«مليونية طوطو»!

بقلم: المختار لغزيوي الأربعاء 02 يوليو 2025
b0c9a127-8e1e-45c2-ab44-29ad026f7927
b0c9a127-8e1e-45c2-ab44-29ad026f7927

لم يفهموا لماذا أتى الجمهور، بكل تلك الأعداد الغفيرة، إلى حفل "إل غراندي طوطو" في ختام مهرجان "موازين". 

أصلا هم لم يفهموا منذ البدء أي شيء، لكنهم يتكلمون. وحين الحجر على أذواق الناس، تجدهم الأوائل في التباري، وفي الانتقاص من الآخر، ووصفه بالجهل والميوعة وعدم المعرفة، وبقية كلمات السباب والشتم المعهودة في القوم التي لا تفهم. 

الحكاية أبسط من البساطة بكثير. هذا فنان يمثل جمهورا معينا يجد نفسه فيه، وفي كلماته، وفي طريقة عيشه القائمة على عدم التمثيل وتجنب النفاق، وفي ألحانه والميلوديا التي يشتغل بها. 

وفي حالة الناس العاديين يمكنك أن تمر قرب الحفل، إذا لم يرقك، وكأنك لم تره، ويمكنك أن تردد في دواخلك بغيظ "الأذواق والألوان لا تناقش"، ويمكنك أن تحترم من حضروا والفنان الذي أتوا لمشاهدته وتكتفي. 

لكننا ابتلينا بقوم يعتقدون أنهم يمتلكون الحق في فرض كل شيء على كل الناس، ويستكثرون على جمهور شاب حقه في الاحتفال بواحد من جيله، انطلق من الصفر، ووصل درجات كبرى من التألق ليس داخل المغرب فقط، بل وخارجه أيضا. 

منطق "الله يستر" هو المنطق الوحيد الذي قد يحل الإشكال (مؤقتا) مع قوم الفهم العميق هؤلاء، لأن المشكل لا يتوقف عند الفن والقبول بالاختلاف فيه، بل يمر إلى كل مناحي الحياة. 

أصحاب الرأي الواحد هؤلاء، حين يتعلق الأمر بحدث يهمهم، تحضره عشرات أو مئات أو آلاف من أنصارهم، يهتفون فورا "اسمع صوت الشعب"، لكن عندما يحضر مئات الآلاف من المغربيات والمغاربة المحبات والمحبين للحياة حفلا فنيا، ويصنعون الحدث بحضورهم الغفير والكبير هذا، ويلفتون انتباه الصحافة والإعلام وكل المتابعين، يصبح هذا الشعب "مجموعة من غير الصالحين لأي شيء". 

هذا التناقض له مسمى أول: الديكتاتورية، وله مسمى آخر: الحجر على الشعب، وله مسمى ثالث: ضيق الأفق، وله مسميات أخرى عديدة كلها تسير في نفس الاتجاه: عدم القدرة على تقبل الاختلاف، والصغر الكثير حد انعدام الرغبة في تصديق أن العالم كبير وفسيح ويتسع لكل الآراء والأذواق والألوان والأجناس والديانات...

المهم، ولحسن الحظ، الجمهور الغفير الذي حضر حفل "إل غراندي طوطو" لا يهتم بما يقوله من يفهمون أكثر من الآخرين. 

هو يعيش حياته "ما مسوقش"، ويعرف أنها أقصر من أن يضيعها في نقاش مع قوم لا يتقبلون النقاش إلا إذا كان متفقا مع هواهم، وهذا مشكل كبير، و"بروبليم" أكبر "برو".