النجمة الذهبية لمهرجان مراكش تعانق “سماء بلا أرض” لأريج السحيري

الدورة استعادت وهج السينما العالمية و كرمت روادها و كشفت عن مواهب جريئة
أحداث. أنفو الأحد 07 ديسمبر 2025

اختُتمت مساء اليوم فعاليات الدورة الثانية والعشرين للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، في أجواء احتفالية نابضة بالشغف السينمائي، تُوّج خلالها فيلم “سماء بلا أرض” للمخرجة أريج السحيري بالنجمة الذهبية، تتويجاً لرؤية فنية شاعرية تنظر إلى العالم بعدسة مختلفة، وتعيد تشكيل علاقة الإنسان بنفسه وبالآخر. وجاء الإعلان خلال حفل بهيج احتضنه قصر المؤتمرات، بحضور جمهور كبير واكب تسعة أيام من العروض والاكتشافات والحوارات.

لجنة التحكيم، برئاسة المخرج العالمي بونغ جون هو، أشادت بجرأة السحيري وقدرتها على تقديم تجربة سينمائية تنبض بالحس الإنساني، معتبرة أن الفيلم يفتح نافذة على مقاربات جديدة في السرد البصري. كما منحت اللجنة جائزتها مناصفة لفيلمي “بابا والقذافي” لجيهان ك و“ذاكرة” لفلادينا ساندو، لتميزهما بأسلوب شخصي يمزج بين الحميمي والتاريخي. فيما آلت جائزة الإخراج لأوسكار هدسون عن فيلم “دائرة مستقيمة”، الذي لفت الأنظار بقوة شكله وبصمته الإبداعية.

وتوجت ديبورا لوبي ناني بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في “سماء بلا أرض”، بينما فاز سوبي ديريسو بجائزة أفضل ممثل عن فيلم “ظل أبي”. كما منح تنويه خاص لثنائي الأداء الشقيقين إليوت ولوك تيتنسور عن دوريهما في “دائرة مستقيمة”، في اعتراف إضافي بقوة المسابقة الرسمية لهذه الدورة.

المهرجان الذي حمل توقيع لجنة تحكيم عالمية ضمت مبدعين من مختلف الثقافات—من بينهم كريم عينوز، حكيم بلعباس، جوليا دوكورناو، جينا أورتيغا، بيمان معادي، سيلين سونغ وأنيا تايلور-جوي—قدّم مزيجاً من الرؤى والأساليب السينمائية التي عكست تنوع التجارب الدولية.

ولم يخلُ الحفل من لحظات إنسانية مؤثرة؛ فقد استقبلت جودي فوستر نجمـتها الذهبية في تكريم لمسارها الاستثنائي، مؤكدة في كلمة عميقة أن السينما تظل “الفضاء الذي نجتمع فيه في الظلام لنحلم معاً”. كما خطف الفنان المصري حسين فهمي الأضواء باستعادته ذكرياته الأولى في مراكش، فيما كان تكريم الفنانة المغربية الكبيرة راوية إحدى اللحظات الأكثر تأثيرًا، وقد عبرت بصدق عن امتنانها للجمهور والمخرجين الذين وثقوا في موهبتها.

وشهدت الدورة أيضاً تكريم المخرج غييرمو ديل تورو، الذي اعتبر مراكش “بيت السينمائيين ونافذة تطل على العالم”. وواصل المهرجان وفاءه لروح الحوار، من خلال سلسلة “اللقاءات”، التي جمعت أسماء وازنة من قبيل بونغ جون هو، جودي فوستر، ديل تورو، جعفر بناهي وطاهر رحيم.

على مستوى الحضور، استقطبت الدورة أكثر من 47 ألف متفرج، بينهم 7 آلاف طفل ومراهق ضمن برمجة الجمهور الناشئ، مما يعكس دينامية المهرجان في نقل شغف السينما إلى الأجيال الجديدة. كما أكد “أطلس”، الفضاء المخصص للمواكبة المهنية، مكانته كمنصة رائدة في دعم المشاريع السينمائية من إفريقيا والعالم العربي، بمشاركة 350 مهنيًا و28 مشروعاً في طور التطوير.

البعد الإنساني للمهرجان ظل حاضراً بقوة، إذ شهدت جماعة تحناوت حملة طبية لمكافحة العمى استفاد منها آلاف المواطنين بإجراء فحوصات وعمليات جراحية، في مبادرة تضامنية تؤكد انخراط المهرجان في خدمة المجتمع.

بهذه المحطة الختامية، تُكرّس دورة 2025 حضور مهرجان مراكش كأحد أبرز منصات السينما العالمية، فضاءً للجرأة والإبداع وتلاقي الثقافات، ومختبراً لاكتشاف المواهب وصناعة المستقبل السينمائي.