رشيد “L’Impossible”… الموهبة التي خطفت الأنظار في حديدان وتبحث عن ولادة فنية جديدة من باريس

إبراهيم فاضل الاثنين 17 نوفمبر 2025

في زمن تتكاثر فيه المواهب وتضيع الطاقات بين دهاليز الانتظار، يطل اسمٌ غير مألوف على الساحة، لكنه محفور في ذاكرة عشّاق السلسلة الكوميدية الشهيرة سولو حديدان. إنه رشيد مستحيل، المعروف بلقبه الفني “L’Impossible”، الرجل الذي ظهر خاطفاً للأنظار ثم اختفى فجأة عن الشاشة، تاركاً وراءه أكثر من سؤال حول مساره الفني والإنساني.

وُلد رشيد مستحيل سنة 1977 بحي المزار بمدينة أيت ملول، وفي سنوات دراسته الإعدادية والثانوية بمدينة إنزكان بدأت ملامح شغفه بالفن تتشكل. كان المسرح أول حبٍّ فني اقتحمه دون تردد، وظل الحلم يكبر بداخله كلما شاهد عملاً سينمائياً أو حضر عرضاً مسرحياً. ذلك الشغف قاده سنة 2006 إلى الظهور في فيلم إلى جانب الفنان يوبا، وهو العمل الذي عُرض في مهرجان إسني وورغ الدولي للفيلم الأمازيغي، حيث لفت أداء رشيد انتباه المخرجة المتألقة فاطمة بوبكدي التي طلبت سيرته الذاتية مباشرة بعد مشاهدته.

شكلت تلك اللحظة منعطفاً في مساره الفني، إذ كان له شرف الظهور في السلسلة الشهيرة سولو حديدان إلى جانب الفنان القدير كمال كاظمي. حضورٌ بسيط في مدته، لكنه قوي في أثره، كشف عن موهبة فطرية كان يمكن أن تتطور بشكل أكبر لولا اختيارات رشيد الصارمة حينها، إذ كان ينتقي أدواره ويرفض عدداً من المشاركات، خصوصاً في بعض الأعمال الأمازيغية، لأسباب يقول إنه يحتفظ بها لنفسه.

بعد هذا الظهور البارز، غاب رشيد عن المشهد الفني، وازدادت معه تساؤلات المتابعين. وكانت الوجهة هذه المرة باريس سنة 2013، حيث انشغل بظروف الاستقرار القانوني والإداري، قبل أن ينخرط في حياة مهنية جديدة. يعمل اليوم في شركة أمريكية بعد خضوعه لتكوين مهني احترافي، ويؤكد أن هذا المسار لا يتناقض مع حلمه الفني، بل يدعمه ويوفر له الاستقرار الضروري قبل أي عودة محتملة إلى الشاشة.

ورغم البعد عن الأضواء، ظلت ملامح رشيد تتصدر حديث مواقع التواصل الاجتماعي بسبب الشبه الكبير الذي يجمعه بالكوميدي العالمي “بودير”. شبهٌ تسبب له في مواقف محرجة متكررة، خاصة عندما يصرّ معجبون في المطارات والمطاعم والشوارع على أنه هو بودير، رغم محاولاته توضيح العكس. ومع ذلك، يؤكد رشيد احترامه الكبير للفنان بودير، لكنه يرفض أن يُختزل في صورة شبيهه، قائلاً بثقة: “لدي شخصيتي واسمي وموهبتي… ولا يمكنني أن أكون نسخة من أحد.”

رشيد مستحيل فنان عصامي يتحدث خمس لغات وهي الأمازيغية، الألمانية، الإنجليزية، الفرنسية والعربية، ويعتبر هذا التنوع رصيداً مهماً في مساره، خصوصاً في بلد مثل فرنسا حيث يرى أن الفرص الحقيقية ما زالت تنتظره. ويعترف بصوت الواثق: “أشعر أنني سأحصل على فرصتي هنا في فرنسا. صحيح أنني اليوم أعمل كتقني، لكن هدفي النهائي هو الفن.”

وعن قدوته في المجال الفني، يضع رشيد الممثل العالمي جمال الدبوز في المرتبة الأولى، يليه الفنان المغربي سعيد الناصري الذي يعتبره مدرسة في الكوميديا الشعبية. أما رسالته إلى المخرجين المغاربة، فهي دعوة صريحة لإعادة اكتشاف طاقاته، خاصة وأن ظهوره السابق في عمل فني كبير بالمغرب كان متميزاً وناجحاً.

ويختم رشيد حديثه بحلم بسيط لكنه عزيز على قلبه “ أتمنى أن أكون ضيفاً على برنامج رشيد شو أو أحد البرامج الفنية بالمغرب… فما زلت أؤمن أنني ممثل بالفطرة.”

بين الماضي الفني في المغرب والحاضر المهني في باريس، يقف رشيد “L’Impossible” عند عتبة مرحلة جديدة، مرحلة قد تعيده إلى الأضواء، أو تمنحه مساحة جديدة لتأكيد موهبته، تلك الموهبة التي وإن اختفت سنوات، لم يبهت بريق حلمها الذي يرافقه أينما حلّ وارتحل