ثقافة وفن

جواد شفيق يكتب: الرجوع لله ...يا عبد الإله !!

أسامة خيي الاثنين 20 فبراير 2017
Capture d’écran 2017-02-20 à 14.19.01
Capture d’écran 2017-02-20 à 14.19.01

AHDATH.INFO- بقلم: جواد شفيق

في خطوة تصعيدية ضخمة، لا بد أن يكون لها ما بعدها ، ذهب الأمين العام للعدالة و التنمية ، رئيس الحكومة المعين رأسا نحو الملك ليحمله مسؤولية "البلوكاج" ،و يلقي عليه بفشله في تشكيل أغلبيته .

لعل السميائيات تفيدنا في تبيان ذلك و نحن نقرأ ما جاء على لسان السيد بنكيران من على منصة درعه النقابي . فالملك في تقدير بن كيران، قد ترك ، و تخلى عن "الشعب المغربي " ، في كربته ، و ذهب ليفرج كرب شعوب أخرى. و كربتنا نحن "الشعب المغربي" تتجلى في عدم احترام رغبتنا في أن تشكل للسيد بنكيران أغلبية و حكومة .

كان على الملك إذن أن لا يسافر أولا، و أن لا يفرج كربات شعوب أخرى ثانيا..و أن يوقف الإهانة التي يتعرض لها شعبه ثالثا .

و إن لم يفعل ،

فالآتي سيكون صعبا .

بالنظر لسيل الشعر ، و مقامات الولاء، التي نظمها بنكيران في الملك و الملكية خلال ولايته الحكومية ، مقحما حتى لالة مفتاحة رحمها الله التي "كانت توصيه بالملك خيرا"...

لا يمكن أن نضع ماقال الرجل إلا في خانة النكت الحامضة التي دأب على حكيها ، حتى للملك.

غير هاذي حامضة بزاف !!

و يحتمل أيضا أن يكون كلام الرجل من جنس ثرثرة "التلفة" و الارتباك ، و التشنج، و الإحساس بالفشل ، و حتى الغضب ....و كل الحالات غير العقلانية التي تجعل الكلام يسبق التفكير.

كما يحتمل الوضع ، أن يكون بنكيران قد قرر أن يمر إلى السرعة القصوى ، في تناغم عجيب مع "مبروك العيد " (مورتانيا) ، و الشيوعي الإسلامي مولاهم إسماعيل(الحرب الأهلية إذا لم نبايع بنكيران )،...في لعبة لي ذراع لن يقدروا عليها أبدا .

و لهذا ، قرر الاستعاضة عن الحديث مع أخنوش و العنصر، بالحديث إلى الملك رأسا.

سبق لبعض من الصحافة الدولية ، أن أشارت في تحقيقاتها و مقالاتها ، إلى أن هناك آراء داخل قيادات و أطر بيجيدية تقول بمسؤولية الملك المباشرة عن تعثر تشكيل الحكومة .

هل "نضجت " هذه الفرضية /الوهمية إلى أن دخلت دماغ بنكيران ؟

لقد ضل بنكيران الطريق كلها هذه المرة ، سواء أكان ما صدر عنه انفعال أو زلة لسان أو حالة هذيان أو قول نابع من إيمان::

لقد عينك الملك رئيسا للحكومة ، محترما الدستور، و إرادة الناخبين الذين جعلوك أولا، و هم على أية حال ، ليسوا الشعب الذي تريد بسط جناحك عليه و الحديث باسمه. و بصراحة أكثر فحتى لو شكلت أغلبيتك ...فلن تكونوا الشعب كله، بالنظر لتعدادنا، و عدد ناخبينا المفترضين، و عدد المسجلين، و عدد المشاركين، و عدد الملغاة، و عدد ما حصلتم عليه من أصوات أنتم و حلفاؤكم المحتملين.

و انت وحدك المخول بتشكيل حكومتك ، و البحث عن شركاء (بعد أن هجوت الجميع في حملتك الانتخابية)... و إذا فشلت في ذلك ، لك آنذاك أن تعود إلى الملك مقرا بذلك ، و للبلد رب و مؤسسات تحميه.

الشعب المغربي يا سيد بنكيران ، لا يشعر بأية إهانة و قد تعطل تشكيل حكومتك، و ليس له أدنى إحساس بأن ملكه قد تخلى عنه في كربته المزعومة ، و انت تدري حجم تعزير الغالبية العظمى من الشعب المغربي لشخص الملك ، و تقديره لكل ما يقوم به .

الإهانة الحقيقية يا سيدي هي التي صدرت عنك اتجاه شعوب صديقة و شقيقة ، حولها منطقك إلى مجرد "طالب معاشو" يتسول رغيفا ، فأرسل له الله محمد السادس ليفرج كربته ، و أكيد أنه في عقلك الباطني "الإسلامي" لا يستحق حتى أجر ذلك عند الله، لأنه تخلى عن رعيته. و بذلك تكون قد " أبدعت " مفهوما جديدا في العلاقات الدولية بديلا عن علاقات الصداقة، و حسن الجوار، و التكلات القارية، و الاتفاقات الثنائية و الجماعية، و التعاون الدولي، و الحوار جنوب_جنوب،،، و عوضت كل ذلك "بالعمل الإحساني الدولي".

