تصريح وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، الذي قال فيه إن بلاده مستعدة لتقديم دعمها لأي مبادرة وساطة بين البوليساريو والمملكة المغربية، هو مجرد مزحة سمجة ومحاولة قفز إلى الأمام.
كلام عطاف يذكرنا بقول سبق أن تفوه به سلفه رمطان لعمامرة ذات مائدة مستديرة من الموائد التي كانت تشرف عليها الأمم المتحدة، حول نزاع الصحراء، حيث قال لعمامرة "نضحكو شوية".
هل مخول للظالم أن يكون وسيطا في مصالحة، والجزائر ظلمت المغرب لسنوات وما تزال تمارس عدوانها مع سبق الإصرار والترصد، وبشكل علني وعلى الأشهاد أو بشكل مدسوس تستعمل فيه كل الأساليب؟
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
لا شيء يفسر كلام وزير خارجية الجزائر سوى أن الجارة الشرقية للمملكة المغربية تواصل نهجها في محاولة خلط الأوراق بهدف المزيد من إطالة النزاع حول ملف فطن المنتظم الدولي إلى كونه مفتعل بنوايا مستمدة من مرحلة الحرب الباردة.
لماذا لا يمكن للجزائر أن تكون وسيطا؟ الجواب فيه عدة عناصر:
أولا، لا يمكن لطرف في النزاع أن يكون وسيطا في الصلح. والجزائر هي الطرف الأساسي في نزاع الصحراء. وقد عبر عن ذلك صراحة بعض أقطاب النظام الجزائري، على رأسهم هواري بومدين، الذي قال إنه سيضع حصى في حذاء المملكة المغربية من خلال نزاع الصحراء. الجزائر أيضا هي التي خلقت مخيمات تيندوف رغما على قيادة جبهة البوليساريو المتمثلة حينها في الولي مصطفى السيد.
الجزائر أيضا كونت كوموندوهات البوليساريو من صحراويين وموريتانيين وماليين وغيرهم، وساهم الجيش الجزائري بشكل مباشر في حرب العصابات التي اعتدت على المغرب في عدة مناطق، من السمارة إلى أمكالة إلى كلتة زمور وفم لحصن ومحاميد الغزلان وغيرها من المناطق المغربية.
ثانيا، لا يمكن لبلد تسبب للمغرب في عدة مآسي أن يكون وسيطا في المصالحة. وقد تسببت الجزائر للمغرب والمغاربة في آلام شديدة. لقد طرد نظام بومدين مئات المغاربة يوم عيد الأضحى، وجرهم كالقطيع في ظروف لا إنسانية، إلى الحدود مع المغرب. وكانت تلك العملية وحدها كافية ليكون نظام بومدين العدو رقم واحد للمغاربة.
الجزائر أيضا سلحت وكونت ونظمت هجومات غادرة على المغرب في مواقع عسكرية وأخرى مدنية، وتسببت في العديد من المآسي سواء للمغاربة الوحدويين أو المغاربة الانفصاليين. وقد تسببت حرب الصحراء، التي استمرت من 1975 إلى سنة 1991، في خسائر مادية وبشرية، حيث تجاوز عدد القتلى 10 آلاف قتيل وأكثر من ضعفها من الجرحى والمعطوبين..
الجزائر، مدعمة بليبيا القدافي وفيديل كاسترو كوبا وبأسلحة متطورة سوفياتية وغيرها، فرضت على المغرب أن يتجه نحو التسلح ليحمي حدوده، في وقت كان المفروض أن تتجه جهوده نحو البناء والتنمية.
الجزائر، التي كانت تملك الأموال الطائلة من عائدات الغاز والبترول، استقوت على المغرب بمالها، وبأيديولوجية الاتحاد السوفياتي، فخلقت بذلك أزمات عميقة للمغرب. وعلى مدى خمسين سنة اكتوى المغرب بنار لم تكن لتشتعل لولا وجود نظام عسكري جزائري حاقد وعقيدته العداء للمغرب.
كيف إذن لنظام عدو بهذا الشكل أن يكون وسيطا وهو لا يزال يعتنق نفس العقيدة الحاقدة على جاره..
إن المطلوب من الجارة الجزائر اليوم هو التخلي عن عقيدة العداء التي يحملها نظامها معه منذ عقود، ويمد يده ليد ممدودة له منذ سنين لمصالحة حقيقة لا خبث فيها، أساسها خدمة مصلحة الشعبين المغربي والجزائري، ومصلحة منطقة المغرب الكبير وشمال إفريقيا.. غير ذلك سنكون أمام نهج عبر عنه رمطان لعمامرة "نضحكو شوية" وهذا دليل على نية خبيثة سيئة واستمرار في نهج العداء...