يقدم الفنان التشكيلي المغربي محمد بنيحيى برواق المسرح الوطني محمد الخامس بمدينة الرباط جديد أعماله الصباغية والذي اختار لها من مشتل فني مزهر وناضج عنوانا دالا ومعبرا بحمولات فلسفية "خطوط ـ وحدة ـ قوة الروحانية "، ابتداء من فاتح دجنبر 2025 .ويعتبر هذا المعرض تحد للفنان مع ذاته ونفسه ، لأنه يحمل بدواخله رؤية ومشروع حداثيين ، كما يؤمن بأن المعرض الفردي ، سفر مع
الذات في عوالم الفن التشكيلي .
الفنان التشكيلي والمهندس المعماري محمد بنيحيى سيعرض أزيد من سبعة وثلاثين عملاً تشكيليًا بتقنية أحاديّة اللون (monochrome ) ،من أحدث إبداعاته الفنية . ويمثل هذا المعرض استمرارية لمساره الفني، و الصباغي ، وهو المشروع الذي تبلورت ملامحه منذ أول معرض له بقاعة النادرة بالرباط سنة 1979
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
على امتداد أكثر من أربعين سنة من البحث والإبداع بين الهندسة المعمارية والفن التشكيلي، ترك الفنان بصمته الخاصة في كلا المجالين. فمن يتأمّل منجزاته المعمارية يلمح فورًا تلك الروح الفنية التي تتجسد في جمالية السهل الممتنع والبساطة المدروسة، كما يمكن للعين المتتبعة أن ترصد حضورًا للغة الهندسة في العديد من أعماله التشكيلة.
غير أنّ التجربة الحالية تمثّل تحوّلًا حقيقيًا؛ إذ يتحرّر الفنان من الأشكال الهندسية الصارمة، ليصوغ أعمالًا أكثر انخراطًا في الأسئلة الإنسانية، وفي فلسفة الحياة، وفي تأثير الحداثة والتكنولوجيا و التحولات الكبرى و السريعة وبالخصوص الذكاء الاصطناعي على الوجود البشري بما تحمله من وعود ومخاوف. إنها أعمال ناتجة عن انفجار داخلي للعاطفة وعن رغبة عارمة في تجاوز المألوف، فتعكس عمقًا فكريًا وسوسيو-اجتماعيًا يجعل الإنسان محورًا لكل فكرة وقرار.
غير أنّ الوصف مهما بلغ دقته يبقى قاصرًا أمام تصريحات الفنان ذاته؛ فهو صاحب الرؤية التي صاغت هذا الأسلوب الفريد، القائم على اللون الأحادي والضوء والأيقونة. تلك الأيقونة التي رافقته منذ طفولته، يوم كان يرسم بملء الشغف على سبورة الفصل قبل دخول المعلم. هذا الوجه/الرمز تحوّل اليوم إلى نافذته للتعبير عن الروحانية، وعن رؤيته للعالم، وعن الإنسان في زمن التحوّلات الكبرى.
إن اختيار بنيحيى لتقنية احادية اللون (monochrome )، ليس اختيارًا جماليًا فحسب، بل هو موقف فكري؛ إذ يركّز على الموضوع الأساس: الإنسان، وواقعه المعاش المتميز بتوحيد أنماط العيش و توحيد التفكير في ظل التطور التكنلوجي الحديث ،و بالخصوص الذكاء الاصطناعي ،رغم اختلاف الثقافات والجذور والمعتقدات. كما أنّ تبسيط الشكل واللون في أعمال الفنان تأتي كإجابة على التساؤلات المطروحة في الوقت الحاضر و في المستقبل.
تجربة الفنان المبدع محمد بنيحى التشكيلية، تجربة واعدة، ولوحاتها تستحق التتبع والدراسة على اعتبار ما تحتويه هذه التجربة من مياه فنية عذبة ولذيذة .