"تربية الإخوان" ! 

المختار الغزيوي الثلاثاء 02 أبريل 2024
No Image

"أجمل" مافي النقاش مع التيار الرجعي، في حكاية المدونة، هو أنك تناقش أناسا لم يطلعوا على اقتراحات التعديل نتيجة الاستشارات والمشاورات المجتمعية، التي رفعت إلى السدة العالية بالله، لكنهم يرفضونها منذ الآن، هكذا ودون الاطلاع عليها، ومعرفة الصالح فيها من نقيضه.

أحد صغارهم هدد المغاربة بالحرب الأهلية (كذا وأيم الله). القاعد في صالونه يأكل القوت، وينتظر...الصوت الانتخابي المقبل يفكر في مليونية تنقلها له قناة "الجزيرة". أصحاب التطرف أكثر والمغالاة فوق الآخرين قولا وفعلا، يقولون "حربش، غيروا سطرا واحدا وسترون". البقية من هذا التيار المتاجر بالدين يوزع عبارات السباب والتكفير والإخراج من الملة، والاتهام بالرغبة في تعطيل شرع الله على أي صوت جاهر بتحدي هذا الإرهاب الفكري، وقال "آلخوت، الظلم راه ماكيبغيه لاربي لاعبده".

من أين تأتي حالة الاكتفاء الذاتي بالصوت الوحيد الواحد لدى هذا التيار؟ولماذا لايستطيع المتحدثون المختلفون باسمه الانتظار إلى أن تتأكد مخاوفهم، وحينها مرحبا بشتائمهم واللعنات؟
الجواب بسيط في تعقيده، معقد في بساطته، وهو يقول إن المتحدثين باسم هذا التيار -ونستثني هنا العقلاء ذوي الوقار - لايمتلكون خصلة الصبر، ولايمتلكون فضيلة العلم، ولايصلون درجة التأدب حين الاختلاف التي تفرض عليهم التبين الكامل قبل إصدار الأحكام الظالمة.

باختصار هم النقيض تماما ممن علمنا ديننا الحقّ أنه أسوتنا الحسنة، رسول الرحمة عليه أزكى الصلاة والسلام، الذي أخبره ربه عز وجل في محكم التنزيل العزيز أنه لو فظا غليظ القلب لأنفض القوم من حوله، في الآية الكريمة من سورة آل عمران ".

﴿ فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ﴾ : [159]
ولنسأل أنفسنا ونحن نقرأ هاته الآية ونتدبرها، عن مدى الشبه الموجود بين هؤلاء الشتامين الذين لم يسلم مسلم من لسانهم، في نقاش المدونة وفي غيره على كل حال، وبين نبي الرحمةعليه الصلاة والسلام، الذي يفترض أن يكون الأسوة الحسنة لكل مسلم صالح.

الحقيقة التي لاتقبل الجدل هي أن "إسلاميي السياسة"، لديهم مشكل تربوي وأخلاقي حقيقي. وقد قالها لهم "مول الصالون" ذات يوم، حين لاحظ على نفسه، وعلى "المداويخ" التابعين له أنهم أصبحوا منشغلين بالجماعات والبلديات ومناصب الوزارات ودواوينها ومقاعد البرلمان، ونسوا المكان الذي التقوا فيه أول مرة: جلسات التربية التي يقال نظريا إنها مكان تجمع هؤلاء الذين يدعون - والله أعلم بصدقهم - أنهم يريدون إصلاح ديننا، وتقويم مااعوج في علاقتنا به.

عندما تستسهل سب مخالف لك أو مختلف عنك، فور أول كلمة معارضة لم ترقك قالها لك، عليك أن تسأل نفسك عن تربيتك، وعليك أن تسائل أسرتك الصغيرة عن دورها في جعلك هكذا، وعليك أن تنقل السؤال إلى ماتعتبره أسرتك الكبيرة، أي الطائفة أو الزاوية أو الجماعة أو الحركة التي شرحت لك الدين بشكل مغلوط عن هذا العطب الذاتي فيك.

الحكاية ستبدأ في الاستقامة، عندما يستطيع أتباع هذا التيار العجيب أن يناقشوا المختلفين عنهم دون سباب ولا شتم ولا تكفير ولا إخراج من الملة، ولا إهدار صريح أو بالتلميح للدم.
قبلها لن يستقيم مع هؤلاء القوم أي نقاش، وسيظل "الأجمل" فيهم هو أنهم يتحدثون قبل أن يعرفوا كل الأشياء، وتلك خصلة مذمومة عرف بها من لاداعي لوصفهم على الإطلاق، إذ "يلا بانت المعنى، لافائدة فالتكرار".