عودة النور!

لقلم: المختار لغزيوي الأربعاء 30 أبريل 2025
b0c9a127-8e1e-45c2-ab44-29ad026f7927
b0c9a127-8e1e-45c2-ab44-29ad026f7927

بين استقبال جلالة الملك، الإثنين الأخير، لوزراء خارجية مالي، والنيجر، وبوركينافاسو، في إطار التعاون جنوب/ جنوب، الذي تعتنقه المملكة المغربية باقتناع تام، وبين شكر رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، المغرب لمساعدته القيمة للجارة الشمالية خلال أزمة انقطاع التيار الكهربائي التي مستها اليوم ذاته، أي الإثنين، رابط هام يسمى قيمة ومكانة المغرب بين الأمم. 

أضحى واضحا اليوم للعدو قبل الصديق، وأساسا للعدو المتابع للصغيرة قبل الكبيرة في المغرب، أن بلدنا سبق الآخرين، من المحيطين به، وغيرهم، بسنوات ضوئية، في السياسة كما في الاقتصاد، وفي بقية مناحي العيش الأخرى. 

وأضحى واضحا أيضا أن هذا السبق، الذي يجلب لنا شكر وتنويه أصدقائنا وحلفائنا ومن يريدون لنا مثلما نريد لهم الخير فقط، يثير غيظ من ظلوا عالقين في ستينيات القرن الماضي، وبقيت عقدة النشأة لديهم، وعدم القدرة على الارتقاء، عائقا بنيويا يمنعهم من التقدم، ويمنع عقولهم من الفرح لتقدم الآخرين. 

المغرب لديه مع هؤلاء طريقة اشتغال واحدة هي عدم الالتفات نحوهم، ومواصلة مسيره ومساره غير عابئ إلا بأمر واحد فقط: تنمية نفسه وناسه، مدركا أن المعركة الأهم هي معركة اقتحام المستقبل اقتحاما عاقلا يتفادى كل أخطاء الماضي، ويستفيد فقط من التجارب الناجحة في العالم بأسره، ويقدم، بتواضع لكن باعتداد شديد بالنفس، تجربته الخاصة به التي أبهرت وتبهر وستبهر في عديد المحطات الآخرين، بعدوهم والصديق.

طبعا هناك منغصات عيش تحيط بهذا المسار، الخطير فيها هو فقدانها القدرة على السيطرة على حقدها، ما قد يدفعها لارتكاب الأسوأ: قطع علاقات مع دول صديقة للمغرب، اعتداء بشكل أو بآخر على بنية تحتية لبعض البلدان، تهديد برعايا من أصول تلك البلدان العدوة يوجدون على أراضي أصدقائنا، إلى آخر احتمالات كثيرة لا يستبعدها من يتابعون الوضع، ومن يعرفون أن بعض أعدائنا لديهم مشكل عقلي حقيقي يجعلونه عقيدة سياسة وحكم، وقد يجرهم نحو مستنقعات لا قبل لهم بها إطلاقا. 

نحن غير معنيين بهذه المآزق التي يورط فيها أعداء البلد أنفسهم ودولهم، مع الآخرين، في خضم حربهم على المغرب. 

نحن معنيون بالمغرب فقط، ومعنيون ببناء الإنسان والمجتمع فيه، وتنمية مقدراته والانتقال به دوما وأبدا إلى الحال الأفضل، وكل هذا ونحن متشبثون بهدوء النبوغ المغربي فيما، ومقتنعون بأن العالم سيتعرف على طبيعة من حشرنا الله معهم في الجوار، مثلما قال العظيم الحسن الثاني رحمه الله. 

الحكاية حكاية صبر جميل على الأذى، دامت ردحا غير يسير من الزمن، وشرعت في إعطاء ثمارها الطيبة، من خلال انقشاع الغشاوة، شيئا فشيئا، عن أعين الكل لرؤية ما يقع كما هو فعلا، لا كما قدمته البروباغاندا الكاذبة منذ السبعينيات. 

نسمي هذا الأمر الإيمان بالحق، والإيمان بأن الزمن كشاف، وهو قادر، طالما آمنت بعدالة قضيتك، وكنت مقتنعا أنها مسألة وجودية لا حدودية، وهي جزء منك غير قابل للاقتطاع، على أن ينصرك ويجعل الجميع في صفك، وهذا هو الحاصل حاليا للمملكة الشريفة مع الجميع، من إفريقيا إلى أوربا، فأمريكا، فبقية العالم.

الكل يقول: المغرب كان منذ البدء على حق، فكيف أضعنا كل هذا الوقت في التردد؟ من أطفأ علينا النور وجعلنا غير قادرين على الرؤية الواضحة لهذه الحقيقة، مع أنها ساطعة وتظهر حتى في عز الظلام؟

يبتسم المغرب بهدوء ويرد على السؤال بذكاء يحدد الطريق وتشويره وكل علامات السير فيه: لا بأس إطلاقا، فالتأخر في الوصول خير من... عدم الوصول.