كشف الحقوقي والمحامي محمد العروسي الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، عن معطيات وصفها بـ"الخطيرة" تتعلق بما اعتبره "شبكة فساد منظمة" استهدفت مشاريع منضوية تحت لواء برنامج (مراكش الحاضرة المتجددة)، وهو البرنامج الملكي الذي رُصدت له ميزانية تفوق 600 مليار سنتيم.
وقال الغلوسي، في تدوينة جديدة، إن ما يسميه بـ"شبكة الفساد" تمكنت – حسب تعبيره – من تحريف أهداف البرنامج الملكي عبر استغلال مواقع القرار العمومي واللجان الرسمية من أجل "صناعة محاضر وقرارات" تمنح الشرعية لعمليات اعتبرها "تبديداً للمال العام وخدمةً لمصالح خاصة".
ومن بين الملفات التي توقف عندها الغلوسي، مراسلة المدير الإقليمي للتجهيز والنقل واللوجستيك بخصوص المحطة الطرقية الجديدة بحي العزوزية، وهي المراسلة التي يقول إنها "تعرضت للتحريف" بهدف تبرير التخلي عن مساحة 7400 متر مربع من العقار العمومي لصالح شركة اعتبرها "غامضة".
وحسب ما ورد في رواية رئيس جمعية حماية المال العام، فإن هذه المساحة كانت مخصصة ضمن التصميم الأصلي لموقف سيارات الأجرة وكذا موقف السيارات الخاص، إلى جانب مساحة أخرى تبلغ 8150 متراً مربعاً. غير أنه، بحسب قوله، تم التخلي عنها لفائدة شركة حصلت على عقد كراء من أملاك الدولة سنة 2018 بغرض إنشاء محطة وقود وفندق وباحة استراحة، مقابل سومة كرائية سنوية تقدر بـ 223 ألف درهم.
وأضاف الغلوسي أن الاستثمار المعلن عنه في الملف يقدر بـ 49 مليون درهم، مع الالتزام بتوفير 45 منصب شغل قار، قبل أن يشير إلى أن هذه الشركة – وفق تعبيره – "قُدمت على أنها مشروع استثماري كبير، بينما لا يتوفر صاحبها على المؤهلات المالية المعلن عنها".
وأشار الغلوسي إلى أن هذه الشركة حصلت على الموافقة المبدئية، حسب تصريحه، بتاريخ 7 فبراير 2017، بينما يبين سجلها التجاري أنها تأسست في أكتوبر من السنة نفسها، وهو ما اعتبره "مفارقة مثيرة للريبة". كما أضاف أن عنوان الشركة هو عنوان "دوار"، وهو نفس العنوان الذي يربطه الغلوسي بشركات منتخب محلي بارز.
وذهب المتحدث إلى القول إن "المسير الفعلي" للشركة ليس الشخص المعلن عنه، بل "مسؤول منتخب ذو نفوذ واسع"، على حد تعبيره، متهماً إياه بامتلاك عقارات وحسابات متعددة واستعمال الشركة كواجهة لـ"تضارب المصالح وتدوير أموال مشبوهة"، وفق ما يصرّح به الغلوسي.
كما أوضح أن الشخص الذي تمت تسميته في الواجهة تخلى لاحقاً عن المشروع لفائدة شخص آخر تجمعه، وفق ادعائه، "علاقات مالية معقدة" بالمنتخب نفسه، وانتقل إلى استثمار آخر مرتبط بفضاء "دار زنيبر" داخل المدينة القديمة.
الغلوسي اعتبر أن مشروع المحطة الطرقية، باعتباره نقطة محورية في برنامج "مراكش الحاضرة المتجددة"، تحوّل – وفق روايته – إلى "فرصة ذهبية لاستغلال العقار العمومي والمضاربة"، مؤكداً أن ما يصفها بـ"شبكة الفساد" تتكون من منتخبين ومسؤولين "أسسوا دولة داخل الدولة"، واستعملوا اللجان الجهوية للاستثمار والتعمير وقرارات الاستثناء لتثبيت شرعية لمشاريع تحقق أرباحاً خاصة.
وقال إن هذه الممارسات حولت البرنامج الملكي، حسب تعبيره، إلى ما يشبه "البقرة الحلوب" لفائدة أطراف تستعمل نفوذها في "تبييض الأموال ومراكمة الثروة".
وختم الغلوسي بالتأكيد على أن الجمعية المغربية لحماية المال العام ستواصل ما وصفه بـ"فضح الفساد وتبديد المال العام"، مشدداً على أن محاولات "الترهيب أو الضغط" لن تثنيه عن المطالبة بفتح تحقيقات قضائية في هذه الملفات وإحالة المتورطين على العدالة، من وجهة نظره.
وأكد أن ما يسميه بـ"الحقائق المزعجة" لن تُطمر، وأن الملف سيعرف، وفقه، حلقات جديدة من المتابعة والتوثيق.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });