مجتمع

كورونا ترغم طفلات على العمل بالضيعات الفلاحية والمنازل بمولاي بوسلهام

سكينة بنزين الاحد 26 ديسمبر 2021
عمل الطفلات المغربيات
عمل الطفلات المغربيات

AHDATH.INFO

وضعية مزرية تعيشها قاصرات أجبرتهن أوضاع أسرهن الاجتماعية على العمل في سن مبكر داخل الضيعات الفلاحية، حيث طول ساعات العمل وظروف العمل القاسية مقابل دراهم معدودة يتهدد أصحابها الموت بسبب حوادث السير التي تحصد أرواح العاملات المضطرات للتنقل مكدسات على متن عربات في ظروف غير إنسانية، لعل آخرها ذلك الخبر المحزن لحادثة سير أودت  بحياة 8 عاملات بمنطقة مولاي بوسلهام، التي طالها النسيان قبل أن تعود الأمور لسابق عهدها دون اكتراث لهذه الفئة المهمشة.

إلى جانب العمل في الضيعات  تجد العديد من القاصرات أنفسهن خادمات داخل المنازل بدل مقاعد الدراسة، حيث يتحملن مسؤوليات تفوق طاقتهن البدنية ليتحولن إلى مدبرات منازل ومربيات وأحيانا ضحايا تحرش أو تعذيب، وفي محاولة للحد من هذه القصص المأساوية المرتبطة بتشغيل الأطفال، اختارت جمعية "اليسر للتنمية والتخييم" بشراكة مع وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والتشغيل والكفاءات، تسليط الضوء على ظاهرة تشغيل الأطفال ضمن مشروع "عناية" الذي رأى في المنطقة واحدة من المناطق التي تتطلب عملا مركزا للقضاء على ظاهرة تشغيل الاطفال، خاصة الفتيات.

وأوضح المجتمعون خلال مائدة مستديرة ببوسلهام أول أمس الجمعة24 دجنبر، أن القضاء على الظاهرة بحاجة إلى مقاربة تشاركية تفرز مبادرات قابلة لأن تترجم على أرض الواقع حيث كل الظروف تدفع الاطفال وخاصة الفتيات لطرق أبواب الضيعات الفلاحية والمنازل طلبا للعمل.

ومن المنتظر أن يستفيد 500 طفل من مشروع "عناية" على مدى 9 أشهر، حيث يراهن الجمعويون على توفير الدعم المدرسي لفائدة التلاميد في وضعية صعبة، بعد رصد حالات الهدر المدرسي بسبب ضعف مستوى المتعلمين حيث يغيب الدعم داخل المنازل بسبب انتشار الأمية بين صفوف الآباء، إلى جانب تسليط الضوء على وضعية الفتيات العاملات داخل الضيعات الفلاحية، و إيجاد طرق كفيلة بإبعاد الأطفال عن الأعمال الخطيرة.

تجدر الإشارة أن المغرب اعتمد مقاربة تراهن على تقوية الحكومة لشراكاتها مع المجتمع المدني باعتباره الأكثر تواجدا على الميدان، والأكثر قدرة على تجميع المعطيات عن قرب حول ظاهرة تشغيل الاطفال واقتراح الحلول، وقد مكنت هذه الشراكة وفق حصيلة 2018 من سحب 162 طفلا تقل أعمارهم عن 15 سنة من العمل، بينهم 32 طفلة، كما تم انتشال 632 طفلا وطفلة تترواح أعمارهم ما بين 16 و 18 سنة من ممارسة أشغال خطرة، كان من بينهن 65 طفلة تشتغل في ظروف خطرة داخل المنازل.

وباستحضار معطيات ما قبل الجائحة، كانت المؤشرات المغربية تبعث على التفاؤل بعد تسجيل  انخفاض ملحوظ في العدد الإجمالي للأطفال في وضعية الشغل بنسبة 92 بالمائة مقارنة مع 1999، حيث كان عدد الأطفال المشتغلين الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة حوالي 517 ألف طفل، ليصبح الرقم في حدود 41 ألف طفل وفق الارقام المعلن عنها قبيل الجائحة والتي أشارت ان أغلبهم يتواجدون بالعالم القروي (37039).

إلا أن وضع ما بعد الجائحة لا يشبه قبلها بالضرورة، حيث تسببت تداعيات الوباء الثقيلة في تبخر العديد من موارد الرزق خاصة تلك المرتبطة بالاقتصاد غير المهيكل أو المقاولات الصغيرة، أو الانشطة التي تمارس من طرف الفئات الاكثر هشاشة وفي مقدمتهم النساء والاطفال، ما دفع بالعديد بالاطفال إلى العمل في ظروف أكثر قهرا وقسوة، وفي ارقام كشفت عنها الجمعية المغربية لحقوق الانسان التي حذرت من انتعاش ظاهرة تشغيل الاطفال في ظل كورونا، بلغ عدد الاطفال الذين تتراوح أعمارهم مابين 7 و 17 سنة، بلغ 247 ألف طفل، منهم 162 ألفا يشتغلون في ظروف خطرة.

وكانت منظمة اليونسف قد حذرت من كون الجائحة قد تتحول إلى محطة تقهقر بالنسبة للعديد من المشاريع، في مقدمتها ما يرتبط بالاطفال بسبب انشغال الحكومات بوضع خطط لمواجهة التداعيات الكبرى للجائحة، ما رمى بظلاله على وضعية الاطفال حيث تسببتت التفاوتات في الاستفادة من التعليم عن بعد في عزوف عدد من الاطفال عن الدراسة، ما ضاعف نسبة عمالة الاطفال بسبب ارتفاع معدلات الفقر عقب الازمة الصحية، حيث لجأ الصغار للعمل داخل المحلات الصغيرة، والبناء، والضيعات الفلاحية، والمنازل، والمصانع المتواجد داخل خانة الاقتصاد غير المهيكل في الوقت الذي لجأ البعض إلى التسول.