في أجواء احتفالية كبرى، افتتحت مساء يوم أمس الأربعاء 17 دجنبر بمدينة أكادير فعاليات الدورة العشرين من مهرجان تيميتار للموسيقى الأمازيغية وموسيقى العالم، وسط تنظيم جيد وحضور جماهيري كثيف فاق كل التوقعات، مؤكداً مرة أخرى المكانة التي يحتلها هذا المهرجان كأحد أبرز التظاهرات الثقافية والفنية بالمغرب.
وعرفت خشبة ساحة الأمل برمجة فنية غنية ومتنوعة خلال سهرة الافتتاح، كان عنوانها التعدد والانفتاح، فقد تألق كل من أحواش بنات اللوز وراسكاص مع تيكشبيلا، في تشكيلة فنية لافتة جمعت بين التراث والإيقاعات العصرية، إلى جانب مشاركة كريس إم، وألفا بولندي، الذين أضفوا على السهرة نفساً عالمياً، انسجم معه الجمهور بشكل كبير.
كما ساهم كل من دي جي ديكاي، وفي جي كلامور في إشعال أجواء الساحة بإيقاعات حديثة ولوحات بصرية تفاعلية، حوّلت الفضاء إلى منصة مفتوحة للاحتفال والتعبير الفني المتنوع. وتوّجت السهرة بتألق الفنانة والشاعرة الأمازيغية فاطمة شاهو تبعمرانت، التي أشعلت ساحة الأمل بصوتها القوي وحضورها الآسر، حيث تجاوب معها الجمهور لأكثر من ساعة من الزمن بشكل لافت، مردداً كلمات أغانيها التي تحمل بصمة الالتزام والهوية، في مشهد جسّد عمق العلاقة بين الفنانين والجمهور، ونجاح اختيار البرمجة الفنية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
كما تألّقت تبعمرانت من خلال ظهورها بزيّ أمازيغي لافت، حمل في تفاصيله حمولة رمزية وجمالية قوية، وجسّد وحدة التنوع داخل الثقافة الأمازيغية، فقد اختارت تبعمرانت أن ترتدي تاملحافت تافراوت كقطعة محورية في الإطلالة، بما تحمله من دلالات الأصالة والارتباط بالأرض والمرأة الأمازيغية السوسية، مزيّنة بالحُلي التقليدية والخيوط الملوّنة التي تعكس روح الاحتفال والفرح، ولم يغب عن التصميم استحضار ملامح من لباس منطقة إداوسملال، وتيزنيت وأيت بعمران، سواء من خلال القصّات أو الألوان أو الإكسسوارات الفضية، لتلتقي هذه الروافد الجهوية في لبسة واحدة متناسقة، بدت كرسالة فنية قبل أن تكون اختياراً جمالياً، إطلالة نالت إعجاب الجمهور والنقاد، وبدت وكأنها عرض بصري حيّ يختصر ذاكرة وهوية مناطق بأكملها على خشبة واحدة.
أما خشبة مسرح الهواء الطلق، فقد عاشت لحظة فنية مؤثرة خلال السهرة الافتتاحية، التي خُصصت لتكريم روح الراحل عموري مبارك، أحد أعمدة الأغنية الأمازيغية الحديثة، حيث عرفت السهرة مشاركة فنانين من مشارب مختلفة، من بينهم شان إل، وإيزابيل توفيلا، قبل أن يبلغ التكريم ذروته مع تألق مجموعة هشام ماسين، التي قادت عرضاً جماعياً مميزاً استحضر ريبرتوار الراحل بروح وفية ومجددة.
وشهد هذا العرض مشاركة أسماء وازنة، من بينها الفنان مولاي علي شوهاد، والفنانة زورا تانيرت زوجة الراحل عموري مبارك، إلى جانب الرايس لحسن أدحمو، والفنان حسن أد باسعيد، حيث قدم الجميع كشكولاً غنائياً متكاملاً من أعمال الراحل عموري مبارك، أعاد للجمهور ذاكرة فنية راسخة، وأكد أن هذا الإرث لا يزال حياً في وجدان الأجيال.
بهذه البرمجة المتنوعة والتنظيم المحكم، تكون الدورة العشرون من مهرجان تيميتار قد أعطت انطلاقة قوية، جمعت بين الاحتفاء بالرواد، والانفتاح على الأنماط الموسيقية الحديثة، واستقطاب جمهور واسع رغم برودة الجو، يعكس غنى وتعدد المشهد الثقافي المغربي. دورة استثنائية، لا تحتفي فقط بعشرين سنة من الاستمرارية، بل تؤكد أن تيميتار ما يزال فضاءً حقيقياً للحوار الفني، وذاكرة حية للأغنية الأمازيغية وموسيقى العالم