التقاعد وتوازنها على المالية العامة، داعيا لوضع خارطة طريق تحدد بنية النظام المستهدف والإطار المؤسساتي والحكماتي والتدابير التي يتعين اعتمادها والجدول الزمني لتفعيل وتنفيذ ذلك.

ونبه تقرير المجلس إلى محدودية انخراط السكان النشيطين في المغرب بتغطية التقاعد، والتي لا تتجاوز 42 في المائة (4.4 مليون شخص)، بينما يبلغ عدد النشيطين غير المشمولين بتغطية التقاعد 6.3 مليون عامل بنهاية 2019، وتتكون هذه الفئة أساسا من العمال غير الأجراء الذين يمثلون حوالي 50 في المائة من إجمالي الساكنة النشيطة، إلى جانب الأجراء غير المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وأشار المجلس أن الانخراط في نظام أساسي للتقاعد لا يضمن بالضرورة الحصول على معاش عند التقاعد بسبب عدم توفر المنخرطين على الأقدمية،كما أن معدل التعويض يعرف تفاوتا واضحا عن مستوى الأجر المحصل عليه في نهاية المسار المهني،

وجدد المجلس التنبيه إلى اختلال التوازنات المالية التي تعرفها الأنظمة، مما يؤثر سلبا على ديمومتها وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه المتقاعدين المستقبليين، وحرص المجلس على وضع تواريخ تنبه لسيناريوهات مزعجة، مشيرا أن نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد، يعرف عجزا إجماليا من المنتظر أن يستنزف احتياطاته في أفق 2026، بينما يعرف النظام العام للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، عجزا تقنيا منذ سنوات، و من المتوقع أن يواجه أول عجز إجمالي له سنة 2028، وإن كانت التوقعات تشير أن استنفاد إجمالي الاحتياطات متوقعة قبل سنة 2051 نظرا لحجم الاحتياطيات المالية التي يتوفر عليها.

أما بخصوص نظام تقاعد الأجراء الذي يدبره الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، قد يعرف أول عجز تقني له في أفق 2029، واستنزاف احتياطاته في أفق 2046، موضحا أن النظام العام للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، يعرف وضعية مالية مريحة ناتجة عن احتياطاته المالية، و أوصى المجلس بضرورة الاستمرار في مراجعة وملاءمة مقاييس أنظمة التقاعد الأساسي بانتظار اعتماد التصميم النهائي للإصلاح الهيكلي، مع تطوير آليات فعالة للحد من حالات عدم التصريح، إلى جانب  الشروع في أقرب الآجال في عملية الإصلاح البنيوي عن طريق تسريع وتيرة الإصلاحات المعيارية لتقريب الأنظمة القائمة من نظام مستهدف ومحدد مسبقا.

وأوصى المجلس أيضا إلى تصميم الإصلاح وفقا للمبادئ التوجيهية المرتبطة بالتضامن بين الأجيال والحفاظ على الحقوق المكتسبة والتدرج في التنزيل بهدف ضمان استدامة نظام التعاقد، مع مراجعة الإطار الحالي لحكامة أنظمة التقاعد بهدف إنشاء نظام قادر على ضمان أمن الأصول للوفاء بالتزاماتها، مع دعوته لإجراء دراسة مستعجلة للإشكالية المتعلقة بخطر السيولة التي سيواجهها نظام المعاشات المدنية على المدى القصير، والنظر في آلية لتمويل العبء المالي المرتبط بالحد الأدنى للمعاشات، إضافة إلى المواءمة التدريجية للسن القانوني للتقاعد المطبق بالنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد.

ودعا التقرير إلى تحفيز انخراط النشطين غير الأجراء عبر ضمان معدل تعويض معقول للدخل يمكن من الحصول على معاش معقول حين بلوغ سن التقاعد، مع الحفاظ مؤقتا على الطابع الاختياري للانخراط في نظام التقاعد قبل تعميم اجباريته مستقبلا على غير الأجراء، كما أوصى بالتدرج في إدماج الفئات التي يسهل تحديدها وتتمتع بدرجة من التجانس والقدرة المالية، إلى جانب التواصل مع الفئة المستهدفة لزيادة الوعي بأهمية التغطية.

واقترح المجلس فحص آليات تمويل أخرى غير المساهمات لصالح النشطين غير الأجراء كالتحفيزات الضريبية والضرائب المخصصة، مع وضع خطط تحصيل فعالة لضمان دفع الاشتراكات بطريقة سلسة ومتواصلة دون أن ينتج عنها أعباء إضافية قد تؤدي إلى عدم التوازن في كلفة الخدمات، وفي إطار التفاعل مع التوصيات والملاحظات الواردة في تقرير المجلس الأعلى للحسابات، أكد مدير الصندوق المغربي للتقاعد أنها عكست بشكل جلي الوضعية المقلقة لنظام المعاشات المدنية التي ستكون غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها بحلول 2027، وذلك  في حال عدم اتخاذ أي اجراء، مسجلا وجاهة توصيات المجلس خاصة النقطة المتعلقة بالعمل على تجاوز خطر السيولة على المدى القصير وإعادة التفكير في تمويل عجز النظام بهدف ضمان استدامته على المدى الطويل.