محمد بن زايد: المحارب العظيم الذي أشاد به ترامب

بقلم: د. سالم الكتبي الاثنين 26 مايو 2025
543b067e-b668-4f03-87b0-447e4b3b9c6a
543b067e-b668-4f03-87b0-447e4b3b9c6a


هل يمكن لكلمات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن تكشف جوانب خفية من شخصية رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة؟ وما هي دلالات وصفه بـ "المحارب العظيم" و"الرجل القوي" و"صاحب الرؤية الثاقبة"؟

يكشف المشهد السياسي الإقليمي والدولي أن هذه الكلمات ليست مجرد مجاملات دبلوماسية عابرة، بل هي شهادة من زعيم القوة العظمى في العالم لقائد استثنائي استطاع، بحكمته وبصيرته، أن يرسم ملامح مرحلة جديدة في تاريخ المنطقة، وأن يضع بلاده في مصاف الدول المؤثرة على الساحة الدولية.

"ما لم يعرفه العالم عنك، أنت شاركت في حروب عديدة شخصياً"، بهذه العبارة المفاجئة، كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن جانب قد لا يكون معروفاً على نطاق واسع من شخصية الشيخ محمد بن زايد. فما هي حقيقة هذه الخلفية العسكرية؟ وكيف أثرت في تكوين شخصيته القيادية؟

الشيخ محمد بن زايد تلقى تدريبه العسكري في أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في المملكة المتحدة، وهي من أعرق المؤسسات العسكرية في العالم. وقد تخرج منها عام 1979، ليبدأ مسيرته العسكرية كطيار في سلاح الجو الإماراتي، ثم تدرج في المناصب العسكرية حتى أصبح نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية. إن هذه الخلفية العسكرية منحت الشيخ محمد بن زايد رؤية استراتيجية ثاقبة، وقدرة فائقة على تقييم المخاطر واتخاذ القرارات الصعبة في الأوقات الحرجة. كما أكسبته صفات القائد العسكري من انضباط والتزام وحزم وقدرة على التخطيط والتنفيذ.

ويبدو جلياً للمتابع المتمعن أن إشارة ترامب إلى مشاركة محمد بن زايد في "حروب عديدة شخصياً" مثل معركة تحرير الكويت، تعكس تقديراً أمريكياً لخبرته العسكرية الميدانية، وليس فقط لخلفيته النظرية. وهذا يفسر، إلى حد كبير، وصفه له بـ "المحارب العظيم"، وهو وصف نادراً ما يطلقه الرئيس الأمريكي على قادة الدول.

مفهوم "المحارب" في السياق السياسي المعاصر لا يقتصر على المعارك العسكرية التقليدية، بل يمتد ليشمل مختلف ساحات المواجهة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو فكرية. وقد خاض الشيخ محمد بن زايد، منذ توليه مسؤولياته القيادية، معارك عديدة على هذه الساحات المتعددة. فعلى الساحة السياسية، قاد معركة مواجهة التطرف والإرهاب، وكان من أوائل القادة الذين حذروا من خطر الجماعات المتطرفة، ودعوا إلى تشكيل تحالف دولي لمواجهتها. كما قاد معركة تعزيز الاستقرار الإقليمي، من خلال دعم الحلول السلمية للنزاعات، وبناء جسور التواصل بين مختلف الأطراف.

وعلى الساحة الاقتصادية، قاد معركة تنويع الاقتصاد الإماراتي وتقليل الاعتماد على النفط، من خلال إطلاق مبادرات طموحة في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي. وقد تجلت هذه الرؤية في إطلاق المرحلة الأولى من مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي في أبوظبي، والذي يعد الأكبر من نوعه خارج الولايات المتحدة.

أما على الساحة الفكرية، فقد قاد معركة نشر قيم التسامح والتعايش، من خلال دعم المبادرات التي تعزز الحوار بين الثقافات والأديان، ومواجهة خطاب الكراهية والتطرف. وقد تجلت هذه الرؤية في استضافة الإمارات لمقر "بيت العائلة الإبراهيمية"، الذي يجمع تحت سقف واحد مسجداً وكنيسة وكنيساً يهودياً.

تكشف القراءة المتأنية لمسيرة الشيخ محمد بن زايد أن قوته تتجلى في جوانب متعددة من شخصيته وأدائه القيادي. فهو يتمتع بقوة الشخصية، التي تتجلى في ثباته على المبادئ، وعدم تردده في اتخاذ المواقف الصعبة، حتى عندما تكون مخالفة للتيار السائد. كما يتمتع بقوة الإرادة، التي تتجلى في إصراره على تحقيق أهدافه، وعدم استسلامه للعقبات والتحديات.

ويشير استقراء الواقع السياسي إلى أن قوة الشيخ محمد بن زايد تتجلى أيضاً في حزمه في اتخاذ القرارات، وخاصة في الأوقات الحرجة التي تتطلب حسماً وسرعة في التصرف. وقد ظهر هذا الحزم في مواقف عديدة، سواء في مواجهة التحديات الداخلية أو الخارجية.

بلا شك أن قوة الشيخ محمد بن زايد لا تقتصر على الجانب الشخصي، بل تمتد لتشمل قوة الدولة التي يقودها. فقد استطاع، بحكمته ورؤيته الثاقبة، أن يبني قوة إماراتية شاملة، تجمع بين القوة العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية والناعمة. وهذا ما جعل الإمارات، رغم صغر مساحتها وعدد سكانها، قوة إقليمية مؤثرة، وشريكاً دولياً موثوقاً.

إن الإحترام الذي يحظى به الشيخ محمد بن زايد في الشرق الأوسط يستند إلى أسس متينة، أهمها حكمته في التعامل مع القضايا الإقليمية، وحرصه على تعزيز الاستقرار والأمن، ودعمه للحلول السلمية للنزاعات. فهو قائد يؤمن بأن استقرار المنطقة هو مصلحة مشتركة لجميع دولها، وأن التعاون هو السبيل الأمثل لمواجهة التحديات المشتركة.

إن كلمات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الشيخ محمد بن زايد ليست مجرد مجاملات دبلوماسية، بل هي شهادة حق في حق قائد استثنائي استطاع، بحكمته ورؤيته الثاقبة، أن يقود بلاده بثبات وسط بحر متلاطم من التحديات، وأن يحولها إلى نموذج للتقدم والازدهار في المنطقة والعالم.

إن محمد بن زايد، بخلفيته العسكرية وقوة شخصيته ورؤيته الثاقبة ومصداقيته وعبقريته واحترامه الإقليمي، يمثل نموذجاً للقائد الذي يستحق كل التقدير والاحترام. فهو ليس مجرد رئيس دولة، بل هو قائد فريد يرسم بحكمته وبصيرته ملامح مرحلة جديدة في تاريخ المنطقة، ويقود شعبه نحو مستقبل أفضل.