معنا من الرباط!!!

بقلم: المختار لغزيوي الثلاثاء 16 ديسمبر 2025
malhouda
malhouda

منذ أيام، اتصلت بي قناة "فرانس 24"، للمشاركة، حسب زعمها، في مواجهة حول (النقاش) الدائر في المغرب حول الصحافة والصحافيين. 

شكرت القناة المستقرة في "إيسي ليمولينو" في قلب العاصمة الفرنسية باريس على سعيها الحميد، وأخبرت مخاطبي من هناك أنني قررت منذ سنوات عدم الحديث إليها وعبرها، سألني "pourquoi"، فأجبته بكل صراحة. 

قلت له إنني انتظرت اتصالا من القناة يوم فاز المغرب بشرف تنظيم كأس العالم، رفقة إسبانيا والبرتغال، لكي أدلي بـ"سطلي" الرياضي بين الدلاء، فلم يكلمني أحد. 

وانتظرت يوم اعترفت الأمم المتحدة، ومجلس الأمن بمغربية الصحراء، أن أسمع رنين نقالي المحمول، قادما من عاصمة الجن والملائكة، يسألني بصوت عذب أو كالعذب "أستاذ، ما رأيك في هذا الانتصار التاريخي المغربي العظيم؟"، ومجددا فقد الهاتف المسكين، وهو وسيلة تواصل ناجعة وفعالة، قدرته على الاتصال. 

وذات مرة، وذات انتصار مغربي آخر خلال فوزنا بكأس العالم للشباب، توقعت أن تتذكرني هيئة التحرير هناك، فتناديني لكي أتحدث عن هذا الإنجاز غير المسبوق عربيا وإفريقيا، وطبعا لا شيء من هذا وقع. 

وخلال توالي اعترافات الدول العظمى بمغربية صحرائنا، وضمنها ومعها فرنسا، البلد الذي تبث منه "فرانس 24"، تخيلت لوهلة نفسي متحدثا عبر الشاشة، عن فخري واعتزاز، وهو فخر واعتزاز كل المغاربة، بحكمة ملك المغرب وتميزه الديبلوماسي العالمي الذي جلب لبلادنا كل هذه الانتصارات، لكن خيبت القناة، المهتمة بكوارث المغرب فقط، ظني. 

وفي كل المحطات التي انتصر فيها المغرب، سياسيا وثقافيا واجتماعيا ورياضيا، لم تتذكرني هذه القناة لذلك قلت لمخاطبي "لماذا تعطون الناس هنا في المغرب الإحساس الصادق أنكم لا تهتمون بنا إلا خلال الكوارث؟".

ردد مخاطبي ذلك الكلام العبيط والمبتذل عن القطار الذي يأتي متأخرا عن الوقت، وعن شخص ما يعض كلبا، وعن أدوار عجيبة للصحافة تعلمها على ما يبدو هناك في ديار الغربة الفرنسية، بعد أن عجز عن تعلمها وتطبيقها في ديار الأصل العربية. 

شكرته على التوضيح، وشرحت له أن تفسير الكلب والعض والقطار الواصل متأخرا هو تفسير أصبح غبيا لفرط ما ردده الأغبياء هنا وهناك، وأن الشرح الوحيد لما يربط تلك القناة بالمغرب هو تحكم لوبي معادي لوطننا في هيئة تحريرها، ولدي ما يفيد ذلك. 

ففي سنة 2011، وفي عز ضجة نقاش مفتعل آخر ضد المغرب، استدعتني القناة لبرنامج من برامجها، فاخترت الحضور في البلاتو، عوض الاتصال بالقمر الصناعي أو عبر الزوم. 

انتقلت إلى باريس لمدة يومين فقط، من أجل حضور المباشر في البلاتو، والتحكم حقا في إدارة الحوار، وتمكنت من فعل ذلك، وانتصرت لوطني، واستطعت منع ترديد الأباطيل هناك بسبب ذلك الحضور. 

فور الخروج من المباشر، وأمام باب الاستوديو، كان رئيس تحرير نافذ في القناة يتحدر من بلد عربي (قريب منا جغرافيا جدا، وبعيد عنا عاطفيا للأسف الشديد، لن نذكر اسمه لئلا يغضب إخوتنا الجزائريون) يستشيط غضبا ويصرخ في وجه من سمح بمرور الضيف المغربي مباشرة من قلب البلاتو عوض الاكتفاء ببهدلته عبر الهاتف. 

سألني "هل أنت مقيم في فرنسا؟"، أجبته "لا، أنا مقيم في الدار البيضاء"، سألني مجددا "وهل أتيت خصيصا من أجل البرنامج ثم العودة إلى المغرب؟"، أجبته باسما بعد أن تأكدت من ألمه "نعم". 

عاد المسكين وطرح السؤال الأخير "لماذا؟"، أجبته على سبيل الختم "من أجل المغرب". 

انتهى النقاش بيننا هنا، ولم أتذكره إلا مؤخرا وهذه القناة المهتمة فقط بما يصيبنا من كوارث، تتصل بي من أجل أن أمد دلوي بين الدلاء في بئر نقاش الصحافة المخجل والمريب. 

شكر الله سعيكم أيها السادة، لكن المغرب كله فطن للعبتكم، لذلك لا مفر من تغيير طريقة اللعب ولا مفر من كاستينغ جديد لاختيار ممثلين وكومبارسات جدد يلعبون معكم هذه المسرحية المبكية/ المضحكة ضد المغرب.

انقطع الاتصال… آلو، آلو، للأسف، انقطع الاتصال.