بأعين جاحظة جاحدة، وبنبرة صوت تعلوها الوقاحة والخبث، استفرغ عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية على وجه مريديه، ما في جعبته من خسة ونجاسة، بعد أن تفوه بأوصاف مخزية في حق الشعب المغربي، ناعتا إياه بـ "الميكروبات" و"الحمير"، غير عابئ بحجم الإهانة التي وجهها لأبناء وطن طالما ادعى أنه يدافع عنهم، ظنا منه أن بإمكانه العودة إلى المشهد السياسي عبر الركوب على كرامة المغاربة، تماما مثل ما تفعله بائعات الهوى عندما تبعن شرفهن تحت ذريعة سد رمق العيش.
لكن من يتفحص مسار "بارون الاتجار في الدين" لن يفاجأ، فهو لم يكن يوما رجل دعوة أو مبادئ كما يزعم، فقد كان منذ بداياته مشروع انتهازي صغير يتسلق عبر الخيانة، ويتربى في حضن السلطوية، ويتحين الفرص الرخيصة لبيع اخوانه كما كانت الرقيق تباع أيام الجاهلية في أسواق النخاسة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
قبل أن يصبح "الزعيم" الذي يتحدث عن الديمقراطية ويزعم المنافحة عن الدين وعن فلسطين، كان بنكيران مجرد "بياع" صغير في صفوف الشبيبة الإسلامية، يقتات على أخبار اخوانه ليرسلها إلى "المخبرين"، حتى انه لم يتردد لحظة في التآمر على الفصائل الطلابية اليسارية، وساهم بشكل مباشر في إجهاض حلقياتهم ونضالاتهم في الجامعات، مستخدما أدوات البلطجة والتخريب، تحت عباءة الدعوة الإسلامية.
ولعل الرسالة الشهيرة التي كتبها إلى إدريس البصري، وذيلها بتوقيعه "خادمكم المطيع عبد الإله بنكيران"، تظل وصمة عار في جبين كل من يحاول تلميع صورة شيخ العملاء والانتهازيين، وتكشف عن حقيقته كـ "سوط سياسي" يطلب الرضا بعبارات تنضح بالذل والخضوع، ويقايض فيها حرية اخوانه ودماء رفاقه بفرصة ممارسة العنف تحت غطاء الدعوة، معبرا عن استعداده ليصبح جلاد البصري و"مشحاطه" في ظهر المعارضين، ليس دفاعا عن الدولة ولا عن الدين، بل تطلعا إلى فتات كراس باردة في دهاليز السلطة.
ويا لها من مفارقة! فبنكيران الذي يعرض اليوم نفسه كشيخ مصلح من على قناته على "يوتيوب"، في برنامج دعوي بعنوان "آية استوقفتني"، هو نفسه الذي ينهال على المغاربة بالشتائم، ويصفهم بأحط الأوصاف، ظنا منه أن طريق العودة إلى الواجهة تمر عبر الحط من كرامة الناس، تماما كما تفعل بائعات الهوى، اللواتي يبعن شرفهن تحت ذريعة سد رمق العيش. الفرق الوحيد هو أن بنكيران يبيع كرامة المغاربة لأولياء نعمته في الشرق لتسويق نفسه سياسيا، ولهذا نقول إنه يمارس العهر السياسي تحت رداء الدين.
لذلك فان ما صدر عن بنكيران ليس زلة لسان، ولا "نرفزة" عابرة، بل استمرار طبيعي لمسار طويل من النفاق والانبطاح والدعارة السياسة، فالرجل الذي تقمص دور المعارض، هو نفسه من حمى الفساد تحت شعار "عفا الله عما سلف"، وقايض تطلعات الشعب بالمناصب، وهو نفسه من هاجم الأساتذة والأطباء والطلبة، وتواطأ على الطبقة الوسطى بسيف الإصلاحات القاسية ثم خرج ليقول "لن أطارد الساحرات" حين تعلق الأمر بمحاسبة من يعبثون بثروات البلاد.
لذلك، فان من يصف أبناء وطنه بالميكروبات والحمير، لا يستحق موقع القيادة، لأن مكانه الطبيعي هو مزبلة التاريخ، حيث ترمى أوراق الخيانة والابتذال السياسي، والمغاربة أذكى من أن تنطلي عليهم ألاعيب شيخ بائع للدين والشرف والمواقف، ليس سوى وجه قبيح بالعهر السياسي المقنع بعباءة الدين، ومن انقلب على اخوانه بالأمس، وعلى المغاربة اليوم، لن يتردد في الانقلاب على أي مبدأ أو قيمة وأي جهة، إذا كان الثمن كرسيا أو مكسبا سياسيا.