وجّه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في خطابه السامي إلى الشعب المغربي، نداءً إنسانيًا صادقًا ومؤثرًا إلى المغاربة المحتجزين في مخيمات تندوف، داعيًا إياهم إلى اغتنام هذه اللحظة التاريخية للعودة إلى حضن الوطن، والمساهمة في بناء مغرب موحّد يسع جميع أبنائه في ظل مبادرة الحكم الذاتي.
وأكد جلالته أن المغرب لا يعتبر التطورات الدولية الأخيرة انتصارًا على أحد، ولا يسعى إلى تأجيج الصراع أو إذلال أي طرف، بل يتعامل معها باعتبارها فرصة لتوحيد الصف وجمع الشمل، انطلاقًا من إيمانه بأن الحلّ الحقيقي هو الذي يحفظ كرامة الجميع. وقال جلالته في هذا الصدد إن المملكة تفتح ذراعيها “لكل أبنائها، دون تمييز أو إقصاء”، مضيفًا أن جميع المغاربة سواسية في الحقوق والواجبات، ولا فرق بين العائدين من مخيمات تندوف وبين إخوانهم داخل أرض الوطن.
هذا النداء الملكي يعيد التأكيد على البعد الإنساني والوطني لقضية الصحراء المغربية، فالمسألة بالنسبة للمغرب ليست مجرد نزاع حدود، بل قضية وطنية وإنسانية في آن واحد، قوامها الانتماء والكرامة والمصير المشترك. كما يعكس الخطاب الملكي الثقة الراسخة في أن الوحدة الوطنية لا تُبنى بالانتصارات السياسية فحسب، بل بالمصالحة الشاملة التي تُعيد اللحمة بين أبناء الوطن الواحد، وتمنحهم الفرصة للمشاركة الفعلية في تنمية أقاليمهم ضمن السيادة المغربية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
وشدد صاحب الجلالة الملك محمد السادس على أن الحكم الذاتي، الذي بات اليوم معترفًا به أمميًا كحلّ نهائي، يُتيح لسكان الأقاليم الجنوبية إدارة شؤونهم المحلية بحرية ومسؤولية، والمساهمة في مسار التنمية الوطنية دون تفرقة. كما دعا جلالته المغاربة في تندوف إلى التفكير في مستقبل أبنائهم، بعيدًا عن التلاعب السياسي أو الحسابات الضيقة، لأن الوطن يتسع للجميع، والمغفرة والصفح هما عنوان المرحلة المقبلة.
النداء الملكي، بلُغته الهادئة ونبرته الأبوية، كان بمثابة جسر جديد بين الوطن وأبنائه البعيدين، يترجم فلسفة الدولة المغربية القائمة على العفو والوحدة والكرامة، ويؤكد أن المغرب القوي بسيادته لا يبحث عن مواجهة، بل عن استعادة كل أبنائه إلى حضن الوطن الأم.