كلمة الأحداث المغربية

حملة انتخابية مفتوحة !

حكيم بلمداحي الاثنين 16 يناير 2017
PJD
PJD

AHDATH.INFO – خاص – بقلم حكيم بلمداحي

مشكلة رئيس الحكومة المعين تتمثل في كونه مازال في حملة انتخابية مفتوحة. عبد الإله بن كيران، يختزل كل المغرب في حزب «العدالة والتنمية»، لذلك يشتغل بمنطق الحزب وليس بمنطق رجل الدولة، ورئيس حكومة كل المغاربة…

ابن كيران يتفاعل مع «مداويخه»، ويرضخ لصقور حزبه، ويواصل شعبوية استدرار العطف والظهور في صورة الضحية الذي يتكالب عليه القوم من أجل فرملة الإصلاح وبناء الديموقراطية… والأخطر في الأمر، أن كل الذين يختلفون معه في الرأي فاسدون مناورون يشتغلون للتحكم وضد الديموقراطية وضد الإصلاح وما إلى ذلك. كما أنه لا يفوت فرصة لكي يكيل للمختلفين معه من السباب ما يجود به «قاع الخابية».

قد نختلف أو نتفق مع مسألة عودة ابن كيران لقيادة حزبه في كل خطواته في مشاورات تشكيل الحكومة. لكن أن يعمل على شيطنة كل الأطراف التي لا توافقه الرأي، فهذا أمر لا يمكن أن يتلاءم مع مقامه كرئيس مكلف بتشكيل هذه الحكومة.

من حق عبد الإله بن كيران أن يتفاوض بقوة من أجل خلق حكومة منسجمة. غير أنه ليس من حقه أن يغبن الطرف الآخر حقه في أن يفاوض من أجل مكانة مريحة له، هو أيضا في هذه الحكومة. وهذا أمر طبيعي في كل الديموقراطيات. لكن ما ليس مفهوما، هو الانفعال الزائد لرئيس الحكومة المعين، إلى درجة أن ينهي الكلام في لحظة غضب…

ليس مفهوما أن يقول ابن كيران قولة «انتهى الكلام» لأنها لا تعني شيئا في الأخير غير تصعيد بالإمكان تفاديه…

«انتهى الكلام»، قالها ابن كيران وهو يعرف أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد شعبوية لا حق لرجل دولة أن يمارسها، وإلا فماذا بعد انتهى الكلام؟

قد يكون لابن كيران الحق في أن يرفض عرض الطرف الآخر، ويسترسل في التفاوض لبلوغ هدف تحقيق الحكومة التي يتطلبها المغرب، وهي حكومة قوية منسجمة قادرة على مواجهة التحديات التي تعرفها البلاد، أو يعلن فشله ويترك الباقي لمقتضيات الدستور والقوانين. هذا هو المفترض في رجل الدولة.

في خضم كل الذي يجري خلال مشاورات الحكومة لابد من الإقرار بأن هناك جانبا مسكوتا عنه… جانبا مرتبطا بنظرة الإسلاميين للديموقراطية، وهي نظرة تعكس رغبة في التحكم والهيمنة وفرض مشروعهم المجتمعي على كل المغاربة، وإرضاخ الدولة لذلك. غير أن ما يخفى على إسلاميي المغرب، وربما يرتبط بشعورهم بالاستقواء، هو أن المغاربة لن يقبلوا محاولة تكرار تجربة مرسي مصر في بلادهم…

من هنا يجب أن يفهم الإسلاميون بأنهم جزء من المغاربة ومشروعهم المجتمعي لا يقبله كل المغاربة…

لقد كان من المفروض أن يكون عبد الإله بن كيران ومعه حزبه قد استأنسا بالمسؤولية، وفهما ثقلها. لكن، يظهر أن الخطاب الذي كنا نظنه مجرد شعبوية انتخابية، والذي كان يسوقه بن اكيران في حملته الانتخابية، هوخطاب نابع من إحساس بأن الإسلاميين هيمنوا على المجتمع والدولة وبإمكانهم فرض تصورهم التيوقراطي على الجميع.

طبعا ليس في كلامنا ما يناقض الأعراف الديموقراطية، غير أن الديموقراطية تقوم على مجموعة من القيم وليس على مجرد استغلال لتقنية الاقتراع من أجل الهيمنة والاستحواذ على الحكم…

صحيح أن حزب العدالة والتنمية حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، وهو ما يخول له رئاسة الحكومة فقط. لكن صحيح أيضا أن حصوله على المرتبة الأولى، مرتبط بضعف الأحزاب الأخرى وليس بقوة حزب ابن كيران. كما أن نسبة مقاطعة التصويت لدليل قاطع على رفض مشروع العدالة والتنمية أولا، لكون عدد من المقاطعين، قاطعوا لأنهم لم يجدوا في الأحزاب الأخرى ما يشفي غليلهم ويجعلهم يثقون في الممارسة السياسية في المغرب في المرحلة الراهنة، وليسوا من أنصار توجه العدالة والتنمية… إذن فالحصول على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية، لا يخول للإسلاميين الحق في رهن المغرب، دولة ومجتمعا، في بوثقة تصور شمولي، وهو تصور يختلف معه جزء كبير من المغاربة لكونه تصورا يعادي الديموقراطية الحقيقية ويعادي الحداثة…