ألم تقدر السيد الرئيس بأن الملك خارج البلاد، في مهام رسمية محفوظة له بالدستور، بالغةالحساسية هذه المرة .. استمر بناؤها بصبر و تضحيات لمدى عقد من الزمن على الأقل، و ما كان عليك أن تشوش عليها، و تصب الزيت فوق نار خصومها هنا و هناك؟؟

أم أنك قدرت و فكرت ، و قصدت و عزمت ، بعد أن "غلب حمارك" هنا ، أن تشعلها تشويشا هناك و تدوس أخضر و يابس هنا ، و "اللي ليها ليها"؟

هل اطلعت يا سيد بنكيران على هوية و طبيعة الذين تلقفوا كلامك ، و كأنك "ضربتهم بشفنجة" ...و استثمروا فيه و مازالوا لطعن بلدك و ووطنك ؟

هل تدري حجم الإساءة التي سببتها لصورة البلاد و ملك البلاد؟

و ما خطوتك المقبلة يا ترى؟

لقد ارنكبت "دولة" ادريس البصري و عبد الكبير العلوي المدغري مدعومين بالوهابية العالمية..جرائم لا تغتفر على درب قتل العقل ، و التمكين لكم ، تحت ذريعة محاربة اليسار. فكان أن عوضت السوسولوجيا و الفلسفة بشعب "تنميطية"، و كان أن تسربتم خلسة ثم علانية إلى المجالس العلمية، و المؤسسات التربوية، و منابر الخطابة، بتقية تارة ، و بتكشير عن أنياب خبيثة تارات أخرى(ألم يقل الريسوني بأن الملك ليس له الأهلية للإفتاء؟ ألم يشكك حزبك حتى في أحداث إرهابية بشعة؟ ، ألم تطمئن أنت شخصيا مرسي يوم استقبلك بأنكم على نفس المنهج و العهد و الهدف ، مع فارق أن الإخوان المسلمين ابتدؤوا منذ ثمانين سنة، و تحكموا في مفاصل المجتمع قبل سطوهم على مفاصل الدولة، فيما أنت و إخوتك لا بد لكم من بعض وقت ؟ )

جاء في كتاب "الأخطاء الستة للحركة الإسلامية " لصاحبه المرحوم فريد الأنصاري ، و قد كان قياديا بارزا و منظرا معتمدا لديكم ، بأن غايتكم كما باقي أشقائكم الإسلاميين هي "إقامة الشريعة في المجتمع و المؤسسات و الدولة " ، و يقول راشد الغنوشي بأن الديمقراطية ليست عندكم"سوى وسيلة".

و لهذا ، و حيث أن الإختيار الديمقراطي المغربي(على جنينيته)، أصبح من ثوابت البلاد بالدستور و في الواقع، و حيث أن أكبر حلفاء و حماة هذا الاختيار ،بالدستور و في الواقع أيضا، هم ملك المغرب، و شعب المغرب ، و قوى التقدم الحقيقية بالمغرب، و حيث أنك أثبت أنك نقيض ذلك ،و الديمقراطية عندك هي فقط مبايعتك بوصفك "إمام " ، و ليست اتفاقات و توافقات ، و ليست وسيلة و غاية، و ليست ثقافة و تربية و سلوك ، فإن مصلحة البلاد، و ديمقراطيتها، و علاقاتها و مصالحها الدولية، و صورتها (الآن خصوصا بعد النهاية التراجيدية لزوبعة الخريف الذي جاءت بكم ، و جعلتكم تتفششون،و تطلقون للكلام عواهنه،و تتبوردون على الجميع ،و تهددون تارات و تهادنون أخرى) ،، مصلحة البلاد تلزم الجميع باستثناء مريديكم طبعا( و قد شرع بعضهم في التململ على حد علمنا) ، بأن يصرخ في وجهكم :

كفى فأنتم لستم السواد الأعظم بيننا.

كفى فإن لهذا البلد رب و مؤسسات و دستور و سلطات تحميه، و قد أصبحت عنصر توتر و ليس ضامن استقرار(كما شنفت بذلك أسماعنا طيلة خمس سنوات ،في تهديد مبطن ).

كفى ،فقد أغلقت عليك كل المنافذ ،التي قد يأتيك منها فرج كربتك.

كفاك هروبا من واقع أنك لست رجل دولة ،هذا إن كانت هذه الدولة تعنيك أصلا.

هل تعتقد بأنك بعدما اقترفته في حقك ملك البلاد، و أصدقاء البلاد ، و صورة البلاد ..قد تجد شريكا أو حليفا لك في هذه البلاد (غير شيوعيي عبد الكريم الخطيب )؟

لعل خرجتك غير الموفقة، و لا اللبقة أو اللائقة،مضمونا و توقيتا ،،تكون أعلى درجات الاقتناع بأنه لم يعد لك في البلاد صديق و لا رفيق(و لو كنت فضا غليظ القلب لانفضوا من حولك)...و كان لازما أن تطلق صرختك الأخيرة.

و على أية حال، و لو أنها من زاوية نظر إيجابية هذه المرة، قد أسقطت القناع السميك الذي داريت به وجهك،،فستظل هلوستك، بالنظر لكل التحولات الجيوسياسبة و الجيواستراتيجية الجارية ، مجرد صيحة في واد، و نفخة في رماد .

لقد انتهى الكلام فعلا يا بنكيران.

جواد شفيق ،الرباط 20 فبراير 2017.