اقتصاد

منتدى السياحة بورزازات يدعو لمقاربة تنموية تَضْمَنُ استفادة السكان

رشيد قبول الثلاثاء 28 يناير 2020
DB2A4A63-6C81-467C-9E4E-75C688AA1628
DB2A4A63-6C81-467C-9E4E-75C688AA1628

Ahdath.info

قال عبد الرحمان الدريسي، رئيس المجلس الجماعي لورزازات، إن الدورة الثامنة للمنتدى الدولي للسياحة التضامنية، «تَرُوم تعزيز الترافع من أجل الحفاظ على الواحات في جميع بلدان العالم، وتطوير نموذج تنموي سياحي رَصِين من أجل تنمية محلية مستدامة، وتبادل التجارب والخبرات بين مختلف الفاعلين إقليميا ودوليا ».

واعتبر أن هذه الدورة «قد اهْتَدَتْ إلى العنوان الصحيح»، لأن «جهة درعة تافيلالت هي مجال واحاتي بامتياز، شَكَّلَ ولازال يُشَكِّلُ لَبِنَة أساسية في تاريخ المغرب الـمُعاصر، ويتجلى ذلك في كون وَاحَتَيْ درعة تافيلالت مَهْدَ دَوْلَتين عَرِيقتين كان لهما الأَثَرُ الكبير في الحُكم المعاصر للمملكة المغربية، هما الدولة السعدية ومَهْدُهَا تَمْكروت، زاكورة بواحة درعة، والدولة العلوية و مَهْدُهَا مولاي علي الشريف بواحة تافيلالت».

وأضاف الدريسي أن «هذا الفعل السياسي لم يكن ليُولَدَ بهذه المنطقة ويمتد أَثَرُهُ لِيَصِلَ إلى سُدَّةِ الحُكم، لولا أن شروطا اجتماعية، اقتصادية، ثقافية وَفَّرَتِهَا الواحة، فالواحة فضاءٌ يَتَّسِمُ بالكُلِّيَة ولا يقبل التَجْزِيءَ، فيه تَنْصَهِرُ الذات الفردية في الذات الجماعية، لِتُشَكِّلَ بِنْيَةً مُنسجمة تَنْسُجُ رؤى موحدة للمستقبل عبر قراءة فاحصة للواقع»

عبد الرحمان الدريسي

وأشار إلى أن «الواحة أيضا فضاءٌ للعيش وللحياة، باعتبارها مجالا يُوَفِّرُ شروط الاستقرار، حيث استطاع الانسان أن يُطَوِّعَ الطبيعة التي منحته الكثير، فقد شَيَّدَ القصور والقصبات التي لازالت لحد اليوم مَحَطَّ اهتمام الباحثين والدارسين سواء من حيث هندستها وعُمرانها أو من حيث دلالتها الأنتربولوجية الضاربة في عمق التاريخ».

وأكد المتحدث ذاته أن «المَدْشَرْ أو القصر كان يختزل فن العيش في أسمى تجلياته، فهو مَأْوى، ودار الجماعة، ودار الضيف، ومسجد، وفضاء تَدُوبُ فيه الاختلافات العِرْقِيَة والدينية واللُّغوية ليتسع للجميع، (عرب، مسلمون، أمازيغ، أفارقة و يهود)، وهذا التنوع الإِثْنِي ساهم بشكل كبير في إعطاء الواحة خصوصيات تُمَيِّزُهَا عن مجالات أخرى كثيرة».

