د. سالم الكتبي يطرح السؤال: من يخشى نموذج الإمارات؟

د. سالم الكتبي الاثنين 12 مايو 2025
IMG_0477
IMG_0477

في خضم عالم يموج بالصراعات وتتلاطم فيه أمواج الأزمات، حيث تتلاشى القيم وتضيق السبل بالباحثين عن بصيص أمل، تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة كواحة أمان ونموذج فريد للعطاء الإنساني الذي يستلهم أنبل ما في التراث العربي الأصيل من كرم وإغاثة للملهوف. إنها قصة دولة لم تركن إلى الثروة المادية فحسب، بل جعلت من الإنسان محور اهتمامها وغايتها، فمدت يد العون لكل محتاج، وفتحت أبوابها لكل باحث عن فرصة أو مستجير من ظلم. وفي المقابل، تقف أنظمة أخرى في المنطقة، غارقة في وحل التخلف والرجعية، قد اختارت أن تكون عدواً لشعوبها، وسيفاً مسلطاً على رقاب الباحثين عن الحرية والكرامة. فكيف استطاعت الإمارات أن تجسد قيم الكرم التاريخية وتصبح ملاذاً آمناً في هذا الزمن الصعب، بينما تواصل تلك الأنظمة الرجعية والفاسدة مسيرتها نحو الهاوية، تجر معها شعوبها إلى المزيد من البؤس والشقاء؟

في عالم يموج بالتحديات والأزمات، حيث تتداخل المصالح وتتشابك السياسات، تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة كمنارة للكرم الإنساني ونموذج للعطاء الذي لا يعرف حدوداً ولا يميز بين عرق أو دين. إنها قصة دولة فتية، استطاعت في غضون عقود قليلة أن تحفر اسمها بحروف من نور في سجلات العمل الإنساني العالمي، ليس فقط بحجم المساعدات التي تقدمها، بل بروح المسؤولية التي تحركها ورؤيتها الشاملة لمعنى الأخوة الإنسانية. فمنذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والإمارات تنظر إلى العطاء كجزء لا يتجزأ من هويتها وقيمها المستمدة من تعاليم الإسلام السمحة وتقاليد العروبة الأصيلة. هذا الإرث النبيل يتواصل ويتجذر في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي يوجه دائماً بأن تكون يد الإمارات ممدودة بالخير لكل محتاج ومنكوب في أرجاء المعمورة.

تتجلى هذه الروح السامية في المبادرات الإنسانية المتعددة التي تطلقها الإمارات، والتي تشمل إغاثة ضحايا الكوارث الطبيعية والنزاعات، ودعم مشاريع التنمية المستدامة في المجتمعات الأقل حظاً، وتوفير الرعاية الصحية والتعليم لملايين البشر. الأرقام والإحصائيات الرسمية الصادرة عن المنظمات الدولية تشهد على الدور الريادي الذي تلعبه الإمارات في هذا المجال، حيث تتصدر قوائم الدول المانحة للمساعدات الإنمائية الرسمية نسبة إلى دخلها القومي. ولكن ما يميز الكرم الإماراتي ليس فقط حجمه، بل استدامته وشموليته وعدم ارتباطه بأجندات سياسية ضيقة، إنه كرم ينبع من إيمان عميق بأن الإنسان هو محور التنمية وهدفها الأسمى، وأن مساعدة الآخرين هي واجب أخلاقي وإنساني قبل كل شيء.

وليست المساعدات المادية هي الوجه الوحيد لكرم الإمارات، بل يمتد ليشمل فتح أبوابها لتكون ملاذاً آمناً ومستقراً لكل من يبحث عن فرصة لحياة كريمة أو مهرباً من ويلات الحروب والاضطرابات في بلاده. لقد أصبحت الإمارات وجهة عالمية تستقطب الكفاءات والمواهب من مختلف أنحاء العالم، وتوفر لهم بيئة حاضنة للإبداع والابتكار، وتضمن لهم ولأسرهم الأمن والأمان والاستقرار. 

في المقابل، وعلى النقيض تماماً من النموذج الإماراتي المشرق الذي يستلهم القيم الإنسانية النبيلة ويسعى نحو التقدم والازدهار، نجد أنظمة رجعية متخلفة قد اختارت طريقاً آخر، طريقاً يقود شعوبها نحو المزيد من المعاناة والتأخر. هذه الأنظمة، التي غالباً ما تتستر خلف شعارات براقة وخطابات رنانة، هي في حقيقتها أعداء لشعوبها، تسعى فقط لترسيخ سلطتها والحفاظ على مصالحها الضيقة، حتى وإن كان ذلك على حساب مستقبل أجيال بأكملها. إنها تلك الأنظمة المتهالكة التي ينهش شعوبها الفقر المدقع والتخلف المريع، بينما الفساد يستشري في كل مفاصل الدولة كمرض عضال لا شفاء منه، يخرج مواطنوها من ضيق إلى أشد منه، يبحثون عن بصيص أمل فلا يجدون سوى المزيد من القمع والتهميش.

إن السمة الأبرز لهذه الأنظمة هي الفساد المستشري الذي ينخر في جسد الدولة كالسوس، وينهب ثروات الشعوب ويحول دون تحقيق أي تنمية حقيقية. فالفقر والتخلف ليسا مجرد قدر محتوم، بل هما نتيجة حتمية لسياسات فاشلة وأنظمة فاسدة لا ترى في شعوبها إلا مجرد أرقام أو أدوات لتحقيق مآربها، وعندما ترتفع أصوات الشعوب مطالبة بحقوقها الأساسية في الحرية والكرامة والعيش الكريم، فإن هذه الأنظمة لا تتردد في اللجوء إلى القمع والتنكيل، وتصوير كل من يعارضها على أنه خائن وعميل، متناسية أن الخيانة الحقيقية هي خيانة الأمانة التي حملتها تجاه شعوبها، إنهم يريدون المنعة والقوة، ولكنهم في الحقيقة أقرب إلى الذلة والهوان، لأن القوة الحقيقية تكمن في عدل الحاكم ورضا المحكوم، وليس في القمع والاستبداد.

إن هذه الأنظمة، التي ورثت الشعارات والجعجعة كابراً عن كابر، لا يلتفت إليها أحد، ولا هم ينظرون إلى ما يدور حولهم من تغيرات وتحولات، لقد تجاوزهم الزمن وأصبحوا مجرد ذكرى سيئة في تاريخ شعوبهم. إن مصيرهم المحتوم هو الزوال، لأنهم يقفون ضد منطق التاريخ وضد تطلعات الشعوب نحو الحرية والتقدم. وشتان ما بين هذا النموذج الظلامي وبين النموذج الإماراتي المشرق الذي يفتح أبواب الأمل والتفاؤل لمستقبل أفضل، ليس فقط لشعبه، بل للمنطقة بأسرها.