تازة وغزة.. وماجاورهما !

بقلم: المختار لغزيوي الاثنين 05 مايو 2025
b0c9a127-8e1e-45c2-ab44-29ad026f7927
b0c9a127-8e1e-45c2-ab44-29ad026f7927

نعم، تازة قبل غزة، وأهلنا في القطاع المنكوب بالقاتلين معا: حماس وإسرائيل، لا اعتراض لهم على الإطلاق، ويفهمونها جيدا، ويقولون "من لاخير له في بلده، أولا وقبل كل شيء، وآخرا وبعد كل شيء، لايمكن أن نثق نحن في مساندته لنا".

بل حتى الكذبة من حملة الشعار هنا، يفهمونها، ويستوعبونها، ويعرفون أنها الحقيقة، وأنها البداهة، وأنها المنطق السليم، لكنها "مامسلكاهوكش"، لذلك يرفضون الإقرار علنا بصحة موقف من يتبنونها.

لماذا؟

لأن هذا الإقرار سيحرمهم من آخر رسم تجاري/سياسي يتوفرون عليه، ويجعلونه مطيتهم التي يركبونها لكي يقضوا، هنا داخل أرض الوطن، الكثير من الأشياء، وغير قليل من الحاجات على رؤوس الناس…أعز الله قدر الجميع.

فلسطين لم تعد قضية.

فلسطين هي بالنسبة لهؤلاء مبرر خروج إلى الشارع، والطريقة الوحيدة التي يقولون بها مكنونهم الحقيقي للجميع، دون خوف من المساءلة.

ذلك أن مكنونهم خطير، بل وخطير جدا. وإذا ماكان الصب مفضوحا دوما بسبب العيون الكاشفة للعشق، فإن الكاره، والحاقد، والجالس معنا رغم أنفه، والحالم لنا بالكوابيس يتمنى مقدمها اليوم قبل الغد، هو الآخر مفضوح، بسبب العيون وكل الأعضاء، وبسبب الكلمات حين الغضب التي تكشف المستور، وتكسر (التقية)، وتهدم كل آيات النفاق.

يظهر المنافق حين الغضب من قلب الدرك الأسفل الذي يحيا فيه العمر كله، وتند عنه بنزق من أراد الله فضحه، كلمة هنا، أو عبارة هناك، أو ضحكة عصبية في مكان ثالث، فيفهم الناس أن كل مديحه ذم، وكل ثنائه هجو، وأنه فقط متورط في لعبة محاولة ستر كرهه للبلاد والعباد هنا بادعاء الحب المفرط، والغلو في النفاق.

لذلك نحب نحن تازة، بصدق ودون نفاق، ونغني لها في أفراحنا "آتازة ياتازة، أنا فحماك آتازة"، ونقسمها إلى العليا والسفلى، وحين نمر قربها نحرص على الصلاة في جامعها الكبير، ونتبرك بوليها "سيدي عزوز مول تازة وذراع اللوز"، ونحفظ له مثل كل المغاربة سر البركة، رغم أننا لانعرف له طريقة ولامريدين ولاشيوخا، ولا أي شيء دقيق، لكنها "النية" عند المغاربة، وهي مسبقة على ماعداها، ويجعلونها في الغالب فيصلهم الذي يحميهم شر المنافقين، ويكشف لهم، مهما طال الزمن، هؤلاء الأخيرين ونفاقهم.

نعم، تازة قبل غزة. بل بالطبع هي بالنسبة للمغربي كذلك.

والمغرب قبل وفوق الجميع، والوطن أقدس من الجماعة، و وطننا يساند فلسطين وعدالة قضيتها قبل أن تنشأ حركة "الإخوان المسلمين"، وقبل أن يتأسس فرعها "حماس"، وهو يفعل ذلك من موقع المقتنع به، لا المجبر عليه، فيد هذا البلد ويد هذه الدولة لاتلوى، وقد خَبَرَ القوم ذلك مرارا، ولكنهم على مايبدو لايفهمون، أو هم، وهذا هو الراجح لدينا، يمثلون دور من لايفهم، ويعتقدون أن سياسة "هبل…تربح" قد تكون الترياق في نهاية المطاف، فيجربونها على سبيل الاختبار.

دعه يجرب إذن، ودعه يتحدث..دعه يعيش، ففي ختام الختام، سيأتي صاغرا يطلب الغفران من تازة وأهلها المغاربة كلهم، وسيقول، كعادته وهو الجبان لكل من يهمهم الأمر: "غلبني الانفعال وصافي…سمحوا ليا".