من حفل افتتاح المنتدى

كما اعتبر الدريسي أن «الثقافة ازدهرت والعلم وخزانات تَأْوِي أُمهات الكتب في مختلف الميادين كما بالخزانة الناصرية بتَامْكْرُوت، كما ازدهر الشِعر لارتباطه الوثيق بالإنسان النازح من الشرق إِبَّانَ الفتوحات الإسلامية والهِجرات المتتالية واسْتِضَافَتِهِ في بيئة لا تختلف كثيرا عن بيئته الأم، واستمر الشِعر يُؤَدِّي دوره إلى يومنا هذا من خلال فنون مُتَجَدِّرَة كالكَدْرَة بالمحاميد والرَّسْمَة والصْقْل بزاكورة وفن الملحون بتافيلالت، بل اِمْتَدَّ ليكون مصدرا فنيا لفرق غنائية وطنية كناس الغيوان وجيل جيلالة و لمشاهب، هذا النوع امتزج بنوع آخر يُتَرْجِمُ ثقافة أخرى، ثقافة أمازيغية تُعَبِّرُ عن ذاتها بألوان غنائية فلكلورية كأحواش ورزازات، ورقصة النحلة وأحيدوس وإلى جانبها تعبير الثقافة الإفريقية المتجلي في كناوة بواحة تنغير».

وأشار المتحدث ذاته إلى أن «كُل هذا الزَّخَمْ من الشروط التي تُوفرها الواحة سواء في بلادنا أو في بلدان العالم الأخرى، تَمنح اللجنة الدولية للمنتدى ومختلف الشركاء فرصة إنجاح تصوراتهم وتحقيقها على أرض الواقع لأنها تَنْصَهِرُ مع لُبِّ شعار هذه النسخة الذي هو (التنمية المستدامة والسياحة التضامنية في واحات العالم).

الدريسي الذي كان يتحدث خلال افتتاح المنتدى الدولي للسياحة التضامنية، المنظم من طرف المجلس الجماعي لورزازات والمجلس الإقليمي لورزازات و بدعم من اللجنة الدولية للمنتدى الدولي للسياحة التضامنية (FITS) ورزازات-المغرب 2020، وبشراكة مع وزارة السياحة والصناعة التقليدية و النقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان والمجلس الإقليمي للسياحة وشركاء آخرين، تحت شعار: (مُرونة المناخ، والتنمية المستدامة والسياحة التضامنية في واحات العالم: سياحة رصينة من أجل تنمية مستدامة)،أكد أن المغرب تحت القيادة الرشيدة للمغفور له الملك الحسن الثاني، عَمَدَتْ منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي إلى سَنِّ سياسة بناء السدود في مختلف تراب المملكة.

منصة الافتتاح الرسمي

وقد كان للواحات نصيب أَوْفَر من هذا البرنامج الضخم حيث تم تشييد سد المنصور الذهبي بورزازات على روافد نَهْر درعة وسد الحسن الداخل على وادي زيز الرشيدية، وعلى مر العقود كان لهذين السَدين الأثر الإيجابي على المنطقتين سواء على الزراعة والمجال الأخضر أو على مستوى مياه الشرب.

وقال الدريسي، إنه «على هذه الخطى سَارَ الملك محمد السادس في بداية حكمه للبلاد حيث أَحْدَثَ الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان سنة 2010، والمجلس الوطني للماء، بغية تدبير وترشيد استهلاك الماء الذي يولي له أهمية قصوى سواء في خُطَبِهِ السامية أو في توجيهاته للحكومة، وعلى اعتبار أن الواحة كما أَسْلَفْتُ فضاءً للعيش من جهة، و من جهة ثانية على اعتبارها مجالا سياحيا له هُوَاتُهُ ومُحِبُّوه من مختلف أنحاء العالم، فقد حظيت بقسط وافر من هذا الاهتمام، وعلى أساس أن القطاع السياحي يُعَدُّ رَافِدًا أَسَاسْ من روافد اقتصاد بلادنا، فإن صاحب الجلالة ما فتئ منذ اعتلائه العرش يولي له اهتمامه الكبير و يوصي بانخراط الجميع في كسب التحديات.

وقال الدريسي إن «المجلس الجماعي لورزازات وَاع بمدى أهمية القطاع السياحي الذي يُشَكِّلُ العَضُدَ الأَسَاسْ للاقتصاد المحلي»، من خلال برنامج المخطط الجماعي للتنمية أو برنامج عمل الجماعة في العشرية الأخيرة، حيث كان لقطاع السياحة الاهتمام.